الجواب:
لا مُنافاة عند أهل العلم بين هذا وهذا، كلاهما قاله النبيُّ ﷺ، قال: لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامَةَ، ولا صفر، ولا نوء، ولا غول نفيًا لما يعتقده العربُ من أن العدوى تُعدي بطبعها، الأمراض تُعدي بطبعها، وأنَّ مَن خالط المريضَ أصابه ما أصاب المريض، هذا غلطٌ، قد يُخالطه ولا يحصل به شيء، هذا واقع ومعروف.ولا طيرة يعني: كانوا يتشاءمون يتطيرون، إذا سمعوا صوتًا لا يُعجبهم تشاءموا ورجعوا عن حاجتهم، أو رأوا شيئًا لا يُعجبهم تراجعوا عن حاجاتهم، فالنبي نهى عن الطيرة: لا طيرة، وسمَّاها: شركًا، فإذا خرج لحاجةٍ ورأى مثلًا شيئًا لا يُعجبه -إنسانًا لا يُعجبه، أو دابَّةً لا تُعجبه- يمشي في حاجته ويقول: اللهم لا خيرَ إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك، ويقول أيضًا: اللهم لا يأتِي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك، هكذا قال النبيُّ ﷺ: إذا رأى الإنسانُ ما يكره يقول: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك، واللفظ الآخر قال: اللهم لا خيرَ إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك، أو سمع صوتًا من غرابٍ أو غيره لا يلتفت لها، يمشي في حاله.
لا هامة الهامة كانوا يتشاءمون بها في الجاهلية يقولون يسمعون روح الميت، يقولون: هذه روح الميت تتكلم، عندما يسمعون صوت البومة -طائر معروف- يُسمّونها: الهامة، ويقولون: هذه تنعى الميت، وأن صاحب البيت يموت، كل هذه خُرافات لا أصلَ لها، ويقولون: إنها تأتي إلى الأموات، تطير عند القبور، كل هذا لا أصلَ له.
ولا صفر الشهر المعروف صفر، يتشاءم منه أهلُ الجاهلية، فأبطل النبيُّ ﷺ ذلك، وقال بعضُهم: إنَّ صفر داءٌ في البطن يتشاءم به أهلُ الجاهلية، فأبطله النبيُّ عليه الصلاة والسلام.
ولا نَوء كانوا يتشاءمون ببعض الأنواء -بعض النجوم- فأبطلها النبيُّ ﷺ.
ولا غُول الغُول: مُخبّلات الجن، ويُقال لها: الثعالب، كانوا يتشاءمون بها ويقولون: إنها تفعل بنفسها، وأنها تضلّهم عن الطريق، وأنها تَصَرَّف بنفسها، فأبطل النبيُّ ﷺ ذلك، وأنها لا تصرف لها بنفسها، بل هي من مخلوقات الله، إذا رآها الإنسانُ يتعوَّذ بكلمات الله التامَّات من شرِّ ما خلق، ويكفي، ويُشرع له الأذان عند رؤية الشياطين، كما في الحديث: إذا تغوَّلت الغيلانُ فعليكم بالأذان، وفي الحديث: إن الشيطان إذا سمع النِّداء فرَّ، إذا سمع الأذان، فالسنة إذا رأى الإنسانُ ما يُخيفه من أزوال يظنّها جنًّا أن يرفع صوته بالأذان، فهي تطرد ذلك.
والجواب عن: فرّ من المجذوم، وعن الحديث الآخر: لا يُورِد مُمرضٌ على مُصحٍّ، الجواب عنه: معناه: أنه لا يجوز أن يعتقد بالعدوى، ولكن لا بأس أن يتعاطى الأسباب مع كونه لا يعتقد العدوى، وأن الأمراض تُعدي بطبعها، لا، ما تُعدي بطبعها إلا بإذن الله جلَّ وعلا، إذا أراد ذلك وقعت العدوى، لكن أن يجتنب الأسبابَ ويبتعد عن أسباب الأمراض التي تُعدي، التي من عادتها ومن طبعها أنها تنتقل في الغالب، لا يُخالط أهلها: كالجذام، في الغالب أنه ينتقل، فلا يُخالط، وجاء في بعض الأحاديث عنه ﷺ أنه جاءه وفدٌ يُبايعونه وفيهم مجذوم، فقال: ارجع، فقد بايعتُك، بايعه من دون مماسَّةٍ، وجاء عنه أنه أكل مع المجذوم وقال: كُلْ بسم الله، ثقةً بالله، فإذا وثق الإنسانُ وتساهل ولم يُبال؛ فلا بأس، وإن اتَّقى الأمراض التي يخشى منها؛ فلا بأس.
