الجواب:
الميت في حاجة إلى الدعاء والصدقة، وأحسن ما يفعل مع الميت الدعاء، الدعاء له بظهر الغيب، الدعاء له، والترحم عليه، وسؤال الله سبحانه أن يغفر له، وأن يتغمده بالرحمة، وأن يعفو عنه، وأن يرفع درجاته في الجنة، ونحو هذا من الدعاء الطيب.
والصدقة كذلك، الصدقة بالنقود بالطعام بالملابس بغير هذا من أنواع المال، كل هذا ينفع الميت، وهكذا الحج عنه، وهكذا العمرة عنه، كل هذا ينفع الميت، وإن كان عليه ديون وجب البدار بقضائها من ماله إن كان له مال، وإن كان ما له مال شرع لأوليائه من ذريته وقراباته أن يوفوا عنه، فالوفاء عنه من أعظم الصدقات عليه، كل هذا مطلوب.
أما القراءة فلا، لم يأت ما يدل على شرعية ذلك، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن القراءة تنفع الميت، ولكن ليس عليه دليل، فالأولى ترك ذلك؛ لأنه ليس هناك دليل عن النبي ﷺ ولا عن أصحابه في أن القراءة تصل إلى الميت، وأنه يقرأ له، ويثوب له، هذا ليس عليه دليل واضح، فالأولى والأفضل والأحوط ترك ذلك.
ولكن يدعى للميت، يستغفر له، يترحم عليه، يتصدق عنه بالمال بأنواع المال، يحج عنه، يعتمر عنه، يوفى عنه الدين كل هذا شيء ينفع الميت، ويأجر الله هذا وهذا الميت ينتفع والفاعل من الأحياء يؤجر على ذلك أيضًا.
وقد صح عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له.
وثبت عن النبي ﷺ أيضًا أن رجلًا سأله قال: إن أمي ماتت فهل لها أجر إن تصدقت عنها؟ قال النبي ﷺ: نعم فالصدقة عن الميت تنفعه بإجماع المسلمين، وهكذا الدعاء له بإجماع المسلمين ينفعه، والله المستعان، نعم.
المقدم: والصلاة والصيام؟
الشيخ: الصلاة ما هي بمشروعة، لا يصلى على الميت، لم يشرع هذا، وهكذا القراءة، أما الصيام فإذا كان عليه صوم يصام عنه.
المقدم: صوم الواجب.
الشيخ: من مات وعليه صيام بأن فرط عليه صيام، ولم يصم يصام عنه، يصوم عنه أولياؤه، كما قال النبي ﷺ: من مات وعليه صيام صام عنه وليه فيصوم عنه ولده الذكر أو الأنثى أو زوجته أو غيرهما من قراباته، هذا طيب وينفع الميت.
قد سأل جماعة النبي ﷺ عن أنواع من الصوم، فأجابهم النبي ﷺ بقوله: أرأيتم لو كان على فلان دين أكنت قاضيه؟ اقضوا الله، فالله أحق بالوفا فشبهه بالدين، سواء كان صوم رمضان أو كفارة أو نذر كله يصام عنه على الصحيح، ولو كان صوم رمضان ولو كان صوم الكفارة، وقال بعض أهل العلم: إنما يصام عنه النذر خاصة، ولكن هذا قول ضعيف، والأحاديث الصحيحة تدل على خلافه، الأحاديث الصحيحة دالة على أنه يصام عنه حتى رمضان؛ ولهذا قالت عائشة -رضي الله عنها- عن النبي ﷺ أنه قال: من مات وعليه صيام، صام عنه وليه أخرجه الشيخان في الصحيحين.
وفي الصحيح عن عدة من الصحابة أنهم سألوا النبي ﷺ من مات وعليه صوم شهر؟ بعضهم قال: صوم شهرين، أنصوم عنه؟ فقال النبي ﷺ: صوموا عنه وشبهه بالدين، ولم يستفصل هل هو رمضان؟ هل هو كفارة؟ هل هو نذر؟ فدل ذلك على أن الأمر عام يعم الكفارة، ويعم النذر، ويعم رمضان.
وفي مسند أحمد بإسناد جيد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن امرأة قالت: يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صوم رمضان أفصوم عنها؟ قال: صومي عن أمك، أرأيت لو كان عليها دين أكنت قاضيته؟ اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء وهذا صريح في رمضان، وإسناده قوي جيد.
أما إذا كان الميت ما فرط، بأن مات في مرضه، فهذا لا صوم عليه عند عامة أهل العلم، عند جمهور أهل العلم، لا يقضى عن صوم، ولا يطعم عنه؛ لأنه غير مفرط معذور؛ لأن الله قال: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:185] فالذي توفي في مرضه، ما أدرك أيامًا أخر، معذور، ليس عليه صيام، وليس عليه إطعام، يعني: ليس على ورثته إطعام ولا صيام، نعم.
المقدم: أثابكم الله.