الجواب: هذا العمل لا يجوز بل هو منكر بل هو شرك؛ لأن قصدهم التوجه إلى هؤلاء ليحفظوا سياراتهم وليحفظوا ركابهم، ولهذا يكتبون عليها: يا فلان يا فلان أو يا رسول الله أو يا علي أو ما أشبه ذلك، كل هذا لا يجوز وكله من الشرك الأكبر؛ لأنه استغاثة بغير الله ولجأ إلى غير الله، ودعاء لغير الله، يقصدون من هذا أن يمدهم بما يسبب سلامة رحلتهم وسيرهم في الداخل أو في الخارج، فلا يجوز مثل هذا العمل. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيراً أرجو تعريفاً كاملاً لأولياء الله ومن هم، وهل عندهم علامات مميزة، وهل تصح زيارتهم للتبرك وقضاء الحوائج سواءً كانوا أحياءً أم أموات، جزاكم الله خيرا؟
الشيخ: أولياء الله هم أهل التقوى والإيمان هم أهل الصلاح والاستقامة على دين الله، هم على ما جاء به رسوله عليه الصلاة والسلام، هؤلاء هم أولياء الله، وهم أهل التقوى وهم أهل الإيمان كما قال الله سبحانه: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [يونس:62] ثم فسرهم فقال: الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:63] هؤلاء هم أولياء الله، هكذا في سورة يونس، وقال في سورة الأنفال: وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ [الأنفال:34].
فأولياء الله هم أهل التقوى هم أهل الإيمان هم الذين أطاعوا الله ورسوله واستقاموا على دين الله، وتركوا الشرك والمعاصي هؤلاء هم أولياء الله، يجب حبهم في الله، ولكن لا يجوز دعاؤهم من دون الله ولا الاستغاثة بهم ولا البناء على قبورهم، هذا منكر، ولا البناء على قبور الأنبياء أيضاً، يقول النبي ﷺ: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد.
وقال عليه الصلاة والسلام: ألا وإن من كان قبلكم -يعني: من الأمم- كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك، رواه مسلم في الصحيح، فنهر الناس عن اتخاذ المساجد على قبور الأنبياء والصالحين، وحذرهم من ذلك، ولعن من فعل هذا، وروى مسلم في الصحيح عن جابر قال: نهى رسول الله أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه.
فلا يبنى عليه قبة ولا غرفة ولا مسجد بل يجب الحذر من ذلك، بل تترك القبور بارزة شامسة كما كانت في عهد النبي ﷺ في البقيع، وفي غيره في الأرض الواضحة التي ليس فيها بناء يكون القبر بارزاً على الأرض قدر شبر ونحوه؛ حتى يعرف أنه قبر ولا يبنى عليه ولا يجصص، ولا يجعل عليه قبة ولا مسجد كل هذا لا يجوز، وهذه القباب والمساجد التي توضع على القبور من أسباب الشرك، إذا رآها العامي معظمة بالقباب والمساجد وربما فرشوها وربما طيبوها صار هذا من أسباب الشرك، بدعة يترتب عليها شرك أكبر نسأل الله العافية، فإن العامة إذا رأوا هذا العمل دعوها من دون الله واستغاثوا بها، وتمسحوا بها إلى غير ذلك.
أما زيارة المؤمن ليسلم على أخيه، يعني: على قبره إذا كان ظاهراً بارزاً ليس فيه قبة ولا مسجد ولا فلا بأس بل سنة، النبي عليه السلام قال: زوروا القبور؛ فإنها تذكركم الآخرة، فإن زار القبور ليسلم عليهم ويدعو لهم فهذا مشكور وهذه سنة، أما أن يزورهم ليدعوهم من دون الله أو يستغيث بهم أو يطلبهم المدد فهذا شرك أكبر لا يجوز، كالذي يقول لصاحب القبر: المدد المدد، أو يا سيدي فلان أغثني أو انصرني، أو اشف مريضي، أو أنا في جوارك، أو أنا في حسبك، هذا دعاء لغير الله وشرك بالله ، فهذا من جنس عمل الجاهلية الأولى، أبي جهل وأشباهه.
