الجواب:
هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم -رحمهم الله- فمنهم من قال: إن المأموم ليس عليه قراءة الفاتحة، كما أخبرك هؤلاء الذين أخبروك وقالوا: إن عليه أن ينصت في حال الجهرية، وأنه يتحمل عنه الإمام القراءة حتى في حال السرية.
وبعض آخر من أهل العلم قالوا: إنه يقرأ في حال السر، ولا يقرأ في حال الجهر، بل يستمع وينصت؛ للآية الكريمة التي تلوت وهي قوله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا [الأعراف:204]، ولحديث: إذا قرأ الإمام فأنصتوا.
والقول الثالث: أنه يلزمه أن يقرأ الفاتحة في السرية والجهرية جميعًا؛ للحديث الذي ذكرت وهو قوله ﷺ: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب؛ ولقوله ﷺ في الحديث الآخر: لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟ قلنا: نعم، قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها خرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وجماعة بإسناد جيد، وله شواهد.
وهذا القول أصح الأقوال الثلاثة، وأن المأموم يقرأ الفاتحة في السرية والجهرية مع إمامه، ثم ينصت ويكون هذا الحديث وما جاء في معناه مخصصًا للآية الكريمة: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا [الأعراف:204] هي عامة والحديث يخصها، والقاعدة الشرعية: أن الخاص يقضي على العام ويخصه.
وبهذا تعلم أنه لا معارضة بين الحديث والآية، فالآية عامة والحديث في قراءة الفاتحة للمأموم خاص، والخاص يحكم به على العام، ويقضى به على العام، فنصيحتي لك ولكل مسلم أن يقرأ خلف الإمام الفاتحة مطلقًا في الجهرية والسرية، ثم ينصت بعد قراءة الفاتحة، ينصت لإمامه، وإذا كان للإمام سكوت قرأ في حال السكوت، وإن كان ما له سكوت قرأ ولو كان إمامه يقرأ، فإذا فرغ من الفاتحة أنصت لإمامه، وفق الله الجميع، نعم.
المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيرًا.