الجواب:
القنوت مشروع في الليل، وليس في العشاء، بل بعد العشاء إلى آخر الليل، هذا مشروع عند الجميع، القنوت في الليل مشروع عند جميع أهل العلم، سنة، الوتر بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، ويشرع فيه القنوت؛ لحديث الحسن بن علي قال: علمني الرسول كلمات أقولهن في قنوت الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت.. الحديث، فهذا المشروع، الوتر عند الجميع.
أما القنوت: فلست أدري عنه الآن هو محل إجماع، أو محل خلاف، لكنه سنة بلا شك، وإن لم يكن فيه إجماع، وهو سنة لحديث الحسن ، في قنوت الوتر في الليل.
أما القنوت الذي يفعله بعض أهل العلم في الصباح: كالشافعية والمالكية، فهو -على الصحيح- غير مشروع، إلا في النوازل، إذا حدث نازلة بـالمسلمين، مثل عدو أحاط بالبلد، أو ببلد من بلدان المسلمين، يقنتوا في الفجر، وفي غير الفجر، للدعاء عليه.
أما القنوت الدائم في الفجر، فهذا غير مشروع على الصحيح، وقد احتج من قال بـشرعيته، بحديث جاء عن أنس أنه قال: "فأما في الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا" لكنه حديث ضعيف، وجاءت الأحاديث تفسره بأنه لم يزل يقنت، يعني: في النوازل خاصة.
وأما من قال: إنه لا يشرع في الصبح، فحجته أظهر، وهو ما رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وغيرهم عن النبي ﷺ عن سعد بن طارق قال: "قلت لأبي طارق بن أشيم: يا أبتاه إنك صليت خلف رسول الله ﷺ، وخلف أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني محدث" فهذا الحديث يدل على أنه محدث، وأنه لا ينبغي في الصبح إلا في النوازل، أما كونه يفعل دائمًا، فالصواب أنه محدث، ولا يشرع.
والذين قالوا بشرعيته، لعله خفي عليهم هذا الحديث، ما بلغهم هذا الحديث، حديث سعد بن طارق، ولو بلغهم لقالوا به، لكن لعله لم يبلغهم، أو بلغهم وتأولوه على غير ظاهره.
فالحاصل: أن الصواب والأرجح: أن القنوت يكون في الوتر في الليل، وفي النوازل أيضًا في الفجر وغيرها النوازل، أما الاستمرار على القنوت في صلاة الفجر دائمًا، فهذا الصواب تركه، وأنه ليس بمشروع لحديث طارق بن أشيم، هذا الذي سمعته، والعبادات توقيفية، لا يجوز منها إلا ما قام عليه الدليل، ولكن لو صلى الإنسان خلف واحدٍ من هؤلاء فلا بأس، يتابعه في ذلك؛ لأنه له شبهة في هذا الشيء، فلا حرج إذا صلى مع واحد يقنت في الفجر، وتابعه لا حرج في ذلك، لكن ينصح من يفعل ذلك، ينصح بأن الأفضل والأولى والأرجح ترك ذلك؛ لأن طارقًا ذكر أن هذا محدث، وأنه ليس من عادة النبي ﷺ، ولا عادة أصحابه خلفائه الراشدين، وما كان كذلك؛ فالواجب تركه، إلا إذا وجد سبب لذلك، من جنس ما تقدم، كجنس النوازل، نعم.