حكم ادّعاء معرفة مكامن المياه الجوفية

السؤال:
نُقرئك السلام، ونُشهد الله على محبَّتك، يلجأ بعضُ الناس إلى أشخاصٍ يدَّعون أنَّهم يعرفون مكامن المياه الجوفية، بحيث يعرف أنَّ في هذا المكان ماءً دون الآخر، والبعض منهم يدَّعي أنه يعرف مكان الماء الموجود بكثرةٍ، وهو في منطقة بعيدة عن المكان المراد معرفة الماء فيه.
والسؤال: ما حكم الذّهاب إلى مثل هؤلاء والاستعانة بهم في الكشف عن مكان يُوجد فيه ماء؛ لحفر الآبار؟

الجواب:
أولًا: أقول: أحبَّكم الله الذي أحببتنا له، وهذا شأن المسلمين، التَّحاب في الله من شأن المسلمين، وهو من أسباب دخول الجنة، والنَّجاة من النار، ومن أسباب أن يُظِلَّ اللهُ العبادَ في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظله، كما في الحديث الصَّحيح: سبعةٌ يُظِلُّهم الله في ظلِّه، ذكر منهم: رجلين تحابَّا في الله، اجتمعا عليه، وتفرَّقا عليه، وقال عليه الصلاة والسلام: يقول الله : وجبت محبَّتي للمُتحابين فيَّ، والمُتباذلين فيَّ، والمُتجالسين فيَّ، والمُتزاورين فيَّ خرجه الإمام مالك رحمه الله بإسنادٍ صحيحٍ.
وفي الصحيح: أنَّ رجلًا كان يُحب شخصًا في قريةٍ، فزاره في قريته، فأرصد الله على مَدْرَجَتِه –يعني: على طريقه- ملكًا، كلما مرَّ عليه سأله: أين تريد؟ قال: إلى فلان، قال: فهل لك من نعمةٍ تربّها عليه؟ قال: لا، إلا أني أُحبُّه في الله، قال المَلَكُ: إني رسول الله إليك أنَّ الله يُحبُّك كما أحببتَه أو كما قال عليه الصلاة والسلام عن الله .
المقصود أن التَّحابَّ في الله من أعظم القُربات، ويوم القيامة يقول الله : أين المُتحابُّون بجلالي؟ اليوم أُظلّهم في ظلِّي يوم لا ظلَّ إلا ظلي.
أما ما يتعلق بالمياه: فهذا ذكر العلماء أنها تُعرف بأدلةٍ، منهم ابن القيم رحمه الله وغيره، ذكروا أنَّ المياه تُعرف بأدلةٍ: منها الهواء، ومنها النبات، ومنها مجاري المياه، ومنها الشجر، إلى غير ذلك، هم يعرفونها بأسبابٍ، وقد يُخطئون، لكن في الغالب أنَّهم يُصيبون، يعرفون محلّات المياه القريبة والبعيدة والعميقة وغيرها بأدلةٍ حسيةٍ جرَّبوها وتوارثوها، لكنَّ بعض الناس قد يُسرف، وقد يدَّعي كذبًا أشياء أخرى، كأن يقول: إني أعرف الماء في المحل الفلاني، وهو ما شافه، ولا رآه، هذا يكذب، إلا أن يكون أخبره ناسٌ عن خبرةٍ، زاروا المحلَّ وشافوه، وإلا فهذا قد يكون دعوى كذب، وإذا ادَّعى أنه يعلم الغيبَ صار كافرًا.
لكن بعض الناس قد يتجرأ على هذا؛ ليُظهر للناس أنه بصير، وأنه عالم بهذه الأشياء، فإذا كان خبره عن هذا: عن الزيارة للبلد، أو أن الناس أخبروه بمَن يعرفون هذا الشيء فلا بأس، أما أن يدَّعي ذلك بمجرد الكذب، أو بمجرد الخرص، هذا لا يجوز.
الحاصل أنَّ هذا معروفٌ، يوجد في حائل، وفي غير حائل، الناس يعرفون هذا الشيء، وقد جرَّبهم الناس، وقد بلغنا عن ذلك شيء كثير، يعني: جربهم الناس وعرفوا، جاء ناسٌ نعرفهم في الخرج وفي غير الخرج أحضروا أناسًا منهم وأخبروهم بمواضع، وهذه المواضع فيها ماء، وهذه المواضع هنا وهنا وهنا ليس فيها ماء، وحفروا في المواضع التي ذكروها فوجدوا طيبًا، وفي المواضع الأخرى تعبوا فيها ما وجدوا فيها ماء، هذا موجودٌ معروفٌ، لكن بعض الناس قد يزيد وقد يكذب ليُرَوِّج سلعته، وإلا فالأمر واقع.
فتاوى ذات صلة