الجواب:
ليس بينهما -بحمد الله- تعارض، بل المعنى واضح، فالحديث الأول فيمن قضى للناس على جهل ليس عنده علم لشرع الله يقضي به بين الناس فهو متوعد بالنار؛ لقوله على الله بغير علم، وهكذا الذي يعلم الحق ولكن يجور من أجل الهوى لمحبته لشخص أو لرشوة أو ما أشبه ذلك فيجور في الحكم فهذان في النار، لأن الأول ليس عنده علم يقضي به فهو جاهل فليس له القضاء، أما الثاني: فقد تعمد الجور والظلم فهو في النار.
أما الأول: فقد عرف الحق وقضى به فهو في الجنة.
أما حديث الاجتهاد الذي رواه عمرو بن العاص ، وما جاء في معناه وهو في الصحيحين عن النبي ﷺ قال: إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر فهذا في العالم الذي يعرف الأحكام الشرعية وليس بجاهل، ولكن قد تخفى عليه بعض الأمور وتشتبه عليه بعض الأشياء فيجتهد ويتحرى الحق وينظر في الأدلة الشرعية من القرآن والسنة ويتحرى الحكم الشرعي لكنه لم يصبه، فهذا له أجر الاجتهاد ويفوته أجر الصواب وخطؤه مغفور، لأنه عالم عارف بالقضاء، ولكن في بعض المسائل قد يغلط بعد الاجتهاد والتحري والنية الصالحة؛ فهذا يعطى أجر الاجتهاد ويفوته أجر الصواب.
الثاني: اجتهد: طلب الحق واعتنى بالأدلة الشرعية وليس له قصد سيء بل هو مجتهد طالب للحق فوفق له واهتدى إليه وحكم بالحق فهذا له أجران أجر الإصابة وأجر الاجتهاد.
وبهذا يُعلم أنه ليس بين الحديثين تعارض؛ والحمد لله[1].
- سؤال أجاب عنه سماحته في تاريخ 28/5/1412هـ. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 23/212).