حكم من يَعُدُّ الحجاب والسواك من قشور الدين

السؤال: 

نرى جمعًا من الدُّعاة في هذه الآونة الأخيرة مَن ربط أصول الدين بفروعه، وراحوا يدعون الناس إلى ترك القشور بزعمهم: كقضايا اللحية، والحجاب، والسواك، وقصر الثياب، وغير ذلك، ففتنوا الكثيرين بدعوتهم، فما واجب دعاة الحقِّ تجاه ذلك؟ وما رأي السَّادة العلماء في كتاب "السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث" لمحمد الغزالي؟ بيِّنوا تُؤجروا وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الشيخ: هذا يفعله كثيرٌ من ناقصي العلم، وناقصي البصيرة، وناقصي الخشية لله ، فإنَّ أوامر الله وأوامر رسوله لا يُسمَّى شيءٌ منها: قشورًا، ولا يجوز أن يُسمَّى شيءٌ منها: قشورًا، لا الواجبات، ولا المستحبَّات، بل كلها مقصودة، وكلها خير، وكلها حياة، وكلها نور، كما قال الله جلَّ وعلا: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا سمَّاه الله: روحًا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا [الشورى:52]، فسمَّى الله وحيه: نورًا، وسمَّاه: روحًا، روح تحصل به الحياة، ونور تحصل به الهداية، قال : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ [الأنفال:24]، فسمَّى الله وحيَه: حياة، وقال سبحانه: أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ [الأنعام:122].
وحي الله نورٌ وحياةٌ، ليس فيه قشور، وإكرام اللحية وتوفيرها أمرٌ مقصودٌ، وليس من القشور، وترك الإسبال كذلك أمرٌ مقصود، فالذي يقول: "إنَّ هذا من القشور" هذا غلطٌ، عليه التوبة إلى الله، وأخشى عليه أن يكون مُرتدًّا، نسأل الله السلامة، يجب الحذر من هذا الكلام السيئ، بل يجب أن يعظّم دين الله: الواجب والمستحبّ جميعًا، ويحذر ما حرَّم الله، وما كرهه الله لعباده، ويكون في غايةٍ من الورع، والحذر من زلّات اللسان، وفلتات اللسان الخبيثة.
فالواجب على كل حالٍ: العناية بالأصول والفروع جميعًا، والمقصود من الأصول العمل، ليس المقصود أن تعلم الأصول وتقف، تعرف الأصول وتعمل بمقتضى ذلك، وتدع ما حرَّم الله، وتؤدي ما أوجب الله، ومن ذلك: المحافظة على الصَّلوات في الجماعة، وإكرام اللحية وتوفيرها، وترك الإسبال، إلى غير هذا مما جاءت به الشريعةُ، ولكن بعض الناس لما غلب عليه الشيطانُ وأخذ لحيته وأطال ثيابه أراد أن يحتجَّ بعمله السيئ، وأن يُفند ما فعله الآخرون من أهل الخير والهدى، وهذا كله من طاعة الهوى والشيطان -نسأل الله العافية.
أما كتاب الغزالي: فهو كتابٌ معروفٌ، درسه الكثيرُ من أهل العلم، وردُّوا عليه، واطلعنا عليه أيضًا، وفيه مواضع كثيرة خطيرة، قد أحسن إخواننا في الرد عليه، وأرجو أن يمنَّ الله بوقتٍ حتى نكتب ما تيسر في ذلك إن شاء الله عن قريبٍ.
فتاوى ذات صلة