الجواب:
هذا الذي نبه عليه أيضًا الشيخ محمد، وهو مسألة القيام، هذا مما جاء في السنة في النهي عنه، قال أنس : كان الصحابة إذا دخل عليهم النبي لا يقومون له لما يعلمون من كراهيته لذلك، وكان يقول ﷺ: من أحب أن يتمثل له الرجال قيامًا؛ فليتبوأ مقعده من النار.
فالواجب على الطلبة إذا دخل الأستاذ ألا يقوموا، بل يلزموا أماكنهم، ويسلموا عليه، ويصبحونه بالخير، ويمسونه بالخير، طيب، أما أنهم يقومون له وقوفًا؛ فلا ينبغي ذلك، أقل أحواله الكراهة الشديدة، وهو لا يحب ذلك ما يجوز له أن يحب ذلك، والأستاذ ما دام أنه لا يحب ذلك، فهو على خير، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: من أحب أن يتمثل له الناس قيامًا؛ فليتبوأ مقعده من النار وفي لفظ: من سره.
فالحاصل: أنه إذا كان لا يحب ذلك؛ لا حرج عليه، لكن يلزمه أن يعظهم، وأن يقول لهم: لا تفعلوا، وإذا عرفوا منه الصدق، وأنه لا يرضا بذلك؛ جلسوا، لكن أخشى أنه لا يحب ذلك دعوى، وليست حقيقة، ولو كان لا يحبه حقيقة؛ لأمرهم بالجلوس، ولقال لهم: لا تقوموا.
فالحاصل: أن هذا الشيء على الأستاذ أن ينبههم، وأن يقول لهم: لا تفعلوا، لا تقوموا، ولا يرضى عنهم، لا أرضى عنكم أن تفعلوا هذا، فإذا رأوا منه الصدق ما قاموا ما هم حريصين على القيام، لكن خوفًا من شره، أو يرسبهم، أو يفعل بهم أشياء تضرهم.
فالحاصل: أنه إذا صدق في ذلك، وقال لهم: لا تقوموا ما قاموا، وهذا الواجب أيضًا على وزارة المعارف؛ أنها تنبه المديرين أن هذا لا يجوز، وأن الأستاذ إذا دخل لا يقومون له، وهكذا البنات، المدرسة لا يقمن لها، وعلى الرياسة العامة للتعليم أن تنبه على ذلك؛ حتى يزول هذا الشر الذي في المدارس.
أما القيام الذي معناه المواجهة، والمقابلة للمصافحة، هذا لا بأس به، إذا دخل الأستاذ، فقام له واحد ليسأله عن شيء، ليصافحه، ليقدم في مكان، أو ليجلسه في مكانه، أو في مجلس من المجالس، قام ليصافحه، ويسأله عن حاله؛ لا بأس.
مثلما قام طلحة بن عبيدالله التيمي أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، لما دخل كعب بن مالك، لما تاب الله عليه، وجاء إلى الناس، والنبي في المسجد، وعنده الحلقة، ولما رأى كعبًا أقبل؛ قام من الحلقة، وقابله، وصافحه، وهنأه بتوبة الله عليه، ولم ينكر النبي ﷺ عليه، ولم يقل له شيئًا؛ فدل على جوازه في هذا.
ولما جاء سعد بن معاذ الأنصاري ليحكم في بني قريظة على دابة له، على حمار، لما أقبل قال النبي ﷺ: قوموا إلى سيدكم فقاموا إليه، وسلموا عليه، وأنزلوه من دابته، وكانت فاطمة -رضي الله عنها- إذا دخل والدها النبي -عليه الصلاة والسلام- قامت إليه، وأخذت بيده، وأجلسته في مكانها، وكان إذا دخلت عليه هو قام إليها، وأخذ بيدها، عليه الصلاة والسلام.
هذا إذا كان القيام للمقابلة، والمواجهة، والمصافحة، أو القيام ليمشي معه حتى يخرج من المحل، هذا لا حرج فيه، فعله النبي، وفعله الصحابة، المنكر كونهم يقومون، ثم يجلسون، ما في مصافحة، ولا شيء، إنما يقومون تعظيمًا للداخل، ثم يجلسون، هذا الذي أقل أحواله الكراهة، أو التحريم، وكونه يحب ذلك في الداخل، ويسر لهذا، ويحبه هذا، لا يجوز، وقد توعد بالنار على هذا الشيء، وهم لا ينبغي لهم أن يقوموا، يكره لهم القيام، وهو لا يجوز له أن يحب ذلك، ولا يجوز له أن يأمرهم بهذا الشيء، والواجب عليه أن ينهاهم عن هذا الشيء؛ حتى يجلسوا، وحتى يعتادوا على هذا الشيء، وهو الجلوس في أماكنهم؛ حتى يأخذ مكانه، ويبدأ بالدرس، سواء كانوا ذكورًا، أو إناثًا.
السؤال: بعض المدرسين يقول: إن هذا تنبيه للطلاب؟
الجواب: لا؛ هذه شبهة شيطانية، يتنبهوا بدخوله إذا قال: السلام عليكم؛ تنبهوا، وإذا واحد نعس يقول: يا فلان صاح، انتبه للدرس، لا بأس أن ينصحهم، ويحذرهم من النعاس.
السؤال: ذكر فضيلة المحاضر أن القيام قد يفضي إلى الشرك، وهناك بعض المسؤولين إذا لم يقم له الإنسان؛ فقد يغضب عليه، ويعاقبه، فماذا أعمل معه؟
الجواب: يبين له مر الكلام هذا، وأنه لا يجوز القيام، والذي لا يرضى ينبه، يقال له: إن هذا لا يجوز، لولا أن الرسول كره ذلك، وأنت والحمد لله من أتباع الرسول، أنت لا تحب الشيء الذي لا يحبه الرسول ﷺ.