الجواب:
الواجب على المسلم إذا وقع في ضيق وحاجة أن يضرع إلى الله سبحانه ويتوجه إليه جل وعلا ويسأله حاجته وكشف كربته، كما قال الله : أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ [النمل:62]، فهو سبحانه الذي يجيب المضطر.
وهو القائل : وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة:186]، وهو القائل سبحانه: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60].
فالواجب على المؤمن في هذه الحال أن يضرع إلى الله، وأن يرجع إليه ، وأن يسأله تفريج كربته وتيسير أمره، أما الفزع إلى عبد القادر أو إلى غيره من الناس فهذا هو الشرك الأكبر، هذا شرك أكبر نعوذ بالله من ذلك، فلا يجوز أن يفزع الإنسان إلى عبد القادر أو إلى السيد البدوي أو إلى الحسين أو إلى علي بن أبي طالب أو إلى غيرهم من الناس، بل يجب الفزع إلى الله وحده، وهو القائل سبحانه: فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18]، وهو القائل : وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ [يونس:106]، فهو جل وعلا الذي يجيب المضطر، ويكشف السوء، ويجود على عباده .
ولا ينبغي لأحد أن يغتر بما يفعله بعض الناس من الفزع إلى الشيخ عبد القادر أو إلى غيره أو أنها تقضى حاجته في بعض الأحيان، هذا من باب الاستدراج، وقد يقضيها له بعض الجن، يستدرجه بذلك حتى يوقعه في الشرك الأكبر دائمًا، فلا ينبغي لعاقل أن يغتر بكون حاجته قضيت لما دعا الشيخ عبد القادر أو غيره، قد تقضى الحاجة بأسباب قدرها الله صادفت وقت دعائه لـعبد القادر، وقد تكون حاجة يستطيعها بعض شياطين الجن فيقضيها لك لأجل يستدرجك في الشرك، ويوقعك في الشرك مرة أخرى.
فالمقصود أن الواجب على المكلف أن يخلص لله عبادته، وألا يدعو معه أحدًا لا نبيًا ولا غيره، وهو يقول جل وعلا: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]، ويقول سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [البينة:5]، ويقول : فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ [الزمر:2-3].
وبهذا تعلم أيها السائل أن هذا الذي قيل لك أمر باطل ومنكر من الشرك الأكبر، وأن الواجب على جميع المسلمين وعلى جميع المكلفين الإخلاص لله في العبادة، وأن لا يدعى أحد معه جل وعلا، لا ملك ولا نبي ولا صالح ولا غيرهم، بل لا يدعى إلا الله وحده لكن الأحياء، لا بأس أن تدعو الحي القادر يساعدك في شيء من الزكاة أو من غيره لا بأس، تقول لأخيك الحاضر: يا أخي! ساعدني على إصلاح سيارتي، أو على عمارة بيتي، أو على قضاء الحاجة الفلانية، وهو حي حاضر يسمع كلامك هذا لا بأس به، كما قال الله في قصة موسى: فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ [القصص:15]، وكما هو معلوم بين المسلمين يتساعدون في أمور ديناهم وفي أمور دينهم، والله يقول سبحانه: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2]، ويقول النبي ﷺ: والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
فالتعاون بين المسلمين فيما يقدرون عليه مشافهة، أو من طريق الكتابة، أو من طريق الهاتف.. التلفون، أو من غيره من الطرق الحسية المعروفة، لا بأس بهذا، هذا شيء معروف وجائز؛ لأنه طلب من المخلوق ما يقدر عليه وهو حي حاضر يسمع كلامك، أو تكاتبه في ذلك من مكاتبة أو من طريق الهاتف ونحو ذلك.
أما دعاء الأموات أو دعاء الغائبين من الملائكة والجن، أو دعاء الأصنام والأشجار والأحجار، هذا الشرك الأكبر، نسأل الله العافية والسلامة، وهذا دين المشركين الأولين، دين أبي جهل وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبي لهب ونحوهم، هذا دينهم، فيعبدون الأنبياء والأولياء ويستغيثون بهم، وينذرون لهم ويذبحون لهم، فكفرهم الله بهذا، وقاتلهم نبيه محمد عليه الصلاة والسلام، حتى أسلم من أسلم منهم، حتى ظهر دين الله .
فالواجب على كل مكلف أن يخص ربه بالعبادة أينما كان، وأن يفزع إليه في جميع الشئون، وجميع الحاجات وجميع الكربات دون كل ما سواه ، ولكن مثل ما تقدم لا بأس أن تستعين بأخيك الحاضر الحي، تستعين به في مزرعتك، تحط عمال في مزرعتك، تستعين بهم في شئونك، تستعين بأبيك في حاجة.. بأخيك، وهم أحياء يسمعون كلامك، أو بالمكاتبة أو بالبرقية، أو بالهاتف أو بالتلكس هذه أمور عادية، غير داخلة في الشرك، إذا صارت في أمور يقدر عليها مستعانك.
فأما دعاء الأموات كالشيخ عبد القادر، أو الشيخ البدوي أو الحسين أو علي ، أو الأنبياء أو غيرهم من الصالحين هذا لا يجوز، هذا الشرك الأكبر، وهكذا دعاء الجن، أو دعاء الملائكة أو دعاء الأصنام والأشجار والأحجار، هذا هو الشرك الأكبر، هذا دين أهل الشرك، هذا الدين الذي بعث الله الرسل بإنكاره والتحذير منه عليهم الصلاة والسلام. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.