الجواب:
سبق لكم في كلام الشيخين: أن الاجتماع في بيت الميت للأكل، والشرب، ولقراءة القرآن أن هذا بدعة، وهكذا اجتماعهم يصلون له، ويدعون له، كله بدعة، لا وجه لهذا؛ إنما يؤتى لأهل الميت للتعزية، والدعاء لهم، والترحم على ميتهم، وتسليتهم، وتصبيرهم.
أما أنهم يؤتون لإقامة مآتم، وإقامة دعوات خاصة، وصلوات خاصة، وقراءة، فهذا لا أصل له، ولو كان خيرًا لسبقنا إليه سلفنا الصالح -رضي الله عنهم وأرضاهم- فالرسول ما فعله، وقد دفن جعفر بن أبي طالب، وعبدالله بن رواحة، وزيد بن حارثة في غزوة مؤتة، وجاءه الخبر -عليه الصلاة والسلام- جاءه الوحي بذلك، فنعاهم للصحابة، وأخبرهم بموتهم، وترضى عنهم، ودعا لهم، ولم يتخذ من هذا شيئًا -عليه الصلاة والسلام- لا جمع الناس، ولا اتخذ مأدبة، ولا جعل مأتم الأيتام أيام كل هذا ما فعله ﷺ وهؤلاء من خيرة الصحابة، ومن أفضل الصحابة.
مات الصديق، وما جعلوا مأدبة، وهو أفضل الصحابة، وقتل عمر ما جعلوا مأتمًا، ولا جمعوا الناس ينعون عليه، أو يقرؤون له القرآن، وقتل عثمان بعد ذلك، وقتل علي بعد ذلك، ولا جمع الناس لأيام معدودة بعد الوفاة بالدعاء لهم، والترحم عليهم لا، مثل ما سمعتم في الندوة.
ولكن يستحب لأقارب الميت، أو جيرانه أن يصنعوا طعامًا لأهل الميت، يبعثوا به إليهم، مثل ما فعل النبي ﷺ لما نعى جعفر، قال لأهله: اصنعوا لآل جعفر طعامًا فقد أتاهم ما يشغلهم فأهل الميت مشغولون بالمصيبة، فإذا صنع طعام، وأرسل إليهم، وكفوا المؤنة، هذا هو المشروع.
أما أن يحملوا بلاء على بلائهم، ويكلفوا أن يصنعوا للناس طعامًا، فهذا خلاف للسنة؛ بل هو بدعة، قال جرير بن عبدالله البجلي : كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت، وصنع الطعام بعد الدفن من النياحة، فالصحابة يعدونه من النياحة المحرمة، والنياحة رفع الصوت، وهذا محرم، فلا يجوز، ويعد هذا من النياحة، والميت يعذب في قبره بما يناح عليهـ كما قاله النبي -عليه الصلاة والسلام- فيجب الحذر من ذلك، أما البكاء بدمع العين؛ فلا بأس بذلك.