إذا اشتد القتال بينه وبين أعداء الله ولم يتيسر لهم أداء الصلاة على الوجه المطلوب فإنهم يؤخرونها إلى ما بعد، ولو كانت لا تجمع، ولو أخروها إلى صلاة لا تجمع إليها كالعصر إلى المغرب، والصبح إلى ما بعد طلوع الشمس، كما في قصة تستر في حربهم للفرس مع أبي موسى ، حاصروا تستر ليلة فاشتد القتال عند طلوع الفجر، وصار بعض الناس على الحيطان فوق على السور، وصار بعضهم مشغولاً بأبواب المدينة، والقتال عند الباب لفتحه، وصار البعض قد نزل في المدينة فاشتد القتال، وعظم الأمر فأخروا الصلاة حتى صلوها ضحى بعدما اشتد الضحى بعدما فتح الله عليهم، ولم يصلوها في الوقت؛ لأن الصلاة ذاك الوقت غير متيسرة، وغير ممكنة، حتى للأفراد، كل مشغول بنفسه، ومشغول بعدوه، قال أنس : ما يسرني أن لي بها الدنيا كلها، يعني: ما يسرني أن لي بدل هذه الصلاة المتأخرة الدنيا وما عليها؛ لأنها أخرت في ذات الله، وفي سبيل الله، وفي جهاد أعدائه.
تفسير القرآن العظيم (ابن كثير) (من قوله: وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ..)
تفسير القرآن العظيم (ابن كثير) (من قوله: وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ..)