الإثنين ٠٣ / ربيع الآخر / ١٤٤٦
السؤال: سماحة الشيخ على بركة الله نبدأ هذا اللقاء بسؤال للسائل إبراهيم حامد من الرياض يقول: كيف يعرف المسلم أن دعوته على الظالم أجيبت أرجو منكم الإفادة؟
الجواب: باسم الله، والحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فالأفضل أن لا يدعو على الظالم بل يسأل الله له الهداية وأن يرده إلى الصواب وأن يعطيه حقه، فإن دعا عليه فلا حرج على قدر مظلمته، وإذا رأى أنه أصيب بما دعا به فهذه علامة أنها أجيبت دعوته، إذا دعا عليه أن الله جل وعلا يصيبه في كذا في ولده في ماله في سيارته يتبين له إذا وقعت حادثة حوادث، لكن ننصحه في مثل هذا أن لا يدعو على الظالم، بل يدعو الله له الهداية ويسأل ربه أن الله يعوضه عما ظلمه، وأن الله يهدي الظالم حتى يعطيه حقه؛ لأن الدعاء عليه نوع انتصار، نوع من الانتصار، نوع من القصاص، فالأفضل ألا يدعو عليه ولكن يدعو له بالهداية وأن الله يرده إلى الصواب وأن الله يهديه حتى يرد إليه حقه. المقدم: جزاكم الله خيراً.
بَابُ الْآنِيَةِ 16- عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رسولُ الله ﷺ: لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ والْفِضَّةِ، وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهما؛ فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَلَكُمْ فِي الْآخِرَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. 17- وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: الَّذِي يَشْرَبُ فِي إِنَاءِ الْفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. 18- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَعِنْدَ الْأَرْبَعَةِ: أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ. 19- وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: دِبَاغُ جُلُودِ الْمَيْتَةِ طُهُورُها صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ. 20- وَعَنْ مَيْمُونَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: مَرَّ النبيُّ ﷺ بِشَاةٍ يَجُرُّونَهَا، فَقَالَ: لَوْ أَخَذْتُمْ إِهَابَهَا، فَقَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ، فَقَالَ: يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ وَالْقَرَظُ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ. الشيخ: الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه. أما بعد: فهذه الأحاديث الخمسة تتعلق بالأواني وبجلد الميتة: أمَّا الأواني: فالأصل فيها الحِلُّ والإباحة: من الخشب، ومن الحديد، ومن الحجر، ومن الصّفر، ومن غير ذلك، ما عدا الذهب والفضة، فلا يجوز اتِّخاذ الأواني من الذهب والفضة؛ لقوله ﷺ: لا تشربوا في آنية الذَّهب والفضَّة، ولا تأكلوا في صِحافهما؛ فإنَّها لهم في الدنيا –أي: للكفرة- ولكم في الآخرة، وفي لفظٍ: مَن شرب في إناء فيه ذهبٌ أو فضَّةٌ فإنما يُجرجر في بطنه نار جهنم، وفي حديث أم سلمة: الذي