فالواجب على المسلمين أن يحذروا هذه الأمور وأن يتواصوا ويتناصحوا بتركها أينما كانوا، وأما الأحياء منهم إذا زارهم يسلم عليهم لحبهم في الله، فلا بأس يزورهم لحبهم في الله، لا للتبرك بهم، ولكن يزورهم .. يسلم عليهم ويعرف أحوالهم ويتذاكر معهم في الخير أو في العلم كل هذا طيب، أو ليدعوا له ليستغفروا له لا بأس أيضاً ... قال: استغفروا لي أو ادعوا لي لا بأس، أما أن يزوره لأجل الاعتقاد فيه أنه يدعى من دون الله، أو أنه يصلح أن يعبد من دون الله حياً وميتاً؛ لأنه ينفع أو يضر أو لأنه يتصرف في الكون أو ما أشبه ذلك من اعتقاد الجهلة فهذا لا يجوز، يقول الله جل وعلا لنبيه ﷺ: قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [الأعراف:188].
فإذا كان ﷺ وهو سيد الخلق وأفضل الخلق لا يملك لغيره نفعاً ولا ضرا ولا يعلم الغيب فكيف بغيره من الناس، فعلم الغيب إلى الله وهو النافع الضار المعطي المانع جل وعلا، فليس لأحد أن يدعو غير الله بالأموات أو الغائبين أو الأشجار والأحجار أو الجن أو الملائكة، بل هذا من الشرك بالله .
وليس له أن يعتقد في أحد من المخلوقات أنه ينفع ويضر دون الله، أو أنه يصلح أن يعبد من دون الله ويدعى من دون الله، كل هذا اعتقاد باطل وكفر نسأل الله العافية، أما الحي الحاضر القادر يقول: يا أخي أعني على كذا لا بأس، حي حاضر تقول له: ساعدني على إصلاح سيارتي، على عمارة بيتي، على مزرعتي وهو قادر يسمعك ويستطيع أن يساعدك بما يسر الله لا بأس، هذه أمور جائزة فيما بين الناس، قال تعالى في قصة موسى: فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ [القصص:15]؛ لأنه حي يسمع كلامه وموسى يقدر أن يغيثه، فلا بأس بهذا.
أما دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات أو الغائبين، يعني: يعتقد فيهم أنهم يسمعون دعاءه وينفعون أو يضرون، هذا هو الشرك الأكبر، هذا عمل الجاهلية الأولى نسأل الله العافية، ولو قال: إني ما قصدت أنهم ينفعون أو يضرون، ولو قال: أقصد أنهم شفعاء عند الله، هذا شرك المشركين المشركون ما قصدوا أنهم ينفعون ويضرون، بل أرادوهم شفعاء عند الله، وأرادوهم أن يقربوهم إلى الله كما قال تعالى: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ [يونس:18] قال الله سبحانه: قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [يونس:18] فسماه: شركاً، وقال في سورة الزمر: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:3] ما قالوا: إلا أنهم ينفعون أو يضرون لا قالوا: ليقربونا إلى الله زلفى هذه عقيدتهم يعلمون أن النافع والضار هو الله وحده، ولكنهم يطلبون من الأولياء أو من الأنبياء أو من الملائكة الشفاعة إلى الله ليعطيهم مطالبهم، ويزعمون أنهم شفعاء وأنهم يقربون إلى الله ولا يعتقدون أنهم يتصرفون في الكون أو ينفعون أو يضرون لا، ليس هذا من اعتقاد الجاهلية، ومع هذا كفرهم الله وقاتلهم الرسول ﷺ على شركهم هذا.
فالواجب على كل من يدعي الإسلام أن يتبصر ويتفقه في دينه، وأن يحذر التعلق بأهل القبور، ودعاءهم من دون الله، والاستغاثة بهم والنذر لهم والذبح لهم، وأن هذا هو شرك الجاهلية، كما يفعل هذا بعض الناس عند قبر السيد البدوي أو السيد الحسين أو الشيخ عبد القادر في العراق أو غيرهم، كل هذا شرك بالله لا يجوز، لا مع الحسين ولا مع البدوي ، ولا مع الشيخ عبد القادر الجيلاني ولا مع غيرهم من الناس، ولا مع ابن عربي في الشام ولا مع غيرهم.
