حكم من نوى العمرة وعزم عليها ثم بدا له ترك ذلك

السؤال:

إحدى الأخوات المستمعات تقول: أختكم أم فيصل من أبها بعثت برسالة تقول فيها: إنني وزوجي وأولادي وبناتي ذهبنا نريد العمرة وزيارة ولدي في مدينة الطائف، ولقد وصلنا إلى الطائف وبقينا يومين ننتظر أن تطهر البنات فنذهب إلى العمرة، ولكن لم يحصل هذا، ثم انتظرنا نصف يوم أيضاً ولم يطهرن، ولنا ولد في جدة جاء وأخذنا إلى جدة، وأشار علينا بالإحرام من الطائف، ولكننا لم نفعل، ونزلنا معه إلى جدة، وبقينا ثلاثة أيام، ثم فكرنا بالعمرة من جديد فقال ولدي: لا بد أن نرجع إلى الميقات، ونحرم من هناك خصوصًا وأن الجميع جاهزين للإحرام، ونذبح كذلك فدية عن كل واحد أراد العمرة من أبها، فازدحمت علينا الأمور، ولم يجتمع بنا الرأي؛ فأخذنا متاعنا، وذهبنا إلى أبها بدون عمرة، ولا أدري ما العمل، والسؤال: هل علينا شيء فيما فعلنا، وهل علينا قضاء تلك العمرة، وماذا بشأن من هو دون سن البلوغ، أفتونا جزاكم الله خيرًا.

الجواب:

ليس عليكم شي ء؛ لأن العمرة إنما تجب مرة في العمر على المكلفين كالحج، وأنتم ذهبتم إلى جدة، ولم تنووا العمرة، ثم ترددتم في العمرة بعد ذلك، فليس عليكم شيء، ولو فرضنا أنكم ذهبتم إلى جدة بنية العمرة إذا فرغتم من شغلكم ثم رأيتم الترك فلا بأس بذلك، العمرة إنما تجب بعد الشروع فيها؛ لقول الله سبحانه: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ[البقرة:196].

فإذا أتى الإنسان إلى الميقات، ولم يشرع في العمرة، وهون عن عزمه ورجع عن عزمه فلا بأس، أو أتى جدة ناويًا العمرة ثم هون ولم يحرم بالعمرة فلا بأس، حتى ولو أتى مكة، لو أتى مكة ولا يريد أن يأخذ العمرة بل دخلها لحاجة للتجارة، أو لزيارة بعض الأقارب بغير نية العمرة فلا شيء عليه؛ لقول النبي ﷺ لما وقت المواقيت: هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة فلم يوجب العمرة والحج إلا على من أراد ذلك إذا مر بالميقات، فمن مر بالميقات، ولم يرد الحج، ولا العمرة، وإنما أراد تجارة في مكة، أو زيارة بعض أقاربه، أو أصدقائه، أو أراد غرضًا آخر؛ فليس عليه شيء.

أما إذا أراد العمرة وصمم عليها فإنه يحرم من الميقات الذي مر عليه، إذا كان من طريق الطائف، أو من طريق نجد يحرم من السيل، وادي قرن، وإذا كان من طريق المدينة أحرم من ميقات المدينة، وإذا كان من طريق اليمن أحرم من ميقات اليمن يلملم، وإذا كان من طريق الساحل الغربي أحرم من رابغ الجحفة، ولو تردد أتى جدة مترددًا هل يعتمر أو ما يعتمر ما عنده جزم فإنه يحرم من جدة إذا عزم، ولا يحتاج يعود إلى الميقات، حتى إذا أتى إلى جدة من المدينة، أو من اليمن، أو من أبها، أو من غير ذلك ما عنده جزم عنده تردد هل يحرم أو ما يحرم؛ فإنه إذا أراد العمرة وعزم عليها أو الحج يحرم من مكانه لقوله ﷺ: ومن كان دون ذلك - يعني: دون المواقيت - فمهله من حيث أنشأ يعني: من حيث أنشأ النية.

فأنتم لما هونتم عن العمرة، وذهبتم من الطائف إلى جدة من دون نية العمرة، لو أحرمتم من جدة فلا حرج عليكم ويكفي، أما لو نويتم العمرة، وأنتم في الطائف، وجزمتم عليها، وذهبتم لجدة مع نية العمرة؛ فأنتم يلزمكم العودة إلى الميقات، وتحرموا من الميقات إذا أردتم العمرة، وعزمتم عليها، فإن لم تفعلوا فعليكم دم.

أما والحال ما ذكرتم ذهبتم إلى جدة مترددين، ثم عزمتم على الترك لا بأس عليكم، ولو ذهبتم إلى جدة ناوين العمرة ثم هونتم ما عليكم شيء؛ لأن ما عليكم شيء؛ لأنكم لم تشرعوا بها.

المقدم: جزاكم الله خيرًا. وهذا الحكم الذي تفضلتم به سماحة الشيخ يشمل جميع أفراد الأسرة؟

الشيخ: نعم كلهم، أما الذي ما بلغ ما يلزمه شيء، الذي ما بلغ ما يلزمه إحرام، لكن إذا أحرم فهو أفضل، إذا أحرم مع أهله إذا كان ابن سبع فأكثر يعلمونه، ويحرم مع أهله أفضل، لكن لا يلزمه الإحرام إلا إذا بلغ الحلم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا.

فتاوى ذات صلة