الجواب:
هذا مجمل، لكن يفسر على حسب ما تحتمله العبارة، إذا قال: والله لا أفعلن كذا، لا أزاورنكم، أو والله لأعيننكم على كذا وكذا، أو والله إن فلانًا ما فعل كذا، أو ما فعل كذا، بطريق الإصلاح، فهو في حلفه بقصد الإصلاح، حلفًا لا يضر أحدًا، لا حرج عليه في ذلك، والله إن فلانًا قال فيك كذا، والله إن الجماعة أثنوا عليك، ويشكرونك، ويقولون: إنه صاحبنا، وكذا، ليصلح بينهم، أو قال: والله لأزورنكم، وأساعدنكم على المهمة إذا صلحتم، وإذا تركتم هذا الشقاق؛ فإنه عليه أن يوفي لهم بهذا الشيء؛ لأن الوعد له شأن، ومن خصال المؤمن الوفاء بالوعد، قال الله في حق إسماعيل: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا [مريم:54].
ولا ينبغي له أن يخل بالوعد؛ لأن الإخلال بالوعد من صفات أهل النفاق، المنافق إذا وعد أخلف، وعليه كفارة يمين إذا أخل بذلك، مع كونه اتصف بصفات أهل النفاق، في الإخلال بالوعد، عليه أيضًا كفارة اليمين، إذا قال: والله لأزورنكم في يوم كذا، أو والله لأساعدنكم، ولم يفعل؛ فعليه كفارة اليمين، وعليه معرة إخلاف الوعد، وقد يأثم عندما من قال بوجوب الوفاء، وهو ظاهر الأدلة، وقد لا يأثم؛ لكنه وقع في خصلةٍ من خصال أهل النفاق، ينبغي له ألا يقع فيها، وظاهر الأدلة الشرعية: أن الوفاء بالوعد أمر واجب، وأن الإخلال به محرم، ومن صفات أهل النفاق، فلا يليق بالمصلح والموجه أن يخلف الوعد؛ لأن هذا يخل بالإصلاحات المستقبلة، فلا ينبغي له أبدًا أن يخلف الوعد، بل ينبغي له أن يفي بالوعد، ويحرص في ذلك.
وهكذا الأيمان الأخرى، ما كان منها كذبًا للإصلاح، ولا يترتب عليه مضرة أحد، فلا حرج عليه في ذات الإصلاح، كما في الحديث الصحيح من حديث أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، قالت: سمعت الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس، فيقول خيرًا، وينمي خيرًا -قالت: ولم أسمعه يرخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث: في الإصلاح بين الناس، وفي الحرب، وفي حديث الرجل امرأته، والمرأة زوجها فالإصلاح يباح فيه الكذب الذي لا يضر الناس، ولكنه ينفع الجماعة فيصلح بينهم، ولا يضر غيرهم، نعم.