وقال محمد بن إسحاق: فكانت أول قبيلة من اليهود نقضت ما بينها وبين رسول الله ﷺ بنو قينقاع، فحدّثني عاصم بن عمر بن قتادة قال: فحاصرهم رسولُ الله ﷺ حتى نزلوا على حُكمه، فقام إليه عبدالله بن أبي ابن سلول حين أمكنه الله منهم، فقال: يا محمد، أحسن في موالي. وكانوا حُلفاء الخزرج، قال: فأبطأ عليه رسول الله ﷺ، فقال: يا محمد، أحسن في موالي. قال: فأعرض عنه. قال: فأدخل يده في جيب درع رسول الله ﷺ، فقال له رسولُ الله ﷺ: أرسلني، وغضب رسولُ الله ﷺ حتى رأوا لوجهه ظللًا، ثم قال: ويحك! أرسلني، قال: لا والله لا أرسلك حتى تُحسن في موالي: أربعمئة حاسر، وثلاثمئة دارع، قد منعوني من الأحمر والأسود، تحصدهم في غداةٍ واحدةٍ! إني امرؤ أخشى الدَّوائر. قال: فقال رسولُ الله ﷺ: هم لك.
قال محمد بن إسحاق: فحدّثني أبو إسحاق ابن يسار، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، قال: لما حاربت بنو قينقاع رسول الله ﷺ تشبّث بأمرهم عبدالله بن أبي، وقام دونهم، ومشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله ﷺ، وكان أحد بني عوف بن الخزرج، له من حلفهم مثل الذي لعبدالله بن أبي، فجعلهم إلى رسول الله ﷺ، وتبرأ إلى الله ورسوله من حلفهم، وقال: يا رسول الله، أبرأ إلى الله وإلى رسوله من حلفهم، وأتولى الله ورسوله والمؤمنين، وأبرأ من حلف الكفَّار وولايتهم. ففيه وفي عبدالله بن أبي نزلت الآيات في المائدة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إلى قوله: وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ [المائدة:51-56].
وقال الإمام أحمد: حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا يحيى بن زكريا ابن أبي زيادة، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عروة، عن أسامة بن زيد قال: دخلت مع رسول الله ﷺ على عبدالله بن أبي نعوده، فقال له النبي ﷺ: قد كنتُ أنهاك عن حبِّ يهود، فقال عبدالله: فقد أبغضهم أسعدُ بن زرارة فمات. وكذا رواه أبو داود من حديث محمد بن إسحاق.
الشيخ: وما ذاك إلا لأنَّ النفاق قد أقام في قلبه، وأخذ بسويداء قلبه -نعوذ بالله-؛ ولهذا مات على نفاقه -قبَّحه الله-، نسأل الله العافية، لم يزل في نفاقه حتى توفي، والنبي صلَّى عليه حرصًا على أن ينفع بشيءٍ؛ تأليفًا لقلوب أصحابه، ولكن الله أنزل في حقِّه: وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ [التوبة:84].
المقصود أنَّ هذا الخبيثَ لم يزل في نفاقه من حين قدم النبيُّ المدينة إلى السنة العاشرة أو التاسعة، نسأل الله العافية، والنبي لم يزل يتألّفه، ويرجو هدايته، ويحرص على ذلك؛ تأليفًا لقلوب أصحابه، وتثبيتًا لهم على الإسلام، ولكن الله لم يُرد إسلامه، وقد سبق في علمه أنَّه يموت على حالته الخبيثة، نسأل الله العافية.
س: إسحاق بن يسار والد محمد هذا؟
ج: نعم، لا بأس ..... انظر "التقريب"، ما أعلم به بأسًا، انظر "التقريب": إسحاق بن يسار.
..............
س: إنكار المنكر على رؤساء القبائل وذوي الشَّأن وبين التَّأليف؟
ج: التأليف معناه أن يدعوهم إلى الله، ويُرغّبهم في الخير، ويتغاضى عن بعض زلَّاتهم، ويعفو عنهم، ويُعطيهم المال، لعلَّ الله يهديهم، هذا المعنى.
س: قد يُصادف يا شيخ أن يُصرّوا مدةً طويلةً على المنكر؟
ج: ولو، هذا عبدالله بن أبي أصرّ مدةً طويلةً، ولم يزل يتألّفه إلى أن مات، حتى بعد موته.
س: تأليفًا لقلوب أصحابه -عفا الله عنك- صلَّى عليه؟
ج: يرجو أنَّ الله يغفر له؛ لأنَّه قال: إني خُيّرتُ: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ [التوبة:80]، ولو أعلم أني لو زدتُ على السبعين ... لزدتُ، حتى نهاه اللهُ عن ذلك؛ حرصًا على نفعهم وتأليف قلوبهم.
