الجواب:
لأن الله سبحانه هو وعد بالمغفرة، وعد المسلمين بالمغفرة، فهي بهذا المعنى أرجى آية، ولو ماتوا على ذنوب عظيمة إذا تابوا منها، هذه الآية أجمع العلماء -رحمة الله عليهم- على أنها في التائبين، وهي قوله سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا [الزمر:53] يعني: للتائبين، في الشرك، وما دونه، من تاب إلى الله؛ تاب عليه توبة صادقة، إذا ندم على ما مضى منه، وأقلع منه، وعزم ألا يعود فيه؛ تاب الله عليه، سواءٌ كان شركًا، أو زنا، أو خمرًا، أو غير ذلك، المهم أن يندم ندمًا صادقًا عليه، وأن يقلع منه، ويتركه؛ خوفًا من الله، وتعظيمًا له، وإخلاصًا له، ويعزم عزمًا صادقًا ألا يعود فيه، هذه شروط ثلاثة:
الشرط الأول: الندم على الماضي.
الشرط الثاني: الإقلاع منه، وتركه، والحذر منه؛ تعظيمًا لله، وطاعة لله.
والشرط الثالث: العزم الصادق ألا يعود فيه.
فإذا توفرت هذه الشروط الثلاثة؛ فإن الذنوب تغفر بإجماع المسلمين؛ لهذه الآية الكريمة؛ ولعموم قوله -جل وعلا-: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31] ولقوله سبحانه: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ [آل عمران:135-136].
فمن تاب من الذنب، ولم يصر عليه؛ تاب الله عليه، سواء كان الذنب شركًا، أو معصية، هذا بإجماع المسلمين، لكن إذا كان الذنب حقًا لإنسان يعني ظلم، فلابد يعطيه حقه، من تمام التوبة أن يعطيه حقه.
الشرط الرابع: إذا كان الذنب يتعلق بالمخلوق، ضربه، أو أخذ ماله، أو قتله؛ لابد يعطيه حقه، القصاص في القتل، وإعطاء حق المال، وهكذا إذا ظلمه بشيء آخر يستحله، هذا شرط رابع، لابد من إعطاء صاحب الحق حقه إذا كان الحق للمخلوق.
المقدم: أحسن الله إليكم سماحة الشيخ.