الجواب:
ليس في استطاعة كل مسلم إلا بعد التعلم، الدعوة إلى الله تحتاج إلى علم، وتحتاج إلى لغة المخاطب أيضًا، والله يقول سبحانه: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ[يوسف:108] يعني: على علم، فمن أراد أن يدعو الناس إلى الله فليتعلم وليتفقه في الدين، وليعتني بالقرآن الكريم وتفسيره ومعرفة معانيه؛ وليحضر عند أهل العلم، يحضر حلقات العلم، يسأل أهل العلم عما أشكل عليه، حتى يصلح للدعوة، فإذا وجد من نفسه قوة على ذلك، واستشار من يطمئن إليه من أساتذته حتى يصلح للدعوة وحتى يوجهه إلى ما ينبغي، وحتى يشير عليه بما ينبغي أن يستعمل، فإذا وجد من نفسه القدرة؛ لأن عنده حصيلة من الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة في أي موضوع من المواضيع التي يريد أن يدعو إليها، أو يناقش فيها فيتكلم، وإذا كانت لغة المدعو غير العربية فلا بد أن يستعين بمن يفهم اللغة من الثقات حتى يكون واسطة بينه وبينه في توجيه الخير، وإرشاده إلى الحق باللغة التي يفهمها، بواسطة من يعرف اللغة المذكورة من الثقات المعروفين بالعلم والفضل، وإذا كان الداعي يعرف اللغة، فهذا نعمة كبيرة، يدعو إلى الله باللغة التي يفهمها، ويعرفها المخاطب.
وبكل حال فالصفات التي يجب توافرها في الداعي هي أن يكون عنده علم وعنده حلم وبصيرة حتى يدعو إلى الله على بينة وبرفق ولين، وبأسلوب يؤثر على المدعو، وأن يكون في نفسه صالحًا حتى لا يحتج عليه المدعو يقول: أنت تدعوني إلى كذا وأنت فاسد، تخالف أقوالك أعمالك، وأعمالك أقوالك، ينبغي له أن يكون حريصًا على أن يعمل بما يدعو إليه، وأن يحذر ما ينهى عنه، فالداعي يمثل دعوته بأفعاله وأخلاقه وسيرته مع الناس.
وينبغي أيضًا أن تكون عنده حصيلة محفوظة من الأحاديث الصحيحة، ومن آثار السلف الصالح الذين قاموا بالدعوة حتى يتأسى بهم، مع كتاب الله والعناية بحفظه وتدبر معانيه، والاستعانة بكلام أئمة التفسير المعروفين، بالعلم والفضل والعقيدة الصالحة، كالإمام ابن جرير والبغوي وابن كثير وغيرهم من أئمة التفسير الذين يستفاد من كلامهم في تفسير كلام الله .
فالحاصل: أنه لا بد من بصيرة، ولا بد من أخلاق فاضلة، أن يكون ذا خلق كريم في حلمه وقوله وعمله وأساليبه حتى لا يجد المدعو ثغرة يدخل منها عليه لينتقصه أو ليهجن دعوته، ويقول: إنك لست كما تقول، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.