يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ [المائدة:4].
لما ذكر تعالى ما حرَّمه في الآية المتقدمة من الخبائث الضَّارة لمتناولها: إمَّا في بدنه، أو في دينه، أو فيهما، واستثنى ما استثناه في حالة الضَّرورة، كما قال تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام:119]، قال بعدها: يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ، كما في سورة الأعراف في صفة محمدٍ ﷺ أنَّه: يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [الأعراف:157].
قال ابنُ أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة: حدثنا يحيى بن عبدالله ابن أبي بكير: حدثني عبدالله بن لهيعة: حدثني عطاء بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن عدي بن حاتم وزيد بن مهلهل الطَّائيين، سألا رسول الله ﷺ فقالا: يا رسول الله، قد حرَّم الله الميتة، فماذا يحلّ لنا منها؟ فنزلت: يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ، قال سعيد: يعني: الذبائح الحلال الطيبة لهم.
الشيخ: وهذا من فضل الله ورحمته جلَّ وعلا، فهو لما حرَّم عليهم الخبائث أباح لهم الطّيبات، كما في وصف نبينا ﷺ: يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [البقرة:172]، فالطيبات من المآكل والمشارب والملابس وغير ذلك الله أباحها لعباده؛ لما فيها من النَّفع والتَّغذية وغير ذلك من المنافع، والخبائث حرَّمها عليهم من المآكل والمشارب؛ لما فيها من الضَّرر عليهم، وكذا حرَّم عليهم من اللباس ما لا يليق، وحرَّم عليهم من الكلام ما لا يليق، وحرَّم عليهم من الأفعال ما لا يليق، وأباح لهم الطّيبات من المآكل والمشارب والملابس والأقوال والأعمال.
فالواجب على كل مُكلَّفٍ، وعلى كل مسلمٍ أن يتفقه في الدِّين، وأن يتبصّر حتى يعرف الطّيبات من غيرها، وحتى يعرف ما أحلّ الله له مما حرَّم عليه، وحتى يعبد ربَّه على بصيرةٍ، كما قال : إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [الأعراف:54-56].
س: الغراب حلال أو حرام؟
ج: الغراب مُحرّم، من الفواسق.
س: الحديث سنده يا شيخ هل هو ضعيف؟
ج: سنده، حدثنا أيش؟
الشيخ: السند ضعيف؛ لأنَّ فيه ابن لهيعة.
مُداخلة: في حاشية: الحديث ضعيف بهذا السند، وسبب ضعفه ابن لهيعة.
الشيخ: صدق.
مُداخلة: وفيه عطاء بن دينار، وثَّقه أحمد وأبو داود، وقال أحمد بن صالح: تفسيره فيما يروى عن سعيد بن جبير صحيفة ليس فيها ما يدلّ على أنَّه سمع منه.
الشيخ: على كل حالٍ، العِلّة عبدالله بن لهيعة.
وقال مُقاتل: الطّيبات: ما أحلّ لهم من كل شيءٍ أن يُصيبوه، وهو الحلال من الرزق.
وقد سُئل الزهري عن شرب البول للتَّداوي، فقال: ليس هو من الطّيبات. رواه ابنُ أبي حاتم.
وقال ابنُ وهب: سُئل مالك عن بيع الطين الذي يأكله الناس، فقال: ليس هو من الطّيبات.
مُداخلة: الطّير.
الشيخ: الطير فيه تفصيل، ما يُقال فيه أنَّه: ما هو من الطيبات، الأقرب: "الطين" بالنون؛ لأنَّه يضرّ ولا ينفع، الطين يُباع للمصلحة: للبناء والتَّعمير، ما هو للأكل، أما الطير ففيه تفصيل: طير مُباح كالحمام والدَّجاج ونحوه، وطير مُحرّم كالعقاب وأشباهه، بالنون أولى.
س: لكن هل يُؤكل أحسن الله إليكم؟
ج: قد يأكله بعض النساء ..... يُسمّونه: توحم. بعض الناس يأكل الطين.
س: والبول يا شيخ؟
ج: البول مُحرّم بالإجماع، بول الآدمي وبول ما لا يُؤكل لحمه مُحرَّم، لكن بول ما يُؤكل لحمه كالإبل لا بأسَ به للتداوي فيما أمر به النبيُّ ﷺ العُرنيين، نعم.
س: هناك مرض خطير، ووصف الطَّبيب بول الحمار، فشربه الرجل فبرئ؟
ج: لا، ما يجوز: عباد الله، تداووا، ولا تداووا بحرامٍ، ولا برئ، قد يكون الشيطانُ نزغ لهم في هذا.
س: ما يُقال: أنه ضرورة؟
ج: ما هو؟
س: هذا الذي شرب بول الحمار؟
ج: لا، ما يجوز، ما هو بضرورةٍ: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام:119]، هذا ما هو بضرورة، التداوي به واسع.
س: أحسن الله إليك، حديث العرنيين الذي في البخاري: أنَّ الرسول ﷺ أمرهم؟
ج: هذا ما يُؤكل لحمه، بول ما يُؤكل لحمه: الإبل، نعم.
س: إذا توحمت المرأةُ وأكلت الطين هذا؟
ج: لا، ما يصلح، ما ينبغي، الطين ضارّ، غير نافع.
س: ولو كان في حالة توحم؟
ج: ولو، ولو، تستعمل شيئًا آخر.
س: يعني يُقال: ما يجوز؟
ج: لا، لا، نعم.
س: الخبائث: العقول قد تختلف، والفِطَر قد تختلف؟
ج: الذي ما فيه نص، الخبيث الذي يضرّ؛ يضرّ على العقول، أو على الأبدان، أما الذي فيه نصّ ما يحتاج، ما فيه نصّ: كتحريم الميتة، والخنزير، وغير ذلك هذا مسلم، والذي ما فيه نصّ، ومُشتبه على الناس، يُعرف من طريق الأطباء والعارفين، إذا كان يضرّ في العقل أو في الدِّين حرم: إنَّ الله لم يجعل شفاءكم فيما حرَّم عليكم، عباد الله، تداووا، ولا تداووا بحرامٍ، نعم.
المقصود أنَّ الله أطلق الطيبات، وأطلق الخبائث، فالطيبات: ما ينفع ويُغذي، ولا يترتب عليه ضرر من المآكل والمشارب، والخبائث ضدّ ذلك، وما نصّ الله عليه أو رسوله فهذا مسلم، وما ليس فيه نصّ يُرجع فيه إلى أهل الخبرة به. والأصل الإباحة، الأصل في المآكل والمشارب الإباحة، إلا ما حظره الشَّرع.
وقوله تعالى: وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ أي: أحلّ لكم الذَّبائح التي ذُكر اسمُ الله عليها، والطّيبات من الرزق، وأحلّ لكم ما صدتُموه بالجوارح، وهي: الكلاب، والفهود، والصقور، وأشباهها، كما هو مذهب الجمهور من الصحابة والتابعين والأئمّة.
وممن قال ذلك: علي ابن أبي طلحة، عن ابن عباسٍ في قوله: وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ، وهنَّ: الكلاب المعلمة، والبازي، وكل طيرٍ يعلم للصيد والجوارح، يعني: الكلاب الضَّواري، والفهود، والصقور، وأشباهها. رواه ابنُ أبي حاتم، ثم قال: ورُوي عن خيثمة وطاوس ومجاهد ومكحول ويحيى ابن أبي كثير نحو ذلك.
ورُوي عن الحسن أنَّه قال: الباز والصقر من الجوارح. ورُوي عن علي بن الحسين مثله.
ثم رُوي عن مجاهد: أنَّه كره صيدَ الطير كله، وقرأ قوله: وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ. قال: ورُوي عن سعيد بن جبير نحو ذلك.
ونقله ابنُ جرير عن الضَّحاك والسّدي، ثم قال: حدثنا هناد، حدثنا ابنُ أبي زائدة: أخبرنا ابنُ جريج، عن نافع، عن ابن عمر قال: أما ما صاد من الطير: البزاة وغيرها من الطير، فما أدركت فهو لك، وإلا فلا تطعمه.
قلتُ: والمحكي عن الجمهور أنَّ الصيد بالطيور كالصيد بالكلاب؛ لأنها تكلب الصيد بمخالبها كما تكلبه الكلاب، فلا فرق. وهو مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم، واختاره ابنُ جرير، واحتجّ في ذلك بما رواه عن هناد: حدثنا عيسى بن يونس، عن مجالد، عن الشَّعبي، عن عدي بن حاتم قال: سألتُ رسول الله ﷺ عن صيد البازي، فقال: ما أمسك عليك فكُلْ.
واستثنى الإمامُ أحمد صيد الكلب الأسود؛ لأنَّه عنده مما يجب قتله، ولا يحلّ اقتناؤه؛ لما ثبت في "صحيح مسلم" عن أبي ذرٍّ: أنَّ رسول الله ﷺ قال: يقطع الصلاةَ الحمار، والمرأة، والكلب الأسود، فقلت: ما بال الكلب الأسود من الأحمر؟! فقال: الكلب الأسود شيطان.
وفي الحديث الآخر: أنَّ رسول الله ﷺ أمر بقتل الكلاب، ثم قال: ما بالهم وبال الكلاب؟ اقتلوا منها كل أسود بهيم.
الشيخ: والمقصود من هذا أنَّ الله أباح الصيد بالجوارح من الكلاب والفهود ونحوها مما يتعلم، والطيور: الباز والصقر ونحو ذلك مما يتعلم، فإذا صادت أحلّها الله لصاحبها إلا الكلب إذا أكل فلا، فإنما أمسك على نفسه، أما الطير فقد يأكل، وقد لا يأكل، فصيده مباح عند جمهور أهل العلم ..... الجمهور لهذه الآية: تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ، فإذا علم وتعلّم، وصار يذهب ويقبل الإرسال والمجيء صيد به، فإذا أمسك الكلبُ ولم يأكل حلَّ، وإذا أرسل طيره وأمسك حلَّ، فإذا أدركه حيًّا ذبحه، وإن أدركه قد قتل حلّ.
س: ..............؟
ج: الطير مُستثنى؛ لأنَّه لا يمسك إلا ويأكل شيئًا .....
س: الفهود مقيسة على الكلاب، أو داخلة في النَّص؟
ج: داخلة في اللَّفظ؛ لأنها تتعلم، تقبل التَّعليم.
س: النص جاء في الكلاب أحسن الله إليك؟
ج: التَّكليب: التعليم: مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ، مكلبين: معلّمين.
س: داخلة في النص يعني؟
ج: نعم.
س: ابن عباس رضي الله عنهما لما ترك الأتان بين الصفوف تمرّ؟
ج: هذا الحمار الأهلي.
س: تقطع الصلاة؟
ج: ما تقطع الصلاة؛ لأنَّ المأموم صلاته مربوطة بإمامه، فلا يضرّ لو مرّ بين يديه شيء، ما يضرّ، إنما يضرّ إذا مرّ بين يدي الإمام، نعم.
س: لكن جاء في الرواية: أنَّ النبي ﷺ صلَّى إلى غير جدارٍ في هذه الصلاة التي جعل ابنُ عباس الأتان تمرّ؟
ج: قد تكون السترةُ غير جدارٍ، قد تكون هناك عنزة أو غيرها، ما هو بلازم جدار.
س: ..... صيد الكلب الأسود؟
ج: لأنَّه مأمورٌ بقتله، الكلب الأسود شيطان، لا يُعلّم، فيقتل.
س: المرأة تقطع صلاة المرأة؟
ج: نعم، والرجل، تقطع صلاة الرجل والمرأة جميعًا.
س: في أغلب العمليات يستخدمون التَّخدير، فما الحكم في ذلك؟
ج: ما في بأس، إذا احتاجوا التَّخدير حتى لا يتألم، هذا ما هو بسُكْرٍ، هذا تخديرٌ، تمويتٌ له.
وسُميت هذه الحيوانات التي يصطاد بهن: جوارح من الجرح، وهو الكسب، كما تقول العرب: فلان جرح أهله خيرًا، أي: كسبهم خيرًا، ويقولون: فلان لا جارحَ له، أي: لا كاسبَ له، وقال الله تعالى: وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ [الأنعام:60] أي: ما كسبتم من خيرٍ وشرٍّ.
وقد ذكر في سبب نزول هذه الآية الشَّريفة الحديث الذي رواه ابنُ أبي حاتم: حدثنا حجاج بن حمزة: حدثنا زيد بن حباب: حدثني يونس بن عبيدة.
مُداخلة: في أصل ابن جرير: موسى.
الشيخ: عندكم ابن جرير؟
الطالب: لا، راجعته.
الشيخ: ابن أبي حاتم، أو ابن أبي جرير؟
الطالب: ابن جرير أحسن الله إليك.
الشيخ: وعندكم ابن أبي حاتم؟
الطالب: لا، هو ابن أبي حاتم، لكن بعده: وروى ابنُ أبي جرير من طريق أبي كريب.
الشيخ: نعم، أعد.
الشيخ: حطها نسخة: موسى بن عبيدة، وجود "عبيدة" علامة على أنه موسى، حطّ نسخة، الذي عنده "يونس" نسخة: موسى.
الشيخ: فقتلت.
الطالب: فقلت أحسن الله إليك.
الشيخ: لا، فقُتلت، غلط، مُصحفة: فقتلت.
س: أحسن الله إليك، ما يحتمل: "فقلَّت"، يعني: قلَّ عددها؟
ج: يعني: نفذوا، فقُتلت، نفذوا أمر النبي ﷺ.
س: لكن إذا قتلت؟
ج: ما هو معناه أنَّهم قتلوا كلّ شيءٍ، معناه: أنَّهم قتلوا ما تيسر منها، ما هم محيطين بها في الدنيا.
س: السؤال أنها منها ما يحلّ صيده؟
ج: إيه، فقتلت يعني: قتلوا، نفذوا أمره عليه الصلاة والسلام. نعم، ابن أبي حاتم عندكم كذلك؟
الطالب: إيه، نعم.
قارئ المتن: قال: هكذا رواه ابنُ جرير.
الشيخ: وعندكم في ابن أبي حاتم: قلّت، أو قتلت؟
الطالب: قتلت.
الشيخ: هو الأظهر، يعني: نفذوا أمره ﷺ.
مُداخلة: في حاشية يسيرة يقول: الحديث ضعيف بهذا السند، وسببه موسى بن عبيدة.
الشيخ: معروف.
س: ما بال المرأة تقطع الصلاة؟
ج: الله أعلم.
س: مرور المرأة هو الذي يقطع الصلاة؟
ج: مرورها نعم، مرورها بين يدي المصلي بثلاثة أذرع فأقلّ، أو بينه وبين السُّترة. نعم.
س: المرأة غير البالغة يشملها؟
ج: غير البالغة لا، الحائض البالغة، الصَّغيرة ما تقطع.
س: إذا كان بينه وبين السترة أكثر من ستة أذرع، فمرّت بينه وبين السترة؟
ج: تقطع، تقطع، نعم، بينه وبين السترة، ولو كان أكثر من ثلاثة أذرع.
لكن السنة للمؤمن أن يدنو من السترة، النبي قال: إذا صلَّى أحدكم فليُصلِّ إلى سترةٍ، وليدنُ منها، هذه السنة.
س: لكن إذا لم تكن هناك سُترة؟
ج: ثلاثة أذرع فأقلّ، مثلما صلَّى النبي ﷺ في الكعبة: جعل بينه وبين الجدار الغربي ثلاثة أذرع.
س: وإذا مرّت بعد ثلاثة أذرع؟
ج: ما تقطع، ليست بين يديه، ما تكون بين يديه إلا إذا كان ثلاثة أذرع فأقلّ.
س: السترة واجبة؟
ج: سنة مُؤكدة.
س: ...............؟
ج: من القدم، نعم، ثلاثة أذرع من القدم.
س: قول عائشة: أنَّ المرأة لا تقطع الصلاة؟
ج: خفي عليها الأمر، خفيت عليها السُّنة.
س: يستوي في المرأة: الأم والبنت؟
ج: نعم، كل النساء إلا ما لم تبلغ كالصغيرة، فإنها لا تقطع.
س: قطع الدَّواب الأخرى غير التي وردت في الحديث؟
ج: ما تقطع، الحمار والكلب فقط، خاصة.
س: تمنع؟
ج: تمنع الشاة، وتمنع .....، ويمنع الدجاج، كل شيءٍ يمرّ يُمنع إذا تيسر منعه.
س: كلمة "تقطع" هل معناها: ينقص الأجر، أو تبطل الصلاة كلّها؟
ج: تبطل الصلاة، تبطل.
وهكذا رواه ابنُ جرير، عن أبي كريب، عن زيد بن الحباب بإسناده، عن أبي رافع قال: جاء جبريلُ إلى النبي ﷺ ليستأذن عليه، فأذن له، فقال: قد أذنا لك يا رسول الله، قال: أجل، ولكنا لا ندخل بيتًا فيه كلب.
قال أبو رافع: فأمرني أن أقتل كل كلبٍ بالمدينة، حتى انتهيت إلى امرأةٍ عندها كلب ينبح عليها، فتركته رحمةً لها، ثم جئتُ إلى رسول الله ﷺ فأخبرته، فأمرني فرجعتُ إلى الكلب فقتلتُه، فجاءوا فقالوا: يا رسول الله، ما يحلّ لنا من هذه الأمّة التي أمرت بقتلها؟ قال: فسكت رسولُ الله ﷺ، قال: فأنزل الله : يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ.
الشيخ: صار من طريق موسى بن عبيدة، وهو مثلما تقدّم ضعيف.
س: الثلاثة الأذرع كافية في عدم قطع الصلاة؟
ج: نعم؟
س: إذا كان مَن يقطع الصلاة من المرأة والحمار والكلب الأسود مرَّ بعد الثلاثة الأذرع؟
ج: فوقها؟
س: فوقها؟
ج: ما يقطع، نعم.
س: حتى ولو لم تكن هناك سترة؟
ج: ولو، إذا كان فوق ثلاثة أذرع ما يضرّ؛ لأنَّ الرسول ﷺ قال: بين يديه، وبين اليدين ثلاثة أذرع فأقلّ.
س: إذا لم يجد سترةً بمقدار مُؤخرة الرحل، هل يخطّ خطًّا في الأرض؟
ج: إذا ما حصل سترةً يخطّ خطًّا في الأرض، نعم.
س: إذا نامت المرأةُ أمام الرجل؟
ج: ما يضرّ، كانت عائشةُ تنام بين يديه وهو يُصلي عليه الصلاة والسلام، والمرور من هنا إلى هنا يقطع، هذا المرور من جانبٍ إلى جانبٍ، أما إذا كانت جالسةً، أو نائمةً، أو مُنسدحةً ما يضرّ.
س: مقدار مُؤخرة الرحل؟
ج: نحو ذراع، أو ذراع إلا ربع تقريبًا، حول هذا.
س: يعني: ليست مُقيدةً بأن تكون مثل مُؤخرة الرحل؟
ج: هذه السنة، مثلما قال الرسول ﷺ، مثل مُؤخرة الرحل.
