حكم تزويج الفتاة بمن يكبرها سناً والعكس

السؤال:

أنا فتاة أبلغ الخامسة والعشرين من عمري، زوجني والدي على رجل يبلغ من العمر خمسة وستون عامًا، رغم أنه لم يشرني في ذلك، ولكني سكت مرضاة لأمر والدي، وأنجبت منه ولدًا وبنتين، وأقصر في أموري الاجتماعية، والزوجية حتى توفي والدي، وبعد وفاته بقينا في بيتنا شهرًا، وتركنا، وأهملنا، وأنا أحمل لي أربعة أشهر، وهكذا تركنا عند أخي ولي أمري؟

الجواب:

تزويج الوالد لابنته لمن يكبرها في السن إذا رأى المصلحة في ذلك؛ لا حرج في ذلك، أما ما يشيعه الناس في هذا العصر من عدم تزويج المرأة ممن يكبرها سنًا؛ فهذا شيء لا أصل له، ولا وجه له، وإنما هو من ضلال العقول، وفساد العقول، وعدم البصيرة. 

فالرسول -عليه الصلاة والسلام- تزوج عائشة، وكان عمره فوق الخمسين -عليه الصلاة والسلام- وكان عمرها حين العقد سبع سنين، وعند الدخول تسع سنين، وليس في هذا محظور، والرسول ﷺ هو أكمل الناس في كل شيء -عليه الصلاة والسلام- وهو أنصح الناس، فلو كان في هذا شيء من المحذور؛ لم يفعله -عليه الصلاة والسلام- ولا أبانه للأمة.

ولم يزل المسلمون من قديم الزمان إلى زماننا هذا يتزوج الإنسان من تكبره سنًا، ومن تصغره سنًا، ولا حرج في ذلك، وقد تزوج النبي ﷺ أيضًا خديجة، وكانت أسن منه بخمسة عشرة سنة، عمرها أربعون، وكان حين تزوجها عمره خمس وعشرون -عليه الصلاة والسلام-.

فلا حرج في أن يتزوج الإنسان من تكبره سنًا، ومن تكون أصغر منه سنًا، لكن لا بد من مشاورتها، ولا بد من أخذ رضاها، هذا هو المهم، فإذا رضيت بأن تتزوج وهي بنت خمسة عشرة، بمن سنه أربعون، أو خمسون، أو أكثر من ذلك، فلا حرج في ذلك إذا بين لها، ولم تغش، ولم تخدع، إذا بين لها الأمر، ورضيت بذلك؛ فلا حرج في ذلك.

ولا يجوز لأحد أن يتكلم في هذه الأمور بغير حق، فإن معناه الاعتراض على رسول الله -عليه الصلاة والسلام- إذا قال: إنه لا ينبغي أن يتزوج من يكبرها، فمعنى ذلك الاعتراض على رسول الله ﷺ الاعتراض على أصحابه -رضي الله عنهم وأرضاهم- والاعتراض على المسلمين جميعًا، الذين تزوجوا من تصغرهم سنًا، وهذا كله باطل، وكله منكر، لا وجه له، وإنما الذي أبانه النبي ﷺ ودعا إليه: هو المشاورة، وأخذ الإذن من المرأة.

قال -عليه الصلاة والسلام-: لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن قالوا: يا رسول الله، إنها تستحي، قال: إذنها سكوتها عليه الصلاة والسلام، فلا بد أن يبين لها، وإذا سكتت، وهي بكر؛ كفى ذلك، وإذا كانت ثيبًا؛ فلا بد من أخذ إذنها كلامًا، وهذه البنت الجارية السائلة لما سكتت، استأذنها أبوها، وسكتت؛ كفى ذلك، وزواجها لا بأس به، والحمد لله على كل حال. 

أما إن كان بينها وبين زوجها أشياء، أو بينها وبين الورثة -إن كان مات زوجها- هذه الأشياء التي بينها وبينهم من النزاع، هذه تأتي إلى المحكمة، والمحكمة تنظر فيما بينهم من النزاع، والشجار. 

أما نفس الزواج فلا حرج فيه، ولا بأس به، وإن كان يكبرها بعشرين سنة، أو أربعين سنة، أو أكثر، أو أقل، إذا كانت راضية بذلك، وعلى بصيرة، ولم تخدع، فلا حرج في ذلك، والحمد لله، وكم من شيخ كبير خير للمرأة من شاب يماثلها، أو يصغرها سنًا، أو يكبرها، فهذا يرجع إلى حسن السيرة، والعشرة، والقيام بأمر الله، ومراقبة الله في حق النساء. 

فتاوى ذات صلة