وهكذا: لا يُورِد مُمرضٌ على مُصحٍّ يعني: لا يجوز لصاحب الإبل المراض، أو البقر المراض، أو الغنم المراض، لا يُوردها مع صاحب الإبل الصَّحيحة، والبقر الصحيحة، والغنم الصحيحة، يكون لهذا وقت، ولهذا وقت؛ لأنه يخشى أن يكون مع الخلطة أن تنتقل هذه الأمراض إلى الصَّحيحة، من باب اتِّقاء الأسباب، من باب البُعد عن الأسباب التي يخشى منها، وليس من باب العدوى، من باب البُعد عن الأسباب التي يخشى منها الشرّ.
ولا صفر الشهر المعروف صفر، يتشاءم منه أهلُ الجاهلية، فأبطل النبيُّ ﷺ ذلك، وقال بعضُهم: إنَّ صفر داءٌ في البطن يتشاءم به أهلُ الجاهلية، فأبطله النبيُّ عليه الصلاة والسلام.
ولا نَوء كانوا يتشاءمون ببعض الأنواء -بعض النجوم- فأبطلها النبيُّ ﷺ.
ولا غُول الغُول: مُخبّلات الجن، ويُقال لها: الثعالب، كانوا يتشاءمون بها ويقولون: إنها تفعل بنفسها، وأنها تضلّهم عن الطريق، وأنها تَصَرَّف بنفسها، فأبطل النبيُّ ﷺ ذلك، وأنها لا تصرف لها بنفسها، بل هي من مخلوقات الله، إذا رآها الإنسانُ يتعوَّذ بكلمات الله التامَّات من شرِّ ما خلق، ويكفي، ويُشرع له الأذان عند رؤية الشياطين، كما في الحديث: إذا تغوَّلت الغيلانُ فعليكم بالأذان، وفي الحديث: إن الشيطان إذا سمع النِّداء فرَّ، إذا سمع الأذان، فالسنة إذا رأى الإنسانُ ما يُخيفه من أزوال يظنّها جنًّا أن يرفع صوته بالأذان، فهي تطرد ذلك.
والجواب عن: فرّ من المجذوم، وعن الحديث الآخر: لا يُورِد مُمرضٌ على مُصحٍّ، الجواب عنه: معناه: أنه لا يجوز أن يعتقد بالعدوى، ولكن لا بأس أن يتعاطى الأسباب مع كونه لا يعتقد العدوى، وأن الأمراض تُعدي بطبعها، لا، ما تُعدي بطبعها إلا بإذن الله جلَّ وعلا، إذا أراد ذلك وقعت العدوى، لكن أن يجتنب الأسبابَ ويبتعد عن أسباب الأمراض التي تُعدي، التي من عادتها ومن طبعها أنها تنتقل في الغالب، لا يُخالط أهلها: كالجذام، في الغالب أنه ينتقل، فلا يُخالط، وجاء في بعض الأحاديث عنه ﷺ أنه جاءه وفدٌ يُبايعونه وفيهم مجذوم، فقال: ارجع، فقد بايعتُك، بايعه من دون مماسَّةٍ، وجاء عنه أنه أكل مع المجذوم وقال: كُلْ بسم الله، ثقةً بالله، فإذا وثق الإنسانُ وتساهل ولم يُبال؛ فلا بأس، وإن اتَّقى الأمراض التي يخشى منها؛ فلا بأس.
وهكذا: لا يُورِد مُمرضٌ على مُصحٍّ يعني: لا يجوز لصاحب الإبل المراض، أو البقر المراض، أو الغنم المراض، لا يُوردها مع صاحب الإبل الصَّحيحة، والبقر الصحيحة، والغنم الصحيحة، يكون لهذا وقت، ولهذا وقت؛ لأنه يخشى أن يكون مع الخلطة أن تنتقل هذه الأمراض إلى الصَّحيحة، من باب اتِّقاء الأسباب، من باب البُعد عن الأسباب التي يخشى منها، وليس من باب العدوى، من باب البُعد عن الأسباب التي يخشى منها الشرّ.
هذا هو معنى الحديث عند أهل العلم، فيتَّقي الأسباب مع اعتقاده أنه لا عدوى إلا بإذن الله، وأنَّ المراد: لا تُعدي بطبعها، فكم من مريضٍ خالط أصحاء فلم يُصبهم إلا خير، وكم من جرباء وقعت في ..... ولم تُجرب، وكم من شخصٍ خالط جذماء فلم يُصب بجذامهم؛ لأنَّ الله لم يُرد ذلك.
لكن المؤمن مأمورٌ بالبعد عن الأسباب الضَّارة، كما يبتعد عمَّا يضرُّه من حيات، وعقارب، وذئاب، يحذر الأسبابَ التي تضرُّه، ويأخذ السلاح عند الحاجة؛ من باب الأخذ بالأسباب.