تفسير قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا..}

حديثٌ آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا ابنُ لهيعة، عن سليمان بن عبدالرحمن، عن نافع بن كيسان: أن أباه أخبره أنَّه كان يتَّجر في الخمر في زمن رسول الله ﷺ، وأنَّه أقبل من الشَّام ومعه خمر في الزّقاق يريد بها التِّجارة، فأتى بها رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله، إني جئتُك بشرابٍ طيبٍ. فقال رسولُ الله ﷺ: يا كيسان، إنَّها قد حُرِّمت بعدك، قال: فأبيعها يا رسول الله؟ فقال رسولُ الله ﷺ: إنها قد حُرّمت وحُرّم ثمنها، فانطلق كيسان إلى الزّقاق فأخذ بأرجلها ثم هراقها.

حديثٌ آخر: قال الإمام أحمد: حدَّثنا يحيى بن سعيد، عن حميد، عن أنسٍ، قال: كنتُ أسقي أبا عبيدة بن الجراح وأبي بن كعب وسهيل ابن بيضاء ونفرًا من أصحابه عند أبي طلحة، حتى كاد الشرابُ يأخذ منهم، فأتى آتٍ من المسلمين فقال: أما شعرتم أنَّ الخمر قد حُرِّمت؟! فقالوا: حتى ننظر ونسأل. فقالوا: يا أنس، اسكب ما بقي في إنائك. فوالله ما عادوا فيها، وما هي إلا التَّمر والبسر، وهي خمرهم يومئذٍ.

أخرجاه في "الصحيحين" من غير وجهٍ عن أنسٍ.

وفي رواية حماد بن زيد، عن ثابتٍ، عن أنسٍ، قال: كنتُ ساقي القوم يوم حُرِّمت الخمر في بيت أبي طلحة، وما شرابهم إلا الفضيخ: البسر والتَّمر، فإذا مُنادٍ يُنادي، قال: اخرج فانظر. فإذا مُنادٍ يُنادي: ألا إنَّ الخمر قد حُرِّمت. فجرت في سكك المدينة. قال: فقال لي أبو طلحة: اخرج فأهرقها. فهرقتها، فقالوا -أو قال بعضهم-: قُتل فلان وفلان وهي في بطونهم! قال: فأنزل الله: لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا الآية [المائدة:93].

الشيخ: وما ذاك إلا لأنَّها لم تحرم ذاك الوقت، فليس عليهم جناحٌ، فإذا شربوها قبل أن تحرم فليس عليهم جناحٌ، إنما الجناح على مَن شربها بعدما حرَّمها الله.

وقوله: "في سكك المدينة" لعله يعني: في الأطراف والجوانب؛ لأنَّ الصحابة أجلُّ وأعظم وأفهم من أن يُريقوها في طريق الناس، فطريق الناس لا يُراق فيه شيء يُؤذي الناس، ولعلهم أراقوها بالأطراف التي لا تُؤذي أحدًا، وهذا هو الواجب الذي يظنّ فيهم -رضي الله عنهم وأرضاهم-، ومعنى البسر: تمر البسر، يعني: أنهم يُخمّرونها، تُنبذ حتى تُخمّر من البسر والتَّمر، وبعضها من العنب، نعم.

س: ما يُستدلّ بهذا على طهارة الخمر؟

ج: لا؛ لأنَّ المقصود -والله أعلم- يعني: أنهم أراقوها في المحلات المناسبة التي يراها الناس، ولكن لا تُؤذي أحدًا.

س: في الرواية السَّابقة في "الصحيحين": فقالوا: حتى ننظر ونسأل. فقالوا: يا أنس، اسكب ما بقي في إنائك. فوالله ما عادوا فيها. هذا صحيح؟

ج: الروايات تُفسّر بعضُها بعضًا، لما سمعوا منادي النبي ﷺ أراقوها.

س: لكن عادوا؟

ج: ما عادوا، يعني: انتهوا منها.

س: ما يُستدلّ بجريان الخمر بسكك المدينة على طهارة الخمر؟

ج: لا، المقصود بهذا في أطرافها، ليس المراد السكك، الصحابة أجلُّ وأعظم وأفهم من أن يُريقوها في طريق المسلمين، يعني: في الأطراف التي لا تُؤذي أحدًا.

س: إذا مسّ الخمرُ شيئًا من ثيابه؟

ج: عند الأكثر نجس، ينبغي التَّنظف منه.

س: وعندكم أنتم؟

ج: الله أعلم.

وقال ابنُ جرير: حدثنا محمد بن بشار: حدَّثني عبدالكبير بن عبدالمجيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك، قال: بينما أنا أُدير الكأس على أبي طلحة وأبي عبيدة بن الجراح وأبي دُجانة ومعاذ بن جبل وسهيل ابن بيضاء حتى مالت رؤوسهم من خليط بسر وتمر، فسمعتُ مُناديًا يُنادي: ألا إنَّ الخمر قد حُرّمت. قال: فما دخل علينا داخلٌ ولا خرج منا خارجٌ حتى أهرقنا الشراب، وكسرنا القلال، وتوضّأ بعضنا، واغتسل بعضنا، وأصبنا من طيب أم سليم، ثم خرجنا إلى المسجد، فإذا رسول الله ﷺ يقرأ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ إلى قوله تعالى: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [المائدة:90-91]، فقال رجلٌ: يا رسول الله، فما ترى فيمَن مات وهو يشربها؟ فأنزل الله تعالى: لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا الآية [المائدة:93]، فقال رجلٌ لقتادة: أنت سمعتَه من أنس بن مالك؟ قال: نعم. وقال رجلٌ لأنس بن مالك: أنت سمعتَه من رسول الله ﷺ؟ قال: نعم، أو حدَّثني مَن لم يكذب، [والله] ما كنا نكذب، ولا ندري ما الكذب.

حديثٌ آخر: قال الإمامُ أحمد: حدَّثنا يحيى بن إسحاق: أخبرني يحيى بن أيوب، عن عبيدالله بن زحر، عن بكر بن سوادة، عن قيس بن سعيد بن عبادة: أنَّ رسول الله ﷺ قال: إنَّ ربي -تبارك وتعالى- حرَّم الخمر والكوبة والقنين.

الشيخ: والقنين؟

قارئ المتن: ضبطها -أحسن الله إليك- يقول: لعبة للروم يُقامرون بها.

الشيخ: نعم، والكوبة هي الطَّبل، نعم.

س: والغبيراء؟

ج: كأنَّها نوعٌ من الخمر.

وإياكم والغبيراء، فإنها ثلث خمر العالم.

الشيخ: لكن مع هذا السياق ضعيف؛ لأنَّ عبيدالله بن زحر ضعيف، لكن جاء من حديث ابن عباسٍ -والطريق جيد- أنَّ النبي ﷺ قال: إنَّ ربي حرَّم الخمر والكوبة والميسر وكلّ مُسْكِرٍ من طريق ابن عباسