الجواب:
جاء عن النبي ﷺ فيما رواه أهل السنن أنه قال -عليه الصلاة والسلام-: خير أيامكم يوم الجمعة وفي لفظ: إن من خير أيامكم يوم الجمعة؛ فأكثروا عليّ من الصلاة فيها، فإن صلاتكم معروضة علي اللهم -صل عليه وسلم- قالوا: يا رسول الله، كيف تعرض صلاتنا عليك، وقد أرمت؟ يعني بليت، قال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء أخرجه أهل السنن.
لكن ليس إسناده بذاك السالم، أعله بعض أهل العلم، والمشهور عند أهل العلم صحته، وأن إسناده حسن، لا بأس به، وهو يدل على أن أجساد الأنبياء لا تأكلها الأرض، بل تبقى طرية سليمة، كما أخبر به النبي -عليه الصلاة والسلام- لكن الحديث ليس من الأحاديث المقطوع بصحتها، بل فيها كلام لبعض أهل العلم، ولكن الراجح: أنه جيد، وأنه لا بأس بإسناده.
وهذا ليس خاصًا بالأنبياء، بل قد يقع ذلك لبعض الصالحين؛ فقد شاهد الناس، وعلم الناس قديمًا، وحديثًا أجسادًا مدفونة مئات السنين لا تأكلها الأرض من أجساد الصالحين، والأخيار، ومن الشهداء، وغير الشهداء، فالله -جل وعلا- على كل شيء قدير فله الحكمة البالغة، جل وعلا.
ولكن جاء النص في أجساد الأنبياء خاصة: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء وروحه ﷺ في الجنة، في أعلى عليين في الرفيق الأعلى وجسده في الأرض.
لكن جاء في الحديث الذي رواه أبو داود بإسناد جيد: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ما من أحد يسلم عليّ إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه وهذا الرد قد يكون مباشرة، وقد يكون بواسطة الملائكة، فإنه جاء في الحديث الآخر: إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام فهو يبلغ السلام بواسطة الملائكة التي تنقل سلام الأمة إليه -عليه الصلاة والسلام- وروحه في أعلى عليين في الجنة في خير مكان -عليه الصلاة والسلام- وجعل الله له منزلة في الجنة في أعلى المنازل، وهي الوسيلة أعلى منزلة في الجنة له، عليه الصلاة والسلام.
وهكذا أرواح المؤمنين، أرواح المؤمنين بعد الموت في الجنة، جاء في الحديث أنها طائر يعلق في شجر الجنة، شبه طائر يجعلها الله كطائر تطير في الجنة حيث شاءت، وتأكل من ثمار الجنة، وتأوي إلى جسدها إذا شاء الله .
أما أرواح الشهداء فالله جعلها في أجواف طير خضر عوضًا من أجسادهم التي قتلوا في سبيل الله، أعطاهم الله هذه الطير الخضر تكون أرواحهم في أجوافها، تسرح في الجنة، يسرحون في الجنة حيث شاؤوا، ثم يعودون إلى قناديل معلقة تحت العرش، تقع فيها، وتستقر فيها، وتسرح في الجنة حيث شاءت.
وبهذا نعلم أن أرواح الأنبياء، والمؤمنين كلها في الجنة في هذه الدنيا في البرزخ تذهب إلى الجنة، ويرفعها الله إلى الجنة، وتأكل من نعيمها، وخيرها، ولكن أرواح الأنبياء أفضل، وروح نبينا ﷺ أفضل الأرواح، وأعلاها، وأكثرها فضلًا.
وهذه الأرواح تعود إلى أجسادها إذا شاء الله، تعود لأجسادها عند السؤال، عند سؤال الملك بعد الدفن تعود الروح إلى الجسد، وتجيب عما يسأل عنه، إذا قال: من ربك؟ ربي الله، من نبيك؟ نبي محمد، ما دينك؟ ديني الإسلام، فعند ذلك يوسع الله له في قبره، ويفتح له بابًا إلى الجنة، يأتيها من روحها، وطيبها، ويقول: يا رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي، ومالي؛ لأنه يرى أنه سوف يزداد خيرًا.
أما ذاك المجرم الكافر إذا عذب -نعوذ بالله- يقول: رب لا تقم الساعة، رب لا تقم الساعة، لأنه يعلم أنه ينتقل إلى ما هو أشر من ذلك، نسأل الله العافية، ولا حول ولا قوة إلا بالله.