الجواب:
قد أحسنت هذا هو الصواب، ليس لها أن تذبح عند قبر الولي، لا عن نذر، ولا عن غير نذر، إذا كان الذبح للولي؛ كان شركًا أكبر، إذا كان القصد التقرب للولي، لفلان أو فلان عند قبر البدوي أو فلان، أو الشيخ عبدالقادر الجيلاني، أو ابن عربي، أو فلان أو فلان، كل هؤلاء لا يجوز التقرب إليهم بالذبائح، ولا يدعى أحد من دون الله، ولا يستغاث به، ولا ينذر له، كل ذلك من الشرك الأكبر.
وهكذا الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- لا يجوز للمسلم أن يذبح للنبي، يتقرب إليه، أو يسأله أن يغيثه، أو ينصره، أو يشفي مريضه، لا نبينا محمد ﷺ ولا غيره، هذا حق الله الله يقول: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ [البقرة:21] ويقول -جل وعلا-: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُُ [الإسراء:23] ويقول سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [البينة:5]، ويقول : فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18]، والنبي يقول: الدعاء هو العبادة فلا يدعى أحد مع الله، لا نبيًا، ولا ملكًا، ولا جنًا، ولا إنسًا، ولا وليًا، ولا غير ذلك.
وهكذا الذبح لا يذبح للأنبياء، ولا للملائكة، ولا للأولياء، ولا يتقرب إليهم بالنذور، ولا غير هذا من العبادات، يقول الله سبحانه: قُلْ إِنَّ صَلاتِي [الأنعام:162] يعني: قل: يا محمد! للناس إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي [الأنعام:162] يعني: ذبحي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162-163]، ويقول سبحانه: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكََ وَانْحَرْ [الكوثر:1-2]، ويقول النبي ﷺ: لعن الله من ذبح لغير الله،.
فالتقرب للأولياء بالذبيحة من الشرك الأكبر كونه يذبح عند قبره، أو في غير قبره؛ حتى ولو كان في مكان بعيد، ولو في بيت الإنسان كونه يذبح، ينوي للولي فلان، أو فلان هذا شرك أكبر، مثل لو صلى له، لو صلى له، وسجد له؛ فهو شرك؛ فهكذا إذا ذبح له، أو دعاه، أو استغاث به، أو نذر له، أو قال: يا سيدي! اشفي مريضي، أو انصرني، أو دلني على كذا، أو ما أشبه ذلك، سواء عند قبره، وإلا بعيد عن قبره، هذا كله لا يجوز، هذا حق الله، هو الذي يدعى هو الذي يسأل، أما الحي الحاضر كونه يذبح له ذبيحة كرامة له؛ لأنه ضيف جاي من سفر، أو لأنه قريب له زاره وذبح له من أجل كرامة ضيف؛ هذا لا بأس به.
وهكذا لو قال لأخيه الذي عنده: ساعدني على كذا الحي الحاضر، ساعدني على إصلاح سيارتي، على إصلاح مزرعتي، يتعاون هو وإياه في المزرعة؛ لا بأس، أما الأموات أو الغائبون أو الملائكة أو الأنبياء أو الجن يدعوهم مع الله، أو يستغيث بهم، أو ينذر لهم؛ هذا لا يجوز، هذا من الشرك الأكبر، لا يدعى الغياب، ولا الموتى، ولا الجمادات كالأشجار والأحجار والأصنام، ولا الملائكة كلهم لا يدعون مع الله، ولا يستغاث بهم، ولا ينذر لهم، بل هذا من الشرك الأكبر، نعوذ بالله من ذلك.
أما إذا كان بالطرق الحسية مع الأحياء، مثل برقية، يكتب برقية، يقول: أقرضني كذا، أو يكلمه بالهاتف -بالتلفون- أقرضني كذا، أو ساعدني على كذا، مع إنسان حي يكلمه، أو يكتب له رسالة، هذا مثل الحي الحاضر، مثل المشاهد، لا حرج في ذلك، كما قال الله في قصة موسى: فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ [القصص:15]، فالناس يتعاونون، والأحياء يتعاونون؛ لا حرج في ذلك، لكن دعاء الميت أو الغائب؛ لأنه يعتقد أن فيه سر، أنه يسمع ولو بعد، أو دعاء الجمادات كالأصنام والكواكب هذا كله شرك أكبر، أو دعاء الملائكة أو الجن؛ هذا شرك أكبر؛ لأنهم غائبون عنك، مشغولون بشؤونهم، ليس من جنس الحاضر بين يديك الذي تخاطبه، وتسأله أن يعينك على كذا أو كذا.
وبهذا ينبغي للمؤمن أن يحتاط، ويبتعد عن أسباب الشرك، وعن ذرائعه، وعن أعماله، وقد أحسنت أيها السائل في إخبار أمك، وإيضاح الحق لها، فقد أحسنت في ذلك -بارك الله فيك- نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا، ونفع بعلمكم.