الطالب: إسحاق بن يسار، المدني، والد محمد صاحب "المغازي"، ثقة ..... أبو داود في "المراسيل".
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ [المائدة:54-56].
يقول تعالى مُخبرًا عن قُدرته العظيمة: أنَّه مَن تولّى عن نُصرة دينه وإقامة شريعته فإنَّ الله يستبدل به مَن هو خيرٌ لها منه، وأشدّ منعةً، وأقوم سبيلًا، كما قال تعالى: وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ [محمد:38]، وقال تعالى: إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ [النساء:133]، وقال تعالى: إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ [فاطر:16-17] أي: بممتنعٍ ولا صعب.
وقال تعالى هاهنا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ أي: يرجع عن الحقِّ إلى الباطل.
قال محمد بن كعب: نزلت في الولاة من قريش.
وقال الحسن البصري: نزلت في أهل الردّة أيام أبي بكر.
الشيخ: الآية عامّة في كل مَن ارتدّ في عهد النبي ﷺ وبعده، الله المستعان، الله أكبر.
فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ قال الحسن: هو والله أبو بكر وأصحابه. رواه ابنُ أبي حاتم.
وقال أبو بكر ابن أبي شيبة: سمعتُ أبا بكر ابن عياش يقول في قوله: فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ هم أهل القادسية.
وقال ليث ابن أبي سليم: عن مجاهد: هم قومٌ من سبأ.
وقال ابنُ أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج: حدثنا عبدالله بن الأجلح، عن محمد بن عمرو، عن سالم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباسٍ.
الشيخ: انظر: عبدالله بن أجلح.
مُداخلة: في تعليق يقول: الأثر سنده حسن إلى ابن عباس، من أجل محمد بن عمرو بن علقمة، وسالم هو ابن عجلان الأفطس.
الشيخ: في صحّته نظر، أقول: في صحّته نظر، والظاهر أنَّه ضعيف؛ لأنَّه لا يُقال هذا إلا من جهة السَّند، التوقيف .....، انظر: عبدالله بن الأجلح.
الطالب: عبدالله بن الأجلح، الكندي، أبو محمد، الكوفي، واسم الأجلح: يحيى بن عبدالله، صدوق، من التاسعة. الترمذي وابن ماجه.
الشيخ: والذي بعده سالم. سالم مَن؟
الطالب: سالم بن عجلان.
الشيخ: حدثنا أيش؟ عبدالله بن الأجلح أيش بعده؟
س: ما يكون له حكم الرَّفع؟
ج: محتمل.
الطالب: سالم بن عجلان، الأفطس مولاهم، الأموي، أبو محمد، الحرّاني، ثقة، رُمي بالإرجاء، من السادسة، قُتل صبرًا سنة اثنتين وثلاثين. (البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه).
الشيخ: الله أعلم، نعم، على كل حالٍ لا مجالَ للرأي فيه إذا سلم السَّند، وظاهر السَّند أنه سالم، يكون لعله مما سمعه من النبي ﷺ، أو سمعه من بعض الصحابة، عن النبي ﷺ، فسنده لا بأسَ به في الظَّاهر.
س: حديث: يخرج من عدن –أبين- اثنا عشر ألفًا ينصرون الله؟
ج: هذا في آخر الزَّمان.
الطالب: في "الخلاصة": سالم بن عجلان، مولى محمد بن مروان بن الحكم، أبو محمد، الكوفي، الأفطس، عن سعيد بن جبير وأبي عبيدة ابن عبدالله، وعنه: الثوري ومروان بن شجاع، له نحو ستين حديثًا، وثَّقه أحمد، وقال أبو حاتم: صدوق مُرجئ. وقال ..... قتله عبدالله بن علي سنة ..... في البخاري حديثان.
الشيخ: نعم، ماشٍ، الله أعلم، على كل حالٍ العبرة بعموم الآية، سواء كانوا من كندة، أو من غير كندة: فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ من كندة، أو من قريش، أو من .....، المهم إيمانهم بالله، وتقواهم لله، وحبّهم لله.
س: قال على الإفراد: مَنْ يَرْتَدَّ، وقال: بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ يعني: هنا على الإفراد، وهنا على الجمع؟
ج: "من" هذه للجمع، "من" تقع على الواحد والجماعة: مَنْ يَرْتَدَّ تقع على الواحد والجماعة، مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ يشمل الواحد والألوف والملايين.
س: ...............؟
ج: الله أعلم.
مداخلة: الخلفاني.
الشيخ: انظر "التقريب" في الكنى: أبا زياد الحلفاني، أو الخلفاني، و"الخلاصة".
