الجواب: هذه المسألة قد اختلف فيها العلماء رحمهم الله فذهب بعضهم إلى أن الحكمين وكيلان عن الزوجين ليس لهما أن يفرقا إلا برضا الزوجين وهذا القول محكي عن أبي حنيفة والشافعي وهو المشهور في مذهب أحمد فعلى هذا القول ليس للحكمين ولا للقاضي التفريق بين الزوجين إلا برضى الزوج بالطلاق ورضى المرأة ببذل العوض إن رأى الحكمان الطلاق على عوض.
والقول الثاني: أن للحكمين أن يفرقا إذا رأيا ذلك بطلاق خال من العوض أو بعوض تبذله المرأة، وهذا قول علي وابن عباس ، وروي عن عثمان وهو مذهب مالك ورواية عن أحمد واختاره الشيخ تقي الدين ابن تيمية وهو الأقرب من جهة الدليل؛ لأن الله سبحانه سماهما حكمين والحاكم يجوز له أن يحكم بغير رضى المحكوم عليه، ولأنه قول من ذكر من الصحابة .
والقول الثاني: أن للحكمين أن يفرقا إذا رأيا ذلك بطلاق خال من العوض أو بعوض تبذله المرأة، وهذا قول علي وابن عباس ، وروي عن عثمان وهو مذهب مالك ورواية عن أحمد واختاره الشيخ تقي الدين ابن تيمية وهو الأقرب من جهة الدليل؛ لأن الله سبحانه سماهما حكمين والحاكم يجوز له أن يحكم بغير رضى المحكوم عليه، ولأنه قول من ذكر من الصحابة .
فعلى هذا القول إذا لم يطلق الحكمان لكونهما عاميين ويهابان من ذلك فهل يطلق القاضي إذا أخبره الحكمان أن حال الزوجين لا تتفق، هذا محل نظر، ولم أر من صرح من الفقهاء أنه يجوز للقاضي ذلك، وأعني بذلك من وقفت على كلامه منهم بعد البحث والتفتيش، وذكر ابن حزم أنه قد صح عن سعيد بن جبير أن أمر الفرقة للقاضي لا للحكمين إذا أخبره الحكمان بما يقتضي الفرقة فعلى قول سعيد المذكور يجوز للقاضي أن يفرق إذا أخبر الحكمان بما يقتضي التفريق.
والأحوط عندي أن يمسك القاضي عن التفريق ويجتهد في المشورة على الحكمين بالتفريق إذا رأيا ذلك، فإن أبيا بالكلية أشار على الزوج بالفراق وأشار على الزوجة ببذل ما يرضي الزوج من العوض، فإن تيسر ذلك وحصلت الفرقة فهو المطلوب، وإن أبى الزوج الطلاق أو رضي بالطلاق بشرط العوض وأبت المرأة تسليم العوض أخرهما القاضي مدة على حسب ما يقتضيه اجتهاده فلعلهما أن يصطلحا أو يسمح الزوج بالطلاق أو تسمح المرأة ببذل العوض، فإن لم ينفع ذلك ولم تحصل الفرقة وترادا إلى الحاكم في ذلك جاز للقاضي أن يجبر الزوج على الفراق بلا عوض إن ظهر له ظلمه، وإن اشتبه الأمر أجبر المرأة على تسليم العوض الذي دفع إليها الزوج من دراهم وقيمة لحم وبشت ونحو هذا، والصباحة تدخل في حكم الجهاز فيما يظهر لي، وأعني باللحم ما يدفع للزوجة عند النكاح دون ما يأكله الزوج في بيته وقد حكمت بهذا مرتين والدليل في هذا قصة ثابت بن قيس مع زوجته وقول النبي ﷺ: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة[1] رواه البخاري.
قال العلامة ابن مفلح في الفروع: وقد اختلف كلام شيخنا في وجوبه، وقد ألزم به بعض حكام الشام المقادسة الفضلاء انتهى، ويعني بشيخه شيخ الإسلام ابن تيمية ومراده أن شيخ الإسلام أوجبه مرة ولم يوجبه أخرى، والقول بوجوبه على الزوج هو الأقرب عندي كما تقدم وهو أحوط من كون القاضي يتولى ذلك وأحسم لمادة نزاع الزوج، وقصة ثابت مع زوجته حجة ظاهرة في هذا ولله الحمد، والله أعلم. وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه[2].
قال العلامة ابن مفلح في الفروع: وقد اختلف كلام شيخنا في وجوبه، وقد ألزم به بعض حكام الشام المقادسة الفضلاء انتهى، ويعني بشيخه شيخ الإسلام ابن تيمية ومراده أن شيخ الإسلام أوجبه مرة ولم يوجبه أخرى، والقول بوجوبه على الزوج هو الأقرب عندي كما تقدم وهو أحوط من كون القاضي يتولى ذلك وأحسم لمادة نزاع الزوج، وقصة ثابت مع زوجته حجة ظاهرة في هذا ولله الحمد، والله أعلم. وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه[2].
- أخرجه البخاري (كتاب الطلاق) باب الخلع وكيف الطلاق فيه برقم (4867).
- (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 21/ 256).