حكم الهجرة من بلاد المسلمين

السؤال:

حضرت كلمة لرجل ألقاها في بعض الأمكنة، وقرأ حديث لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد، ونية ثم قال: إنه لا يجوز الهجرة من بلاد المسلمين إلى بلد آخر بحجة أن الدين ضعف، وقال: لا هجرة بعد الفتح، فما الرد عليه؟ 

الجواب:
الهجرة هجرتان، هجرة واجبة مفترضة، وهجرة فيها خلاف، هل تفترض، أو تستحب؟!

فالهجرة الواجبة مع القدرة: كالهجرة من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام، إذا لم يستطع إظهار دينه، وبيان ما أوجب الله عليه من توحيد الله، والإخلاص له، والبراءة من الشرك، وأهله، وإظهار ما أوجب الله من الشعائر، هذه واجبة كما هاجر المسلمون من مكة إلى المدينة لما حصل من الكفار من المضايقة، والأذى.

والهجرة الثانية: الهجرة من بلاد المسلمين إذا ظهرت فيها المعاصي، والبدع، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنها تجب إذا ظهر في أي بلد البدع، والأهواء، والمنكرات، مثل: الزنا، والخمور، ونحو ذلك، وجب الهجرة عند جمع من أهل العلم، وقال آخرون: لا تجب، ولكن يجب على المؤمن أن ينكر المنكر حسب طاقته بيده، ثم لسانه، ثم قلبه، كما جاءت به الأحاديث، ولا تجب الهجرة. 

فمن قال بوجوبها قال: لأن المعنى في الهجرة الكبرى سلامة الدين، وكذلك هنا إذا هاجر، فإنه إذا بقي بين العصاة، أو الجاهلين، وبين أهل البدع، يخشى عليه أن يصيبه ما أصابهم من البدع، والجهار بالمعصية، فالقول بهجرته من بين المسلمين المجاهرين بالمعاصي، قول قوي حتى يسلم دينه من هذه البدع، وهذه المعاصي الظاهرة.

ومن قال لا تجب قال: إن النبي ﷺ قال: من رأى منكم منكرًا؛ فليغيره بيده ولم يقل: فليهاجر، فلهذا لا تجب الهجرة من المعاصي، ولكن تجب من بلاد الشرك.

فتاوى ذات صلة