أيها الإخوة، أول رسالة نستعرضها اليوم وردت إلينا من المستمع عمر محمود، من جمهورية مصر العربية الشرقية، يقول: لي زوجة طيبة مطيعة وقورة، وهي تذهب إلى العمل في غير ما تبرج ولا زينة، ولكني أنا لست راضٍ عن عملها هذا، ولا أريد منها الذهاب، واختلفنا على ذلك، وحلفت عليها بالطلاق بقولي: علي الطلاق ما أنت ذاهبة إلى العمل مرة أخرى.
الشيخ: علي...؟
المقدم: علي الطلاق ما أنت ذاهبة إلى العمل مرة أخرى، وكررت هذه الكلمة مرتين، وفي الثالثة قلت: علي الطلاق بالثلاث ما أنت ذاهبة إلى الشغل في السنة القادمة، وكان ذلك في جلسة واحدة، وكان غرضي ونيتي هو المنع من العمل، وكانت هي في ذلك الوقت في إجازة وضع لمدة ثلاثة أشهر، وكنت أريد أن نستفيد من مرتبها خلال هذه الإجازة في تسديد ديوننا، وبعدها لن تذهب إلى العمل، ولم تذهب إلى العمل في هذه المدة، وكانوا يرسلون إليها مرتبها، وبعدما انتهت مدة إجازتها، وحان وقت عودتها إلى العمل، ناقشني أحد أقاربي في ذلك بقصد رغبته في ذهابها إلى العمل، فقلت له: علي الطلاق ما هي ذاهبة، وكررت هذا اللفظ مرة أخرى، وكان ذلك أيضًا في جلسة واحدة، وكان غرضي ونيتي هذه المرة هو الطلاق إن هي ذهبت إلى العمل.
الشيخ: أعد.
المقدم: نعم.
الشيخ: أعد.
المقدم: يقول: وبعدما انتهت مدة إجازتها، وحان وقت عودتها إلى العمل، ناقشني أحد أقاربي في ذلك، أي: يريد أن تذهب إلى العمل، فقلت له: علي الطلاق ما هي ذاهبة الشغل، وكررت هذا اللفظ مرة أخرى، وكان ذلك في جلسة واحدة، وكان غرضي ونيتي هذه المرة هو الطلاق إن هي ذهبت إلى العمل.
وفي اليوم المحدد لعودتها إلى العمل قلت لها: إن ذهبت الشغل فلن تكوني زوجة لي، كتأكيد ليميني السابق، ولكنها ذهبت إلى العمل، فما الذي يأمرني به ديني في هذه الحالة؟ وهل هذه الأيمان طلاقًا رجعيًا أم طلاقًا بائنًا لا رجعة فيه، مع العلم أنها الآن تعيش معي، وتتمسك بالبقاء معي، وترفض مغادرة منزلي، والذهاب إلى منزل أبيها.
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فإن الواجب على المرأة السمع والطاعة لزوجها فيما أباح الله، لا في المعصية، وكونه السائل منعها من الذهاب إلى العمل هذا ليس بمعصية، بل أمر له حق فيه، فالواجب عليها أن تسمع وتطيع له في ذلك، وألا تذهب إلى العمل، وقد نوى في الطلاق الأول المنع فقط، فيكون عليه في ذلك كفارة يمين بسبب ذهابها إلى العمل؛ لأنه لم يقصد إلا منعها فقط، وهذا هو الصواب من قولي العلماء فيما إذا علق الزوج الطلاق على أمر يقصد منعًا منه، أو الحمل عليه، أو التصديق أو التكذيب، هذا هو المختار عند جمع من أهل العلم.
أما طلاقه الأخير فقد أراد به إيقاع الطلاق وقد كرره مرتين.
والجواب عن ذلك: إن كان أراد به التكرار إيقاع الطلاق في المرة الثانية كالأولى، وقد وقع عليها طلقتان، وبقي لها واحدة، وله مراجعتها ما دامت في العدة، وإن كان لم يرد إيقاع الطلاق في المرة الثانية حين كرر، وإنما أراد تأكيد الكلام السابق، أو إفهامها فإنه لا يقع بذلك إلا طلقة واحدة، ويبقى لها طلقتان، وله مراجعتها ما دامت في العدة؛ لقول النبي ﷺ: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى وقد نوى في الطلاق الأخير إيقاع الطلاق فيقع ما قال، والله ولي التوفيق، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.