الواجب الإخلاص لله في العبادة؛ لأنه حقه سبحانه وتعالى.
قال تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [البينة:5] وقال سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء:23] يعني: أمر وأوصى أن لا تعبدوا إلا إياه، وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ [البقرة:21]، وقال جل وعلا: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56] هذا أصل الدين وأساس الملة، وهذا أعظم واجب وأهم واجب أن تعبد الله وحده، بدعائك ونذرك وذبحك وصلاتك وصومك وغير ذلك.
وقال تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ [الأنعام:162-163] والنسك: يطلق على الذبح وعلى العبادة، فكما أن الصلاة لله، هكذا الذبح لله، فالذي يذبح للجن أو يتقرب لأصحاب القبور أو الأشجار والأصنام بالذبائح هذا شرك بالله عز وجل، وهكذا دعاؤهم والاستغاثة بهم وطلب المدد مثل يقف على قبره: المدد المدد، أو يدعوه من قريب: يا سيدي البدوي أو يا سيدي الحسين المدد المدد ، أو يا سيدي عبد القادر المدد المدد هذا الشرك الأكبر، هذا شرك بالله عز وجل وعبادة لغيره، قال سبحانه وتعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18] أحداً عام يعم الأنبياء وغيرهم، نكرة في سياق النهي تعم الأنبياء والملائكة والجن والإنس.
وقال سبحانه وتعالى: وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ [يونس:106] يعني: المشركين، وقال سبحانه: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117] فسمى دعاة غير الله: كفاراً، ولو قالوا: ما نسميه إله، ولو قالوا: نسميهم: سادة أو نسميهم أولياء متى دعوهم واستغاثوا بهم فقد جعلوهم آلهة وإن لم يسموهم آلهة، فلا عبرة بالأسماء العبرة بالحقائق، فالذي يعبده من دون الله ويستغيث به قد جعله إلهاً وإن لم يسمه إلهاً، وإن قال: هو السيد أو هو الولي أو هو كذا أو كذا بأسماء أخرى، والاعتبار في الأمور بالحقائق والمعاني لا بالألفاظ.
نسأل الله أن يهدي إخواننا .. جميع المسلمين، نسأل الله أن يرشد الجاهل الحق والهدى وأن يكثر في المسلمين علماء الحق وعلماء الهدى؛ حتى يبصروا الناس وحتى يرشدوهم إلى توحيد الله، وإلى الحق الذي بعث الله به نبيه محمد عليه الصلاة والسلام.
ونسأل الله أن يهدي الجاهل إلى أن يتعلم ويسأل ويتبصر ولا يرضى بالتقليد الأعمى، نصيحتي لجميع من يتصل بالقبور أو يدعو القبور أو يجهل أحكام الله، نصيحتي للجميع أن يسألوا العلماء علماء الحق علماء السنة أهل البصيرة يسألوهم مثل: أنصار السنة في مصر، مثل: شيخ الأزهر، مثل: علماء السنة في الشام في الأردن في أي مكان، علماء الحق المعروفين بالسنة والتوحيد والإخلاص والبصيرة، وهكذا في كل مكان في أفريقيا وفي أوروبا وفي أمريكا في كل مكان.
الواجب على من جهل الحكم أن يسأل ولا يقدم على شيء على غير بصيرة، الله يقول سبحانه في كتابه العظيم: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43] ويروى عنه عليه السلام أنه قال لقوم أفتوا بغير علم: ألا سألوا إذ لم يعلموا، إنما شفاء العي السؤال، وكان الصحابة يسألونه عليه الصلاة والسلام، ويعلمهم ويجيبهم حتى النساء يسألونه ويجيبهم، وقال له بعض النساء: يا رسول الله! ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا يوماً نسألك ونتحدث إليك فوعدهم وجمعهم في مكان وأتاهم وسألوه عن حاجاتهم عليه الصلاة والسلام فالواجب على العلماء أن ينبسطوا للجهلة حتى يعلموهم، وأن يعتنوا بالكتاب والسنة وأن تكون الفتاوى من الكتاب والسنة لا من التقليد الأعمى، بل من كتاب الله العظيم وسنة رسوله الأمين، على العالم أن يتبصر من طريق الكتاب والسنة، وأن يعلم الناس على ضوء الكتاب والسنة، وأن يرشدهم إلى أحكام الله التي دل عليها كتابه العظيم وسنة رسوله الأمين عليه الصلاة والسلام، وأن يحذر التساهل في هذه الأمور.
