وفي هذا المعنى روى البخاري ومسلم في الصحيحين عن جرير بن عبدالله البجلي قال: بايعت النبي ﷺ على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم فالنصيحة للمسلمين من أهم الفرائض ومن أهم الواجبات ومن أهم الخصال الحميدة فيما بينهم، وهذا داخل في قوله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] وداخل في قوله سبحانه: وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر:1-3] فالتناصح والتواصي بالخير والتعاون على البر والتقوى كله داخل في التواصي بالحق، والله المستعان. نعم.
ما صحة حديث: «من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم»؟
السؤال: أيضًا أخونا يسأل ويقول: سمعت معنى حديث عن رسول الله ﷺ يقول: من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم هل هذا حديث صحيح؟ واشرحوا لنا معناه جزاكم الله خيرا؟
الجواب: الحديث ما روي عن النبي ﷺ، وهو حديث ضعيف ليس بصحيح، ومعناه: أن الذي لا يهتم بأمور المسلمين بالنظر إلى نصيحتهم والدفاع عنهم إذا حصل عليهم خطر ونصر المظلوم، وردع الظالم، ومساعدتهم على عدوهم، ومواساة فقيرهم، إلى غير هذا من شئونهم معناه: أنه ليس منهم، وهذا لو صح من باب الوعيد وليس معناه أنه يكون كافرا، لا، لكن من باب الوعيد والتحذير والحث على التراحم بين المسلمين، والتعاون فيما بينهم، ويغني عن هذا الحديث قوله ﷺ: المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا، وشبك بين أصابعه، وقوله ﷺ: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، فهذا معناه لا يتم إيمانه ولا يكمل إيمانه الواجب إلا بهذا، وهكذا قوله ﷺ: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى فجعل المسلمين شيئًا واحدًا، وجسدًا واحدًا، وبناءً واحدًا، فوجب عليهم أن يتراحموا، وأن يتعاطفوا، وأن يتناصحوا، وأن يتواصوا بالحق، وأن يعطف بعضهم على بعض، وهذه كلها تكفي عن الحديث الضعيف الذي ذكره السائل، وهو حديث: من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم، وتمامه: ومن لم يمس ويصبح ناصحًا لله ولرسوله ولكتابه ولإمامه ولعامة المسلمين فليس منهم، لكن هذا الأخير ثابت بمعنى آخر وهو قوله ﷺ: الدين النصيحة. قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم هذا ثابت رواه مسلم في الصحيح بهذا اللفظ: الدين النصيحة. قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم أما لفظ: من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم فهو ضعيف عند أهل العلم.