الشيخ: لعلَّ ابن عباس سمع هذا، نعم، وجدت شيئًا عن الخلفاني؟
الطالب: ما ذكره في "التقريب".
مُداخلة: في تعليق يقول: محمد بن المصفى، قال الحافظُ ابن حجر في "طبقات المدلسين": قال أبو حاتم ابن حبان: سمعتُ أبا الحسن ابن ..... يقول: سمعت أبا زرعة الدّمشقي يقول: كان صفوان بن صالح ومحمد بن المصفى يسويان الحديث كبقية بن الوليد.
الشيخ: يعني: يدلسان، ويسويان.
الطالب: يقول: ومن أول السند إلى آخره، وأبو زياد الخرقاني لم تُذكر له رواية عن ابن المنكدر، فهذا احتمال أنَّ محمد بن المصفى قد أسقط شخصًا من السند، والله أعلم، يقول: وفي "التهذيب": عن أحمد أنَّه قال فيه: أما الأحاديث المشهورة التي يرويها فهو فيها مُقارب الحديث، صالح، ولكن ينشرح الصدرُ له، ليس يُعرف. هكذا يريد .....
الشيخ: نعم.
............
مُداخلة: في تعليق يقول هنا: رواه الطّبراني في "المعجم الأوسط" من طريق معاوية بن حفص، عن أبي زياد إسماعيل بن زكريا، عن محمد بن قيس الأسدي، عن محمد بن المنكدر، به. وقال: لم يروه عن محمد بن قيس الأسدي إلا أبو زياد، ولا عنه إلا معاوية، تفرد به أبو حميد، فزاد هنا محمد بن قيس الأسدي. وذكره ابن أبي حاتم في "العلل"، ولم يذكر محمد بن قيس في سنده كما هو هنا .....
الشيخ: على كل حالٍ، الأمر سهل، أقول: الأمر سهل، انظر: إسماعيل بن زكريا.
الطالب: إسماعيل بن زكريا بن مرة الخلقاني -بضم المعجمة، وسكون اللام، بعدها قاف- أبو زياد، الكوفي، لقبه: شقوصا -بفتح المعجمة، وضم القاف الخفيفة، وبالمهملة.
الشيخ: صلحها بالخاء.
س: مكتوب عندي: وقع هنا أبو زياد الخلفاني؟
ج: الذي عنده "حلفاني" يحطّها خاء، ينقطها.
وقال ابنُ أبي حاتم: حدثنا عمر بن شبة: حدثنا عبدالصمد –يعني: ابن عبدالوارث-: حدثنا شعبة، عن سماك: سمعتُ عياضًا يُحدِّث عن أبي موسى الأشعري، قال: لما نزلت: فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ قال رسول الله ﷺ: هم قوم هذا.
ورواه ابنُ جرير من حديث شعبة، بنحوه.
الشيخ: يعني: من اليمن، جاء من اليمن جمٌّ غفير هداهم الله، وجاهدوا في سبيل الله.
وقوله تعالى: أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ هذه صفات المؤمنين الكمل: أن يكون أحدُهم مُتواضعًا لأخيه ووليه، مُتعززًا على خصمه وعدوه، كما قال تعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ [الفتح:29]، وفي صفة رسول الله ﷺ أنَّه الضَّحوك القتَّال، فهو ضحوك لأوليائه، قتال لأعدائه.
وقوله : يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ أي: لا يردّهم عمَّا هم فيه من طاعة الله، وإقامة الحدود، وقتال أعدائه، والأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر، لا يردّهم عن ذلك رادٌّ، ولا يصدّهم عنه صادٌّ، ولا يحيك فيهم لوم لائم، ولا عذل عاذل.
قال الإمام أحمد: حدثنا عفان: حدثنا سلام أبو المنذر، عن محمد بن واسع، عن عبدالله بن الصامت، عن أبي ذر قال: أمرني خليلي ﷺ بسبعٍ: أمرني بحُبِّ المساكين والدّنو منهم، وأمرني أن أنظر إلى مَن هو دوني، ولا أنظر إلى مَن هو فوقي، وأمرني أن أصل الرحم وإن أدبرت، وأمرني أن لا أسأل أحدًا شيئًا، وأمرني أن أقول الحقَّ وإن كان مُرًّا، وأمرني أن لا أخاف في الله لومة لائم، وأمرني أن أُكثر من قول: لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله، فإنهنَّ من كنزٍ تحت العرش.
الشيخ: أعد السند، كلّها سبع عظيمة، شواهدها كثيرة، الله أكبر.
الشيخ: انظر: سلام أبا المنذر.
مُداخلة: في تعليق يقول: الحديث مُسند، وهو حديثٌ حسنٌ، سلام أبو المنذر قال أبو حاتم: صدوق، صالح الحديث. رواه أيضًا من وجهٍ آخر من طريق عمر بن عبدالله المدني، مولى غفرة، وهو ضعيفٌ، كثير الإرسال، عن ابن كعب، وأبناء كعب أربعة: عبدالله وعبدالرحمن ومحمد، وهم ثقات، ومعبد، وهو مقبول، ولم يتبين لي مَن شيخه فيما عندي من مراجع.
الشيخ: هذا سندٌ جيدٌ إذا سلم من سلام، انظر: "التقريب".
وقال الإمام أحمد أيضًا: حدثنا أبو المغيرة: حدثنا صفوان، عن أبي المثنى: أنَّ أبا ذر قال: بايعني رسول الله ﷺ خمسًا، وواثقني سبعًا، وأشهد الله عليَّ سبعًا أني لا أخاف في الله لومة لائم.
قال أبو ذر: فدعاني رسول الله ﷺ، فقال: هل لك إلى بيعةٍ، ولك الجنة؟ قلت: نعم. وبسطت يدي، فقال النبي ﷺ وهو يشترط عليَّ: أن لا تسأل الناس شيئًا، قلت: نعم. قال: ولا سوطك وإن سقط منك يعني: تنزل إليه فتأخذه.
الطالب: سلام بن سليمان المزني، أبو المنذر، القاري، النحوي، البكري، نزيل الكوفة، صدوق، يهم، قرأ على عاصم ..... مات سنة إحدى وسبعين. (الترمذي والنسائي).
الشيخ: طيب، يدل على حُسن السند، سنده لا بأسَ به، نعم.
الشيخ: انظر: المعلى.
الطالب: المعلى بن زياد، القردوسي –بالقاف-، أبو الحسن، البصري، صدوق، قليل الحفظ، .....، اختلف قول ابن معين فيه، من السابعة. (البخاري تعليقًا، ومسلم، والأربعة).
الشيخ: القردوسي بالقاف.
مداخلة: عندنا تعليق يقول فيه: الحديث ضعيف، رواه أحمد، وفيه قال: حدثنا صفوان، عن أبي اليمان وأبي المثنى.
الشيخ: غير هذا، غير هذا، حدثنا محمد بن الحسن، هذا غير الذي عندك.
الطالب: وجدنا التَّعليق الصَّحيح.
الشيخ: نعم.
الطالب: ضعيف بهذا السند لانقطاعه؛ لأنَّ الحسن لم يسمع من أبي سعيدٍ الخدري، وقد جاء سالم من هذه العلّة، ورواه ابنُ ماجه وأحمد في "المسند" من طريق أبي نضرة، وكذلك رواه عبد بن حميد في "المنتخب"، ورواه أبو يعلى في "مسنده"، فصحّ الحديثُ، والحمد لله.
الشيخ: أظنّ في فضله هناك رسالة في هذا الحديث، ومعناه شواهده كثيرة، منها قوله جلَّ وعلا: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ [التوبة:71].
الشيخ: قف على: وقال الإمام أحمد.
س: رجل مسؤول في مكتب، والموظفون يأخذون من البنوك فوائد، فهل يجوز له أن يُوقع .....؟
ج: لا، ربا، يُساعد على الباطل: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2]، نسأل الله العافية.
س: قوله تعالى: مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ المقصود به الرجوع من الحقِّ إلى الباطل، أو من الباطل إلى الحقِّ؟
ج: مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ عن الإسلام إلى الباطل، إلى الكفر، هذا مَن يرتد منكم، فسوف يأتي اللهُ بقومٍ بدلًا من المرتدين، نعم.
...............
والحديث كما تقدّم: لا يمنعن أحدكم هيبة الناس حديثٌ عظيمٌ، معناه عظيم، وأنَّ الواجب على المؤمن أن يقول الحقَّ، وأن يأمر بالمعروف، وأن ينهى عن المنكر، ولا تمنعه مهابة الناس عن قول الحقِّ، ينبغي أن تكون عنده القوة والشَّجاعة والصَّبر في إيضاح الحقِّ بالحكمة والكلام الطيب والأسلوب الحسن، ويكفي قوله جلَّ وعلا: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125]، وقال جلَّ وعلا: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ [فصلت:33]، وقوله جلَّ وعلا: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ [التوبة:71]، والآيات في هذا المعنى كثيرة، فالأحاديث كلّها مشتقة من كلام الله جلَّ وعلا، نعم، وإن وُجد في بعضها ضعفٌ، لكن المعنى واضح من الكتاب والسنة، ومن الأحاديث الصَّحيحة.