رزق الله الجميع الهداية والتوفيق.
المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيراً.
المقدم: جزاكم الله خيراً أرجو تعريفاً كاملاً لأولياء الله ومن هم، وهل عندهم علامات مميزة، وهل تصح زيارتهم للتبرك وقضاء الحوائج سواءً كانوا أحياءً أم أموات، جزاكم الله خيرا؟
الشيخ: أولياء الله هم أهل التقوى والإيمان هم أهل الصلاح والاستقامة على دين الله، هم على ما جاء به رسوله عليه الصلاة والسلام، هؤلاء هم أولياء الله، وهم أهل التقوى وهم أهل الإيمان كما قال الله سبحانه: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [يونس:62] ثم فسرهم فقال: الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:63] هؤلاء هم أولياء الله، هكذا في سورة يونس، وقال في سورة الأنفال: وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ [الأنفال:34].
فأولياء الله هم أهل التقوى هم أهل الإيمان هم الذين أطاعوا الله ورسوله واستقاموا على دين الله، وتركوا الشرك والمعاصي هؤلاء هم أولياء الله، يجب حبهم في الله، ولكن لا يجوز دعاؤهم من دون الله ولا الاستغاثة بهم ولا البناء على قبورهم، هذا منكر، ولا البناء على قبور الأنبياء أيضاً، يقول النبي ﷺ: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد.
وقال عليه الصلاة والسلام: ألا وإن من كان قبلكم -يعني: من الأمم- كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك، رواه مسلم في الصحيح، فنهر الناس عن اتخاذ المساجد على قبور الأنبياء والصالحين، وحذرهم من ذلك، ولعن من فعل هذا، وروى مسلم في الصحيح عن جابر قال: نهى رسول الله أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه.
فلا يبنى عليه قبة ولا غرفة ولا مسجد بل يجب الحذر من ذلك، بل تترك القبور بارزة شامسة كما كانت في عهد النبي ﷺ في البقيع، وفي غيره في الأرض الواضحة التي ليس فيها بناء يكون القبر بارزاً على الأرض قدر شبر ونحوه؛ حتى يعرف أنه قبر ولا يبنى عليه ولا يجصص، ولا يجعل عليه قبة ولا مسجد كل هذا لا يجوز، وهذه القباب والمساجد التي توضع على القبور من أسباب الشرك، إذا رآها العامي معظمة بالقباب والمساجد وربما فرشوها وربما طيبوها صار هذا من أسباب الشرك، بدعة يترتب عليها شرك أكبر نسأل الله العافية، فإن العامة إذا رأوا هذا العمل دعوها من دون الله واستغاثوا بها، وتمسحوا بها إلى غير ذلك.
أما زيارة المؤمن ليسلم على أخيه، يعني: على قبره إذا كان ظاهراً بارزاً ليس فيه قبة ولا مسجد ولا فلا بأس بل سنة، النبي عليه السلام قال: زوروا القبور؛ فإنها تذكركم الآخرة، فإن زار القبور ليسلم عليهم ويدعو لهم فهذا مشكور وهذه سنة، أما أن يزورهم ليدعوهم من دون الله أو يستغيث بهم أو يطلبهم المدد فهذا شرك أكبر لا يجوز، كالذي يقول لصاحب القبر: المدد المدد، أو يا سيدي فلان أغثني أو انصرني، أو اشف مريضي، أو أنا في جوارك، أو أنا في حسبك، هذا دعاء لغير الله وشرك بالله ، فهذا من جنس عمل الجاهلية الأولى، أبي جهل وأشباهه.
