الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فينبغي أن يعلم أن هذا الكتاب وهو بدائع الزهور ليس من الكتب المعتمدة، بل هو حاطب ليل، يذكر الغث والسمين، والصحيح والباطل، فلا يعتمد عليه، وأخبار بني إسرائيل أخبار قديمة، لا يعتمد عليها إلا ما ثبت عن الله أو عن رسوله محمد عليه الصلاة والسلام، ونص القرآن أن يوسف عليه الصلاة والسلام رفع أبويه على العرش، وهما أبوه وأمه لا خالته، بل أبوه وأمه؛ لأن الله قال: وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا [يوسف:100].
وكانت السجدة ذلك الوقت مباحة للإكرام والتحية، وليست للعبادة، وكما سجد الملائكة لـآدم إكرامًا وتعظيمًا لا عبادة، فهذه السجدة ليست من باب العبادة ولكن من باب التحية والإكرام، وهي جائزة في شرع من قبلنا، ولكن في شريعة محمد عليه الصلاة والسلام ممنوع ذلك، ولهذا ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها.
وبين أن السجود لله ، فلا يسجد إلا لله وحده ، وقال في آخر سورة النجم: فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا [النجم:62]، وقال في سورة اقرأ: وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ [العلق:19] ، فالسجود لله وحده، وشريعة محمد عليه الصلاة والسلام هي أكمل الشرائع وأتمها، فلا يجوز فيها السجود لغير الله، لا تحية ولا عبادة، أما العبادة فلا تصح إلا لله وحده في جميع الشرائع؛ لأن الله جل وعلا قال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء:23]، قال سبحانه: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56].
فالعبادة حق الله وحده في كل زمان ومكان، ولكن كان السجود فيما مضى يستعمل تحية وإكرامًا كما فعل أبوي يوسف وإخوته، وكما فعلت الملائكة لـآدم هذا من باب التحية والإكرام وليس من باب العبادة، أما في شريعة محمد عليه الصلاة والسلام فإن الله منع من ذلك، وجعل السجود لله وحده ولا يجوز أن يسجد لأحد، لا للأنبياء ولا غيرهم، حتى محمد عليه الصلاة والسلام منع أن يسجد له أحد، وأخبر أن السجود لله وحده فعلم بهذا أن جميع أنواع العبادة كلها لله وحده ومن أعظمها السجود، فإنه ذل وانكسار لله فهو من أفضل العبادات، فلا يصرف لغيره من الناس لا للأنبياء ولا للجن ولا للإنس، ولا غيرهم، والله المستعان.
المقدم: الله المستعان، جزاكم الله خيرًا.