حكم الاستغاثة بالأموات

السؤال:

هناك جماعة من الناس يستعينون بالأموات، والمشايخ، وهناك بعض الإخوة يقولون لهم: إنكم مشركون بهذا العمل، ويقاطعونهم، فما هو توجيهكم؟ جزاكم الله خيرًا.

الجواب:

نعم، الاستعانة بالأموات، والاستغاثة بالأموات، أو بالأشجار، والأحجار، أو بالأصنام، أو بالجن، أو بالملائكة، كله شرك أكبر، أو بالرسل، كله شرك أكبر، كله من الشرك بالله .

 وهكذا المشايخ إذا كانوا أمواتًا، أو غائبين، يعتقد فيهم أنهم ينفعونه، ويشفعون له، يدعوهم من دون الله، يستغيث بهم، كل هذا من الشرك الأكبر، وقد أنزل الله في ذلك كتابه العظيم، وبعث به رسله الكرام -عليهم الصلاة والسلام- قال في كتابه العظيم: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18] وقال سبحانه: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117] وقال -جل وعلا-: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ ۝ إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ [فاطر:13-14] سمى دعاءهم شركًا. 

فلا يجوز لمسلم أن يدعو الأموات، أو يستغيث بهم، أو ينذر لهم، أو يذبح لهم، يتقرب إليهم بالذبائح، أو يستغيث بهم عند الشدائد، كل هذا من الشرك الأكبر، وهذا عمل كفار قريش وغيرهم، هذه أعمال الكفار عند قبور الأموات، وعند أصنامهم، وأشيائهم التي يعبدونها من دون الله.

والغائب مثل الميت، الغائب عنك مثل الميت، يدعو غائبًا يعتقد أنه يسمع دعاءه، وأنه له سر، يدعوه مثلًا هو في مصر، أو في مكة، أو في أي مكان يدعوه من بعيد، هذا مثل دعاء الميت، شرك أكبر.

أما الحاضر الذي يسمع كلامك، تقول: يا عبدالله، أعني على كذا، أقرضني كذا، ساعدني على إصلاح السيارة، عاوني على رفع هذا الحجر، على رفع هذا الباب، على رفع هذه الخشبة، لا بأس، إذا كان حاضرًا يسمع كلامك، ويقدر على أن يعينك، لا بأس بهذا، كما قال الله في قصة موسى: فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ [القصص:15] لأن موسى يسمع الكلام، ويستطيع؛ فلا بأس.

وهكذا خوفك من العدو، تغلق الباب، أو تهرب من بلد إلى بلد؛ خوفًا من العدو، لا بأس، كما قال الله -جل وعلا- في قصة موسى: فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ [القصص:21] يعني خرج من مصر خائفًا من حاشية آل فرعون، لما قتل القتيل، فالشيء الذي يفعله الإنسان مع الحاضر، أو مع الجماعة الحاضرين، أو خوفًا من العدو الحاضر، يتباعد عنه؛ لئلا يعاقبه، ويهرب إلى جهة بعيدة حتى يكون ذلك أسلم له، كل هذا لا بأس به، هذه أمور عادية، وأمور متعلقة بالأسباب، حسية معروفة لا حرج فيها.

أما دعاء الأموات، والغائبين عنك، والأصنام، والأشجار، والأحجار، هذا هو الشرك الأكبر، هذا عمل المشركين الأولين من عباد اللات والعزى ومناة، وعمل قوم نوح، وقوم هود، وقوم صالح، وغيرهم من الكفرة، هذه أعمالهم.

فالواجب على العاقل أن يميز بين الأمرين، وأن يكون على بصيرة، فإذا قلت لأخيك: يا أخي، ناولني هذه السجادة، أو ناولني هذا الإناء، أو أقرضني كذا، هذا حاضر يسمع كلامك؛ لا بأس بإجماع المسلمين، لا حرج في ذلك، أو في البناء، أو في الحرب، والجهاد تستعين به، تقول: أعطني السلاح، تقدم إلى المحل الفلاني، امش في المحل الفلاني، احرس المحل الفلاني، كل هذا لا بأس به، هذه أمور عادية مشروعة، مأمور بها، ليس صاحبها عابدًا لغير الله، بل هي أمور حسية، مقدورة يتعامل بها الناس، نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا.

فتاوى ذات صلة