يشرب في إناء الفضة إنما يُجرجر في بطنه نار جهنم، وفي روايةٍ لمسلم: في إناء الذَّهب أو الفِضَّة... ولا في الزينة والجمال، بل يجب سدّ باب ذلك؛ لأنَّ استعمالها في الأكل والشرب محرمٌ بالنص، ووجودها في البيت وسيلةٌ لذلك، فلا يجوز اتِّخاذ الأواني من الذهب والفضة، ولو زعم أنها للزينة أو لغير ذلك، فالواجب منع ذلك سدًّا لباب الأكل والشرب فيها والتَّشبه بأعداء الله الكفرة. أمَّا الأحاديث: الثالث والرابع والخامس، فكلها في جلود الميتة، وكلها تدل على أن الميتة إذا دُبِغَ إهابُها حلَّت، فطهوره دباغه، فالميتة من الإبل أو البقر أو الغنم إذا دُبِغ إهابها طَهُرَ بذلك، هي تطهر بالذَّكاة، وميّتها يطهر جلده بالدّباغ. واختلف العلماءُ في غير مأكول اللحم: كجلد الحمار، والبغل، والذئب، والكلب، فقال بعضُهم: يطهر بالدّباغ أيضًا، وقال بعضُهم: لا يطهر بالدّباغ، وأمَّا النص فهو في جلد الميتة المأكولة، فإنَّ موتها لا يُحرِّم جلدها، مثلما قال ﷺ: إنما حرم عليكم أكلها، فإذا دُبِغَ إهابُ العنز أو البعير أو غيرهما من مأكول اللحم طَهُرَ بالدباغ، وجاز استعماله، أمَّا غير ذلك فالأحوط تركه؛ لأنَّ في طهارته نظرًا. وفَّق الله الجميع. الأسئلة: س: ما حكم استعمال الإناء المُمَوَّه والمَطْلِي أو المُكثّف بذهبٍ أو فضَّةٍ؟ ج: ما يصلح، لا يجوز. س: ورواية الدَّارقطني في ذلك؟ ج: لا بأس بها، إسنادها حسنٌ. س: وجلد الذّئب والحمار؟ ج: لا ينبغي استعماله، ولا دبغه. س: مَن استدلَّ على أنَّ الجلود لا تكون حلالًا إلا بحلّ الذي كان حلالًا فقط؟ ج: الميتة حرم علينا أكلها، أمَّا دبغ جلدها فلا بأس، أمَّا ما كان حرامًا في الأصل: كالحمار، والبغل، والكلب، فهذا هو محلّ الخلاف، والأحوط تركه. س: مَن استدلَّ بجواز هذا الذي لا يحلّ أكلُه استدلَّ بماذا؟ ج: بعموم ............، قال: لأنها إذا ماتت نجست فصارت كالحمار ونحو ذلك، هذا مقصوده. 21- وعَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا بِأَرْضِ قَومٍ أَهْلِ كِتَابٍ، أَفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ؟ قَالَ: لا تَأْكُلُوا فِيهَا، إِلَّا أَنْ لا تَجِدُوا غَيْرَهَا؛ فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا فِيهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. 22- وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَأَصْحَابَهُ تَوَضَّؤوا مِنْ مَزَادَةِ امْرَأَةٍ مُشْرِكَةٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ. 23- وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : أَنَّ قَدَحَ النَّبِيِّ ﷺ انْكَسَرَ، فَاتَّخَذَ مَكَانَ الشَّعْبِ سِلْسِلَةً مِنْ فِضَّةٍ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. الشيخ: الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه. أما بعد: فهذه الأحاديث الثلاثة في باب الآنية: حديث أبي ثعلبة الخشني يدل على أنَّه لا بأس باستعمال آنية المشركين عند الحاجة إليها، لكن بعد