فالواجب على المسلمين أن يحذروا هذه الأمور وأن يتواصوا ويتناصحوا بتركها أينما كانوا، وأما الأحياء منهم إذا زارهم يسلم عليهم لحبهم في الله، فلا بأس يزورهم لحبهم في الله، لا للتبرك بهم، ولكن يزورهم .. يسلم عليهم ويعرف أحوالهم ويتذاكر معهم في الخير أو في العلم كل هذا طيب، أو ليدعوا له ليستغفروا له لا بأس أيضاً ... قال: استغفروا لي أو ادعوا لي لا بأس، أما أن يزوره لأجل الاعتقاد فيه أنه يدعى من دون الله، أو أنه يصلح أن يعبد من دون الله حياً وميتاً؛ لأنه ينفع أو يضر أو لأنه يتصرف في الكون أو ما أشبه ذلك من اعتقاد الجهلة فهذا لا يجوز، يقول الله جل وعلا لنبيه ﷺ: قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [الأعراف:188].
فإذا كان ﷺ وهو سيد الخلق وأفضل الخلق لا يملك لغيره نفعاً ولا ضرا ولا يعلم الغيب فكيف بغيره من الناس، فعلم الغيب إلى الله وهو النافع الضار المعطي المانع جل وعلا، فليس لأحد أن يدعو غير الله بالأموات أو الغائبين أو الأشجار والأحجار أو الجن أو الملائكة، بل هذا من الشرك بالله .
وليس له أن يعتقد في أحد من المخلوقات أنه ينفع ويضر دون الله، أو أنه يصلح أن يعبد من دون الله ويدعى من دون الله، كل هذا اعتقاد باطل وكفر نسأل الله العافية، أما الحي الحاضر القادر يقول: يا أخي أعني على كذا لا بأس، حي حاضر تقول له: ساعدني على إصلاح سيارتي، على عمارة بيتي، على مزرعتي وهو قادر يسمعك ويستطيع أن يساعدك بما يسر الله لا بأس، هذه أمور جائزة فيما بين الناس، قال تعالى في قصة موسى: فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ [القصص:15]؛ لأنه حي يسمع كلامه وموسى يقدر أن يغيثه، فلا بأس بهذا.
أما دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات أو الغائبين، يعني: يعتقد فيهم أنهم يسمعون دعاءه وينفعون أو يضرون، هذا هو الشرك الأكبر، هذا عمل الجاهلية الأولى نسأل الله العافية، ولو قال: إني ما قصدت أنهم ينفعون أو يضرون، ولو قال: أقصد أنهم شفعاء عند الله، هذا شرك المشركين المشركون ما قصدوا أنهم ينفعون ويضرون، بل أرادوهم شفعاء عند الله، وأرادوهم أن يقربوهم إلى الله كما قال تعالى: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ [يونس:18] قال الله سبحانه: قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [يونس:18] فسماه: شركاً، وقال في سورة الزمر: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:3] ما قالوا: إلا أنهم ينفعون أو يضرون لا قالوا: ليقربونا إلى الله زلفى هذه عقيدتهم يعلمون أن النافع والضار هو الله وحده، ولكنهم يطلبون من الأولياء أو من الأنبياء أو من الملائكة الشفاعة إلى الله ليعطيهم مطالبهم، ويزعمون أنهم شفعاء وأنهم يقربون إلى الله ولا يعتقدون أنهم يتصرفون في الكون أو ينفعون أو يضرون لا، ليس هذا من اعتقاد الجاهلية، ومع هذا كفرهم الله وقاتلهم الرسول ﷺ على شركهم هذا.
فالواجب على كل من يدعي الإسلام أن يتبصر ويتفقه في دينه، وأن يحذر التعلق بأهل القبور، ودعاءهم من دون الله، والاستغاثة بهم والنذر لهم والذبح لهم، وأن هذا هو شرك الجاهلية، كما يفعل هذا بعض الناس عند قبر السيد البدوي أو السيد الحسين أو الشيخ عبد القادر في العراق أو غيرهم، كل هذا شرك بالله لا يجوز، لا مع الحسين ولا مع البدوي ، ولا مع الشيخ عبد القادر الجيلاني ولا مع غيرهم من الناس، ولا مع ابن عربي في الشام ولا مع غيرهم.
الواجب الإخلاص لله في العبادة؛ لأنه حقه سبحانه وتعالى.
قال تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [البينة:5] وقال سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء:23] يعني: أمر وأوصى أن لا تعبدوا إلا إياه، وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ [البقرة:21]، وقال جل وعلا: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56] هذا أصل الدين وأساس الملة، وهذا أعظم واجب وأهم واجب أن تعبد الله وحده، بدعائك ونذرك وذبحك وصلاتك وصومك وغير ذلك.
