الجمع بين: «فعليك بخاصة نفسك» و «من رأى منكم منكراً»

السؤال:

وآخر يقول: ما معنى ما ورد في الأثر فعليك بخاصة نفسك، وبين حديث: من رأى منكم منكرًا؛ فليغيره إلى آخره، وما الفرق بين الحديثين؟

الجواب: 

لا منافاة بين الحديثين، فالإنسان مأمور أن ينهى عن المنكر، وأن يأمر بالمعروف حسب طاقته، كما قاله النبي -عليه الصلاة والسلام-: من رأى منكم منكرًا؛ فليغيره بيده، فإن لم يستطع؛ فبلسانه، فإن لم يستطع؛ فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان هذا الواجب مع الاستطاعة.

أما حديث أبي ثعلبة الخشني: ففيه الدلالة على أنه متى لم يستطع؛ سقط عنه، متى لم يستطع الإنكار باليد، ولا باللسان؛ سقط عنه، وصار مسؤولاً عن نفسه، وعن جهاد نفسه، وعن استقامتها على الطريق، وعن صيانتها عما حرم الله.

ولهذا في حديث أبي ثعلبة لما ذكر أنه يأتي على الناس زمان، يأتي على الناس أيام الصابر فيهن على دينه كالقابض على الجمر، وللعامل فيها أجر خمسين، قيل: منا أو منهم يا رسول الله؟ قال: بل منكم -يعني من الصحابة- فالعامل في أوقات الفتن، وغربة الإسلام، وأوقات كثرة الشر، وقلة الخير، العامل في إنكار المنكر، وفي تكثير الخير، وفي تقليل الشر، العامل في ذلك باجتهاده، وصبره، وطلبه، ولسانه له أجر خمسين من الصحابة في هذا العمل العظيم. 

وقال في حديث إذا رأيت شحًا مطاعًا، وهوى متبعًا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، وأمرًا لا يدان لك به أي لا طاقة لك به، خمسة أشياء: إذا رأيت شحًا مطاعًا، يعني إنسانًا أطاع شحه، وبخله، وهوى متبعًا، رأيت الناس اتبعوا أهواءهم، لم يبالوا بالحق، إذا رأيت شحًا مطاعًا، وهوى متبعًا، ودنيا مؤثرة، رأيت الناس آثروا دنياهم على دينهم، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، يعني إعجاب كل إنسان برأيه، يرى أنه مصيب، وغيره مخطئ، ما ينظر إلى الدليل، والسنة، والقرآن لا، يحكم رأيه، وأمرًا -يعني وشيئًا- لا يدان لك به، لا طاقة لك به، رأيت أمرًا ما تستطيع إنكاره، فعليك بنفسك، إذا وجد مثل هذه الأمور؛ فعليه بنفسه؛ ليخلصها من هذا البلاء، وليصونها من معاصي الله، ومحارمه، وما دام يستطيع أن ينكر فلينكر، هذا هو الجمع بين الحديثين. 

فتاوى ذات صلة