الجواب:
لا شك في وقوع الطلقتين السابقتين وإنما الإشكال في وقوع الطلقة الثالثة، وللعلماء في مثلها قولان:
أحدهما: عدم الوقوع إذا كان الغضب شديدا وأسبابه واضحة.
والثاني: وقوع الطلاق إذا لم يكن الغضب قد أزال شعوره وألحقه بغير العقلاء، أما مجرد الغضب فلا يمنع وقوع الطلاق عند الجميع.
وبذلك يعلم أن الغضبان له ثلاث حالات:
إحداها: يقع فيها الطلاق إجماعا؛ وهي ما إذا كان الغضب عاديا لا يوصف بالشدة.
الثانية: لا يقع فيها الطلاق إجماعًا؛ وهي ما إذا كان الغضب قد اشتد حتى زال معه الشعور وصار صاحبه في عداد المعتوهين.
والثالثة: ما بين ذلك وهي محل الخلاف، والأرجح فيها عدم الوقوع؛ لأن الغضبان إذا اشتد به الغضب لم يضبط نفسه ولم يملك القدرة على عدم إيقاع الطلاق؛ لأن شدة الغضب تلجئه إلى إيقاعه ليفرج عن نفسه ما أصابها ويدفع عنها نار الغضب فهو بمثابة المكره.
وقد ذكر هذه الأحوال الثلاث جمع من أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم رحمة الله عليهما واختارا عدم الوقوع في الحالة الوسطى وألحقا صاحبهما بالمكره وبمن زال عقله. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه[1].
أملاه الفقير إلى الله تعالى
عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الرئيس العام لإدارات
البحوث العلمية والإفتاء
- صدرت برقم (2928) في 29/12/1393هـ. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 21/ 372).