الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فقد دل كتاب الله العزيز وسنة رسوله الأمين عليه الصلاة والسلام على عظم شأن الوالدين وعلى عظم حقهما وعلى وجوب برهما، فالواجب على الولد أن يحرص على بر الوالدين، وأن يخصهما بمزيد عناية؛ لأن الله يقول: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الإسراء:23] الآية، وفي معناها آيات أخرى، وقال جل وعلا: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان:14]، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم، وجاءه رجل يشتكي أن أباه اجتاح ماله، فقال: أنت ومالك لأبيك.
فالواجب عليك أن تتحرى ما يرضي والدك، وأن تحرص على إقناعه بالأسلوب الحسن والعبارات اللطيفة، فتدع لولدك وأهل بيتك ما يكفيهم، وتعطيه ما يعينه على نفقة عائلته، وبذلك يحصل لك الأجر العظيم وبر والدك.
أما إن كان النصف الذي يبقى لك لا يكفي حاجتك أو لا يزيد عن حاجتك فلا يلزمك: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، وقد دل على هذا قوله ﷺ: لا ضرر ولا ضرار، حق الوالدين عظيم، ولكن لا ضرر ولا ضرار إذا كان الباقي من راتبك بقدر حاجتك من دون إسراف ولا تبذير، فلا يلزمك أن تعطيه الزيادة، لكن تعتذر إليه بالعبارات الحسنة وبالأساليب الطيبة، أو توسط بعض أقاربك حتى يعتذروا عنك وحتى يرضوه عنك، هذا هو الذي ينبغي لك في هذه المسألة.
أما إن كان عندك قدرة على الزيادة وأن تخفض النصف وتعطيه زيادة على النصف وأن هذا يكفيك ويكفي من تحت يدك، حاجة متوسطة ليس فيها إسراف ولا تبذير فافعل ذلك.
والخلاصة: أنك تجتهد في إرضاء والدك، لكن من دون ضرر عليك، وعلى أهل بيتك؛ لأن عليك حقًا لزوجتك وأهل بيتك أولادك، وعليك حق لوالدك، فإذا جاء الضرر قدمت حاجة نفسك وحاجة ولدك، وليس لوالدك إلا ما فضل وزاد على هذا، لما تقدم من قوله ﷺ: لا ضرر ولا ضرار، ولقوله ﷺ: ابدأ بنفسك ثم من تعول، فأنت تبدأ بنفسك وأبوك ممن تعول، فتبدأ بنفسك وأهل بيتك، ثم تعطي والدك ما زاد مما يسد حاجته ويعينه على نفقة عياله، يسر الله أمرك وأعانك وبارك لك وعليك وأغنى والدك.
المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيرًا.