فالمؤمنون والمؤمنات أولياء يتناصحون، ليسوا بأعداء، بل أولياء يتناصحون، وينصح بعضُهم بعضًا، ويُحذِّر بعضُهم بعضًا من الباطل، لا يحسده، ولا يخونه، ولا يغشه، ولا يكذب عليه، ولا يشهد عليه بالزور، ولا يتركه على منكرٍ، بل يُعلّمه ويُوجهه إلى الخير، ويُنكر عليه المنكر.
فالمؤمن يُنكر على أخيه وعلى أخته في الله، والمؤمنات كذلك تُنكر على أختها في الله وعلى أخيها في الله إذا رأت منه منكرًا.
فعلى الطلبة أن يُنكر بعضُهم على بعضٍ إذا رأوا من زملائهم المنكر: من ترك الصلاة، أو التهاون بها، أو شرب المسكر، أو التدخين، أو إسبال الملابس، أو حلق اللحى، أو غير هذا مما يُنكر، فهكذا المؤمنون يتناصحون، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر أينما كانوا: في الكلية، في المطعم، في الطريق، في المسجد، في السفر، في الإقامة، في الطائرة، في القطار، في السيارة، في كل مكانٍ، هكذا المؤمنون والمؤمنات أينما كانوا.
وبهذا يصلح المجتمع، وبهذا يسلموا من غضب الله وعقابه، أما إذا تساكت الناسُ فقد أحلّوا بأنفسهم عقاب الله، في "الصحيحين" عن زينب بنت جحشٍ أم المؤمنين رضي الله عنها: أن النبيَّ عليه الصلاة والسلام دخل عليها ذات يومٍ وهو غضبان يقول: ويلٌ للعرب من شرٍّ قد اقترب، فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وأشار بأصبعيه: الإبهام والوسطى، فقالت له زينب: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصَّالحون؟ قال: نعم، إذا كثر الخبث، فبيَّن عليه الصلاة والسلام أنَّ الناس يهلكون إذا كثر فيهم الخبثُ، والخبث هو المُنكر والسعي..... في المعاصي، فإذا وُجد الخبثُ ولم يُنكر عمَّت العقوبة.
وقال عليه الصلاة والسلام: إنَّ الناس إذا رأوا المنكر فلم يُغيروه أوشك أن يعمَّهم الله بعقابه خرجه الإمام أحمد وغيره بإسنادٍ صحيحٍ من حديث الصديق .
فالواجب على الأساتذة والموظفين والطلبة -على الجميع- أن يأمروا بالمعروف، وأن ينهوا عن المنكر، هذا هو الواجب على الجميع، لا يخص واحدًا دون واحدٍ، ولا يجوز التواكل، لكن بالحكمة، بالكلام الطيب، بالأسلوب الحسن، بالمُواظبة، فالأستاذ والمدرسة والطالبة والموظفة والموظف والطالب كلهم شُركاء في هذا الأمر، فعلى الجميع أن يأمر بالمعروف، وأن ينهى عن المنكر، وعدم الغفلة، وعدم التساهل؛ حتى يكونوا قدوةً صالحةً لغيرهم في هذا الخير العظيم، وحتى ينفع بعضُهم بعضًا، وحتى يأخذ بعضُهم على يد بعضٍ، وحتى يسود الخيرُ، وحتى يقلَّ الشرُّ.
هكذا أمر الرسولُ ﷺ، بل هكذا أمر الله عزَّ وجل، وبهذا تصلح المُجتمعات، ويأمن المجتمع من عقاب الله سبحانه وتعالى، ومتى أخلَّ الناسُ بهذا الأمر فهم على خطرٍ عظيمٍ، ولا حول ولا قوة إلا بالله، قال الله عزَّ وجل: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ [المائدة:78- 79]، وأخبر أنَّهم لُعنوا على لسان أنبيائهم بسبب هذا: ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا يعني: بسبب عصيانهم واعتدائهم: ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ، ثم فسَّر ذلك بقوله: كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ، فعلى المؤمن وعلى المؤمنة الحذر.