الغسل، فإنه سأله عن ذلك فقال: لا تأكلوا فيها، إلَّا أن لا تجدوا غيرها؛ فاغسلوها وكلوا فيها، وأهل الكتاب هم اليهود والنَّصارى، وذلك لأنَّ آنيتهم قد تكون فيها الخمر أو آثار الخمر، وقد تكون فيها آثار الذَّبائح التي ذبحوها على غير الشرع، فإذا غُسِلَتْ زال المحذور عند الحاجة إليها والحمد لله. أمَّا إذا علم أنها نظيفة فلا حاجة إلى غسلها، إذا علم أنها سليمة، كما في حديث مزادة امرأةٍ مشركةٍ: أن الرسول ﷺ بعث بعضَ أصحابه يلتمسون الماء، فصادفوا امرأةً معها ماء مزادتين، فسألوها عنها، فقالت: فرغت من الماء البارحة، فذهبوا بها إلى النبي ﷺ ومعها مزادتان، فأمر بحلِّ المزادتين، وأخذوا من مائها ما يكفيهم، ثم أُعيدت المزادتان على ما هي عليه، قُفِلَتْ وعادت مَلْأَ كما كانت أولًا، وهذا من آيات الله، ومن معجزات نبيه ﷺ، فقال لها: لم نَرْزَأَكِ في مائك شيئًا، أخذوا من المزادتين حاجتهم، وعادت المزادتان ملآنتين، وهذا من آيات الله، وجمعوا لها تمرًا وأشياء وأعطوها إيَّاه. فهذا يدل على طهارة أواني المشركين إذا عُلم أنها لا بأس بها؛ لأنَّ هذه كانت مملوءةً ماء، ما فيها شيء؛ فلهذا أخذوا من مائها، ولم يكن به بأسٌ، فإذا علم أنَّ الآنية سليمةٌ نظيفةٌ فلا حاجةَ إلى غسلها. وفي الحديث الأخير -حديث أنسٍ- أنَّ قدح النبي انكسر، فاتَّخذ مكان الشّعب سلسلةً من فضةٍ، والشّعب يعني: الكسر، وهذا يدل على جواز التَّضبيب بالشيء القليل من الفضة عند الحاجة إلى ذلك، ولا يكون ذلك إلا في النَّهي عن استعمال أواني الذهب والفضة؛ لأنَّ هذه حاجة بسيطة، فإذا دعت الحاجةُ إلى تضبيب الشّعب بشيءٍ قليلٍ من الفضة فلا بأس؛ لحديث أنسٍ هذا، وإذا ضبَّبه بغيرها فأحسن وأطيب. فالمقصود أن كونه يُضبب شعب القدح بسلسلةٍ من فضةٍ لا حرج في هذا؛ لفعل النبي ﷺ. وفَّق الله الجميع. الأسئلة: س: السّلسلة بالكسر أم بالفتح؟ ج: سِلْسِلَة، بالكسر. س: ما حكم لبس السِّلسلة من فضةٍ للطفل الصَّغير؟ ج: لا يلبس فضةً ولا غيرها، ولا ذهبًا، إلَّا خاتم الفضة فقط. س: هل يكون من التَّشبه؟ ج: لا يلبس الذهبَ ولا الفضةَ الرجالُ ولو كانوا صغارًا. س: رطوبة الكافر؟ ج: طاهرة، مثل المسلم، إلا البول والغائط، أمَّا عرقه فطاهر. س: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ [التوبة:28]؟ ج: نجس الاعتقاد. س: التَّضبيب بشيءٍ من الذهب؟ ج: ما يجوز، إنما هذا في الفضَّة خاصَّة. س: النَّهي في حديث أبي ثعلبة للتَّحريم أم للكراهة؟ ج: الأصل في النَّهي أنه للتَّحريم. س: المسلمون المُقيمون في بلاد الكفار يسألون عن المُكافأة الحكوميَّة للناس الذين ما عندهم عملٌ، فالدولة تُعطيهم مكافأةً تُعادل تقريبًا ألفي ريـالٍ شهريًّا، فيسألون عن حكمها؟ ج: لا بأس بها، والحمد لله. س: تشترط الحكومةُ أن يكون مَن يأخذها مُقيمًا في البلاد، وبعض الناس يخرجون من البلاد ويأخذون هذه المُكافأة؟ ج: لا بد أن يأخذها بالشرط، لا يجوز أخذها إلا بالشَّرط. س: هم يشترطون أن يكون مُقيمًا؟ ج: لا بد أن يكون بشرطهم. س: بعض الأخوات يسألن عن أنَّ أباهنَّ يُجبرهنَّ على إزالة الحجاب، والذهاب إلى العمل بدون حجابٍ؟ ج: لا يجوز لهن طاعته، لا يُطِعْنَه، إنما الطاعة في المعروف، ولا طاعةَ لمخلوقٍ في معصية الخالق، ولا بُدَّ من الستر. س: ويسألن عن الزواج: فإنَّ أباهنَّ يمنعهن من الزواج؟ ج: يرفعن الأمر إلى المحكمة إذا كانوا في بلاد المسلمين. س: في بلادٍ كافرةٍ؟ ج: يُزوِّجهنَّ غير أبيهن إذا منعهن أبوهنَّ، كأن يُزَوِّجهنَّ إخوانهنَّ فلا بأس. س: رئيس مركز دعوة مثلًا؟ ج: وهنَّ مُسلمات؟ س: نعم. ج: نعم يصير. س: نهي الرسول ﷺ في حديث أبي ثعلبة الخشني: لا تأكلوا فيها؟ ج: إلا أن لا تجدوا غيرها؛ فاغسلوها وكلوا فيها. س: ونهيه هنا يُحْمَل على ماذا؟ ج: الأصل أنه يُحْمَل على التَّحريم، هذا هو الأصل، ومَن قال بالكراهة فعليه الإتيان بالدليل. س: أحد الإخوة يُريد كفالةَ بعض الدّعاة إلى الله ، يقول: لكم ألف وخمسمئة ريـال صدقةً من مالي، فيقول: هل يجوز لي أن أجعلها صدقةً من صدقة النَّافلة أم لا؟ ج: يُعطيها بعض الدّعاة؟ س: نعم. ج: إذا كان فقيرًا فنعم، وهذا من أفضل الصَّدقات، ولو كان من الزكاة؛ إذا كان فقيرًا. س: يقول: بعضُهم غير فقراء، ولكن يُريد أن يصلَهم؟ ج: جزاه الله خيرًا، وتصير هديةً. س: يقول: أنا أجعلها صدقةً؟ ج: ما تصير صدقةً إذا لم يكونوا فقراء. س: ما الضَّابط في تعبيد الأسماء، مثل: الكريم، والحق؟ ج: إذا كان اسمًا من أسماء الله يُعبَّد: عبدالكريم، وعبدالرحيم، وعبدالقدير، وعبدالسميع. س: والكريم؟ ج: الكريم من أسماء الله. س: بالنسبة للكريم: لا بد من التَّعبيد ولا يُسمَّى: كريمًا؟ ج: عبد الكريم، نعم، أمَّا كريم فنكرة. س: نور الله، وحبيب الله؟ ج: ترك هذا أحوط، أيش يُدريه أنه نور الله؟! وأيش يُدريه أنه حبيب الله؟! س: سُمِّيَ هكذا؟ ج: تركه أحسن. س: مسافرٌ دخل مع جماعةٍ، فصلّوا ركعتين، فصلَّى ركعتين بنية القصر، ولا يعلم هل هذا الإمامُ مقيمٌ أم مسافرٌ، فهل صلاته صحيحة؟ ج: وهم أتمُّوا أم قصروا؟ هو صلَّى معهم وقصروا؟ س: هو في أثناء الطريق، ولا يدري: أهذا الإمامُ مقيمٌ أم مُسافرٌ، فدخل معهم بنية القصر، فهم صلّوا ركعتين، فصلَّى معهم ركعتين وسلَّم معهم، ولا يدري: أهذا الإمام مقيمٌ أم مسافرٌ؟ ج: وهم في بلد سفرٍ. س: لا، في أثناء الطريق. ج: هذا قريبٌ من السفر، هذه قرينة أنَّهم مسافرون. س: وإذا تبين أنَّ هذا الإمام مقيمٌ؟ ج: يقضيها. س: يقوم فيُصلي ركعتين أم يُعيد الصلاة؟ ج: إن كانت المدةُ طالت، وإن كان تنبَّه في الحال يقضيها، أقول: إن كان تنبَّه الآن أو بعد ذلك أنه مقيمٌ يُصلِّي أربعًا. س: امرأة يضرّها الحمل، والأطباء قرروا ذلك؟ ج: تستعمل ما يمنع الحمل، لا بأس. س: جرَّبَتْ جميع وسائل منع الحمل، وتسببت لها في أضرار، فهل يجوز لها أن تعمل عمليةً يُسمُّونها: الربط؛ لإيقاف الحمل نهائيًّا؟ ج: ما يُخالف إذا قال الأطباءُ أنه يضرّها. س: الضَّرر يعني: أنها تنام في المُستشفى وضغطها يرتفع؟ ج: والزوج راضٍ؟ س: الزوج راضٍ. ج: لا بأس.