الجواب:
البدع شرُّها عظيم، وعاقبتها وخيمة، وقد قال النبيُّ ﷺ: مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ يعني: فهو مردودٌ، وقال عليه الصلاة والسلام: مَن عمل عملًا ليس عليه أمرُنا فهو ردٌّ يعني: فهو مردودٌ.والشيطان له مع المسلم نزغتان: نزغة إلى البدع، ونزغة إلى التقصير والمعاصي، فأيّتهما أدركها فعلها، فهو يُزين للناس البدع، ويدعوهم إليها، حتى يزيدوا في الدين، ويُزين للناس المعاصي، حتى يقترفوا المعاصي، وينقص دينهم، وينقص إيمانهم.
والاحتفال بالموالد من البدع، كما نصَّ على ذلك شيخُ الإسلام ابن تيمية والإمام الشاطبي وجماعةٌ آخرون بيَّنوا ذلك؛ لأنَّ الرسول ﷺ لم يحتفل بالمولد في المدينة في حياته، ولا خلفاؤه الراشدون، ولا أمر بذلك، ولا أرشد إليه، ولم يفعله المسلمون في القرون المفضلة، وهم أعلم الناس، وأفضل الناس، ولو كان خيرًا لسبقونا إليه.
ولأنَّ الاحتفال بالموالد قد يقع فيها الشرك، كما قال السائلُ، قد يقع فيها أيضًا شرك، فالاحتفال بالمولد وكونهم يجتمعون في ليلة اثني عشر، أو في يوم اثني عشر، أو في أي مكانٍ، يذكرون مولد النبي ﷺ، ويحتفلون به، ووضعوا له نظامًا: من مائدةٍ، أو أكلٍ وشربٍ وغير ذلك؛ هذه بدعة لا أساس لها، والنبي عليه الصلاة والسلام قال في خطبته في الجمعة: إنَّ خير الهدي هدي محمدٍ ﷺ، قال: وشرُّ الأمور مُحدثاتها، وكل بدعةٍ ضلالة، وقال: إياكم ومُحدثات الأمور، فإنَّ كل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة.
وإذا صار مع الاحتفال الاستغاثة بالرسول ﷺ، أو بالأولياء، يقول: يا رسول الله، أغثني، أو اشفني، أو انصرني، أو انصرنا على عدونا. صار هذا شركًا أكبر مع البدعة، شرك أكبر إذا استغاث بالرسول ﷺ، أو بغيره من الموتى، أو بالأصنام، أو بالنجوم، والكواكب، صار شركًا أكبر.
وهذا يقع في كثيرٍ من الناس في الموالد: مولد البدوي، ومولد الحسين، ومولد الشيخ عبدالقادر، ومولد النبي، يقع منهم الشركُ في هذا، يستغيثون بالرسول ﷺ، ويستغيثون بالأولياء، ويدعونهم مع الله، هذا شركٌ أكبر، أعظم من بدعة المولد، والله يقول جلَّ وعلا: وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ [يونس:106] يعني: المشركين، وقال سبحانه: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117]، وقال : ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ [فاطر:13- 14]، فسمَّى دعاءهم: شركًا، فالواجب الحذر من ذلك؟
وعليك أيها السائل أن تستعين بإخوانك الطيبين: من أعمامك، أو جيران والدك الطيبين، حتى ينصحوه، وهكذا مَن يعرفهم من أهل العلم، تقول لهم حتى ينصحوه ويُوجِّهوه إلى الخير، وأنت عليك بالأسلوب الحسن، والكلام الطيب مع والدك، حتى يهديه الله، وحتى يقبل الحقَّ، وحتى يقبل منك ومن غيرك النَّصيحة.
وقد كتبنا في هذا رسائل، وهي موجودة تُوزَّع، بعنوان "التحذير من البدع"، وفيها ما يتعلق بالمولد، وبيان الأدلة على بدعته، وأنه بدعة، وأنه من وسائل الشرك، ودعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، ففي إمكان السائل أن يُراجع المكتب، ويأخذ نسخةً من هذا حتى تُعطيه أباك أو غيره.
وفَّق الله الجميع.