الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فقد شرع الله -جل وعلا- للعباد البر بوالديهم، والإحسان إليهم بالصدقات، والدعاء وسائر أنواع الخير التي تنفع الوالدين أحياءً وأمواتًا.
لكن الصلاة للوالدين غير مشروعة، ولم يأت بها نص، فلا يصل الولد لوالده، ولكن يدعو له ويتصدق عنه، يحج عنه إذا كان ميتًا، أو عاجزًا لا يستطيع الحج لكبر سنه أو مرضه الذي لا يرجى برؤه، ونحو ذلك.
أما كونه يصلي عنه هذا غير مشروع، ولكن يدعو له، ويتصدق عنه، ويحج عنه إذا كان ميتًا أو عاجزًا، وهكذا سائر أنواع الخير التي تنفعه من الضحية عنه، والاعتمار عنه، والإحسان إلى أصدقائه وأقاربه، ونحو ذلك من وجوه الخير، نعم.
المقدم: المستمع يقول: يصلي عنه زيادة في كل فرض ركعة.
الشيخ: لا هذا غير مشروع.
المقدم: هذا يؤثر على صحة الصلاة؟
الشيخ: ما يجوز، إذا زاد ركعة في الصلاة أبطلها، إذا صلى الظهر مثلًا خمسًا، الخامسة لأبيه أو لأمه هذا باطل، هذا غلط وبدعة منكر، أو إذا صلاها مستقلة لا يجوز أيضًا، حتى لو صلاها مستقلة لا يجوز ذلك؛ لأن الله سبحانه لم يشرع لنا أن نصلي عن آبائنا، ولا عن أمهاتنا، فهذا منكر، وقد سئل النبي ﷺ سأله رجل قال: «يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد وفاتهما؟ قال النبي ﷺ: نعم؛ الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما هكذا بيَّن النبي ﷺ.
فالصلاة عليهما يدخل فيها الدعاء، وصلاة الجنازة، صلاة الجنازة والدعاء له؛ لأن الدعاء يسمى صلاة، قال الله تعالى: وَصَلِّ عَلَيْهِمْ[التوبة:103] أي: ادع لهم، والصلاة على الوالدين الدعاء لهما بالمغفرة والرحمة والنجاة من النار، والدعاء لهم في حياتهم بمضاعفة الأجر، وقبول الحسنات، والعافية والصحة، ونحو ذلك.
والاستغفار لهما: طلب المغفرة لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما: إنفاذ وصاياهم إذا أوصوا بشيء لا يخالف الشرع، فالولد ينفذ الوصية وصية والده؛ لأن الله -جل وعلا- شرع له ذلك، وهذا من إعانته على الخير، فإذا أوصى والده بشيء مما يحبه الله كالصدقة وبناء المساجد والضحية عنه وأشباه ذلك فإن الولد ينفذ ذلك.
أما لو أوصى بشيء لا يشرع، فالولد لا ينفذ، لو أوصى أبوه أنه يبني على القبر مسجدًا، أو يبني عليه قبة، هذه بدعة منكر لا يقبل هذه الوصية، ولا ينفذها؛ لأنها مخالفة للشرع، كذلك لو أوصاه والده أن يقطع أرحامه، وألا يكلم عمه، وألا يصل إخوانه هذه وصية باطلة قطيعة للرحم لا ينفذها، ولكن ينفذ الوصايا الشرعية مثل أوصى بأنه يتصدق عنه، يعمر عنه مسجدًا على وجه الشرع، يضحي عنه، يحج عنه لا بأس.
فالمقصود: أنه ينفذ عهد أبيه وأمه إذا كان ذلك شيئًا شرعيًا، أما إذا كان ذلك يخالف الشرع فلا، وهكذا إكرام صديق والديه يكرمهم، ويحسن إليهم، قد جاء في الحديث عن النبي ﷺ أنه قال: إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه هذا من أبر البر، كونه يصل أحباب أبيه وأولياء أبيه وأقاربه، وكذلك صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، مثل الإحسان إلى أعمامه وإلى جده أبي أبيه وإلى أخواله أخوة أمه، وأخوال جداته، ونحو ذلك، هذا كله من الصلة للوالدين، صلته أقارب والديه صلة لهما، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.