س: على التَّقييد أحسن الله إليك؟
ج: نعم، هذا الظاهر، هكذا حدد النبي ﷺ.
س: ثلاثة أذرع من موضع السجود؟
ج: من القدمين، من موضع قدمه.
س: تتعذر في الحرم السُّترة؟
ج: يُعفا عنها في الحرم، في الحرم يُعفا عنها، يُصلي ولا يضرّ؛ لأنَّ السلامة من ذلك أمرٌ مُتعذّرٌ، أو شبه مُتعذّر.
س: ما حكم صلاة النساء مع الرجال في الحرم في صفٍّ واحدٍ؟
ج: النساء خلف الرجال، لكن عند الضَّرورة لا يضرّ، عند الزحمة لا يضرّ، لكن الواجب أن يكونوا خلف الرجال، هذا الواجب، لكن إذا حمى الناس أيام الحج ما هم بالاختيار. نعم.
الشيخ: أمر النبي ﷺ بقتل الكلاب، هذا ثابتٌ من أحاديث أخرى صحيحة، أمر بقتلها، ثم نسخ ذلك، نسخ الله ذلك، وقال: اقتلوا منها كل أسود بهيم، والعقور كذلك. نعم.
وقال ابنُ جرير: حدثنا القاسم: حدثنا الحسين: حدثنا حجاج، عن ابن جُريج، عن عكرمة: أنَّ رسول الله ﷺ بعث أبا رافع في قتل الكلاب حتى بلغ العوالي، فجاء عاصم بن عدي وسعد بن خيثمة وعويم بن ساعدة، فقالوا: ماذا أحلّ لنا يا رسول الله؟ فنزلت الآية.
ورواه الحاكم من طريق سماك، عن عكرمة، وكذا قال محمد بن كعب القرظي في سبب نزول هذه الآية: إنَّه في قتل الكلاب.
وقوله تعالى: مُكَلِّبِينَ يحتمل أن يكون حالًا من الفاعل، ويحتمل أن يكون حالًا من المفعول، وهو الجوارح، أي: وما علمتم من الجوارح في حال كونهن مُكلّبات للصيد، وذلك أن تقتنصه بمخالبها أو أظفارها، فيستدلّ بذلك والحالة هذه على أنَّ الجارح إذا قتل الصيد بصدمته لا بمخلابه وظفره.
مُداخلة: في نسخة (الشعب): أو.
الشيخ: لا، ما يصلح هذا، بالصدم يصير وقيذًا، أما مخلابه وظفره ونابه يكون جارحًا كالطير بمخلبه وفمه.
س: ...............؟
ج: نعم، مأكول اللحم يُباح التَّداوي ببوله: كالإبل، والبقر، والغنم، أما الدَّم لا، الدم المسفوح لا، الجميع.
س: غير المعلّم ما يحلّ صيده؟
ج: الغالب في الطير أنَّه يأكل، أما الكلب فالغالب أنَّه لا يأكل.
س: لا، غير المعلّم؟
ج: الطير المعلّم قد يأكل؛ لأنَّ من طبيعته الأكل؛ ولهذا قال الجمهور أنَّه لا يضرّ ولو أكل الطير خاصةً.
س: لكن كلب غير معلّم هل يحلّ؟
ج: لا، ما يحلّ، ما يحلّ صيده، ما يحلّ.
س: ما يحلّ إلا المعلّم فقط؟
ج: أبدًا، إلا إذا وجده حيًّا، وهو ما هو بمعلم، وجده حيًّا فذبحه.
أنَّه لا يحلّ له، كما هو أحد قولي الشَّافعي وطائفة من العلماء؛ ولهذا قال: تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ، وهو أنه إذا أرسله استرسل، وإذا أشلاه استشلى، وإذا أخذ الصيد أمسكه على صاحبه حتى يجيء إليه، ولا يُمسكه لنفسه؛ ولهذا قال تعالى: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ، فمتى كان الجارحُ مُعلّمًا، وأمسك على صاحبه، وكان قد ذكر اسم الله عليه وقت إرساله، حلَّ الصيد وإن قتله بالإجماع.