وقال تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ [الأنعام:162-163] والنسك: يطلق على الذبح وعلى العبادة، فكما أن الصلاة لله، هكذا الذبح لله، فالذي يذبح للجن أو يتقرب لأصحاب القبور أو الأشجار والأصنام بالذبائح هذا شرك بالله عز وجل، وهكذا دعاؤهم والاستغاثة بهم وطلب المدد مثل يقف على قبره: المدد المدد، أو يدعوه من قريب: يا سيدي البدوي أو يا سيدي الحسين المدد المدد ، أو يا سيدي عبد القادر المدد المدد هذا الشرك الأكبر، هذا شرك بالله عز وجل وعبادة لغيره، قال سبحانه وتعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18] أحداً عام يعم الأنبياء وغيرهم، نكرة في سياق النهي تعم الأنبياء والملائكة والجن والإنس.
وقال سبحانه وتعالى: وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ [يونس:106] يعني: المشركين، وقال سبحانه: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117] فسمى دعاة غير الله: كفاراً، ولو قالوا: ما نسميه إله، ولو قالوا: نسميهم: سادة أو نسميهم أولياء متى دعوهم واستغاثوا بهم فقد جعلوهم آلهة وإن لم يسموهم آلهة، فلا عبرة بالأسماء العبرة بالحقائق، فالذي يعبده من دون الله ويستغيث به قد جعله إلهاً وإن لم يسمه إلهاً، وإن قال: هو السيد أو هو الولي أو هو كذا أو كذا بأسماء أخرى، والاعتبار في الأمور بالحقائق والمعاني لا بالألفاظ.
نسأل الله أن يهدي إخواننا .. جميع المسلمين، نسأل الله أن يرشد الجاهل الحق والهدى وأن يكثر في المسلمين علماء الحق وعلماء الهدى؛ حتى يبصروا الناس وحتى يرشدوهم إلى توحيد الله، وإلى الحق الذي بعث الله به نبيه محمد عليه الصلاة والسلام.
ونسأل الله أن يهدي الجاهل إلى أن يتعلم ويسأل ويتبصر ولا يرضى بالتقليد الأعمى، نصيحتي لجميع من يتصل بالقبور أو يدعو القبور أو يجهل أحكام الله، نصيحتي للجميع أن يسألوا العلماء علماء الحق علماء السنة أهل البصيرة يسألوهم مثل: أنصار السنة في مصر، مثل: شيخ الأزهر، مثل: علماء السنة في الشام في الأردن في أي مكان، علماء الحق المعروفين بالسنة والتوحيد والإخلاص والبصيرة، وهكذا في كل مكان في أفريقيا وفي أوروبا وفي أمريكا في كل مكان.
الواجب على من جهل الحكم أن يسأل ولا يقدم على شيء على غير بصيرة، الله يقول سبحانه في كتابه العظيم: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43] ويروى عنه عليه السلام أنه قال لقوم أفتوا بغير علم: ألا سألوا إذ لم يعلموا، إنما شفاء العي السؤال، وكان الصحابة يسألونه عليه الصلاة والسلام، ويعلمهم ويجيبهم حتى النساء يسألونه ويجيبهم، وقال له بعض النساء: يا رسول الله! ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا يوماً نسألك ونتحدث إليك فوعدهم وجمعهم في مكان وأتاهم وسألوه عن حاجاتهم عليه الصلاة والسلام فالواجب على العلماء أن ينبسطوا للجهلة حتى يعلموهم، وأن يعتنوا بالكتاب والسنة وأن تكون الفتاوى من الكتاب والسنة لا من التقليد الأعمى، بل من كتاب الله العظيم وسنة رسوله الأمين، على العالم أن يتبصر من طريق الكتاب والسنة، وأن يعلم الناس على ضوء الكتاب والسنة، وأن يرشدهم إلى أحكام الله التي دل عليها كتابه العظيم وسنة رسوله الأمين عليه الصلاة والسلام، وأن يحذر التساهل في هذه الأمور.
رزق الله الجميع الهداية والتوفيق.
المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيراً.