الجواب:
أولاً: أحبك الله الذي أحببتنا له وجعلنا وإياك وسائر إخواننا وسائر المستمعين من المتحابين في الله ، فقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أنه قال يقول الله يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي وصح عنه عليه السلام أنه قال: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه متفق على صحته.
أما السؤال الثاني: فذلك متعيّن، ولكن الخطب والمحاضرات والمؤلفات والمقالات التي تنشر كلها وسيلة إلى ما ذكرت من العمل؛ فالخطبة والمقالة الجيدة الموفقة إذا نشرت أو وزعت أو أذيعت ينفع الله بها من يشاء، فالله شرع الخطب وشرع الكتب والنصائح حتى ينتفع بها الناس، حتى يستعين بها الناس وحتى يفقهوا دينهم وحتى يتشجعوا على ما ينبغي لهم وعلى ما يُطلب منهم.
والواجب على العلماء وعلى المراكز الإسلامية وعلى الجمعيات الإسلامية وعلى كل من له قدرة في نفع العباد أن يمثل ذلك بالعمل لا بالقول فقط؛ فالقول ينفع في محله ولكن الأهم العمل، فالقول المشروع مطلوب، كذكر الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والاستغفار والدعاء مطلوب، ولكن ما كان يتعلق بالعمل فالمطلوب العمل: كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ [الصف:3] فلا بدّ من العمل فيما يتعلق بالعمل من صلاة وصوم وجهاد وحج وزكاة وغير هذا من وجوه العمل، فلا بدّ من القول في محله ولا بد من العمل في محله، ومن صفات المنافقين أنهم يقولون ما لا يفعلون، فلا يجوز للمسلم أن يقول ما لا يفعل بل يقول ويفعل، يكون صادقًا في قوله صادقًا في عمله، وعلى الحكام المسلمين أينما كانوا أن يُعْنَوا بأمر الله، فإن الزبدة العظيمة من ولاية الحاكم على المسلمين أن يوجههم إلى دين وأن يلزمهم بأمر الله وأن يعينهم على طاعة الله وأن يمنعهم مما يخالف شرع الله، هذه الزبدة المقصودة من الولاية، المقصود من الولايات سواء كانت الولاية مُلكية أو رئاسة جمهورية أو إمارة أو غير هذا من الأسماء، المقصود من الولايات إقامة أمر الله في أرض الله، المقصود هو إقامة أمر الله في أرض الله؛ لتوجيه الناس إلى الخير وإلزامهم بما أوجب الله ومنعهم عما حرم الله وإقامة الحدود عليهم فيما أوجب الله إقامته، هذا هو الواجب.
ووصيتي لجميع إخواني، في كل مكان، في مراكز إسلامية، في جمعيات إسلامية، في معاهد، في مدارس، في أي عمل كانوا، وفي أي مكان كانوا، وصيتي للجميع أن يتقوا الله، وأن يلتزموا بأمر الله، وأن يعتنوا بتوجيه عباد الله إلى دين الله، وأن يكونوا دعاة خير ودعاة هدى، فقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: من دل على خير فله مثل أجر فاعله وقال لعلي لما بعثه إلى خيبر لدعوة اليهود: فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدًا خير لك من حمر النعم والله يقول في كتابه العظيم: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصلت:33] ويقول سبحانه: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة:71] ويقول سبحانه: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [آل عمران:104] فجعلهم هم أهل الفلاح حصره فيهم؛ لعظم ما قاموا به من الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقال : كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110].
هذا هو واجب المسلمين؛ الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أينما كانوا، وبهذا يكون الإنسان من خير الأمة، بهذا يكون المؤمن والمؤمنة من خير الأمة بهذا العمل الجليل، بالدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والاستقامة على الحق، والله المستعان.