وقد وردت السنة بمثل ما دلّت عليه هذه الآية الكريمة، كما ثبت في "الصحيحين" عن عدي بن حاتم قال: قلت: يا رسول الله، إني أُرسل الكلاب المعلّمة وأذكر اسم الله. فقال: إذا أرسلت كلبك المعلّم، وذكرت اسم الله فكُلْ ما أمسك عليك، قلت: وإن قتلن؟ قال: وإن قتلن، ما لم يشركها كلبٌ ليس منها، فإنَّك إنما سمّيت على كلبك، ولم تُسمّ على غيره، قلت له: فإني أرمي بالمعراض الصيد فأُصيب؟ فقال: إذا رميتَ بالمعراض فخزق فكُلْه، وإن أصابه بعرض فإنَّه وقيذٌ فلا تأكله.
وفي لفظٍ لهما: وإذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله، فإن أمسك عليك فأدركته حيًّا فاذبحه، وإن أدركته قد قتل ولم يأكل منه فكُلْه، فإنَّ أخذ الكلب ذكاته.
وفي روايةٍ لهما: فإن أكل فلا تأكل، فإني أخاف أن يكون أمسك على نفسه، فهذا دليلٌ للجمهور، وهو الصَّحيح من مذهب الشَّافعي، وهو أنَّه إذا أكل الكلبُ من الصيد يحرم مطلقًا، ولم يستفصلوا كما ورد بذلك الحديث، وحُكي عن طائفةٍ من السلف أنَّهم قالوا: لا يحرم مطلقًا.
الشيخ: وهذا قولٌ ضعيفٌ مُصادمٌ للسنة، فلا يُلتفت إليه، نعم.
س: لو أرسل الرجلُ صقره، ووجد معه صقرًا آخر؟
ج: ولا يدري مَن الذي قتله؟
س: ولا يدري مَن الذي قتله؟
ج: مثل الكلب ما يحلّ.
س: لكن لو أرسل الكلب أو الصقر على صيده، وأمسك، سواء أكل أو لم يأكل، هذا مُستثنى؟
ج: نعم، إن أدركه حيًّا ذبحه .....
س: التَّداوي بالحدأة؟
ج: كل مُحرَّمٍ لا يُتداوى به: حدأة وغيرها.
س: في غير الأكل؟
ج: ولو: عباد الله، تداووا، ولا تداووا بحرامٍ، نعم.
س: استثناء الطيور إذا أكلت؟
ج: يقولون: هذا طبعها، فلما أباح اللهُ صيدها دلَّ على أنه يُغتفر فيها، هذا طبعها، هكذا تأكل بعض الشَّيء.
س: القولان ما الصحيح فيهما؟
ج: أيش هما؟
س: قول الجمهور والآخر؟
ج: الصواب قول الجمهور في حلّ صيد الكلب ولو قتل، ما لم يقتله بثقله، نعم.
س: الصيد بالآلات الأخرى الحادّة؟
ج: إذا كان بحادٍّ ما يُخالف، ما هو بالثّقل.
س: مَن اتّخذ كلابًا غير مأذونٍ فيها شرعًا، فهل ينقص الأجرُ بتعدد الكلاب؟
ج: بصريح الحديث: مَن اقتنى كلبًا إلا كلب صيدٍ أو ماشيةٍ ينقص من أجره كل يومٍ قيراطان بعدد الكلاب، نعم.
س: يعني: إذا كانوا كلبين فأربع قراريط؟
ج: نعم، وإذا كانوا عشرةً فعشرون قيراطًا.
س: الكلب الأسود هل يحرم اقتناؤه للمزرعة؟
ج: يحرم اقتناؤه مطلقًا، نعم؛ لأنَّه شيطان.
الشيخ: بركة.
س: تتعدد القراريط بالنسبة للجنائز بتعددها؟
ج: نعم مثل الجنائز.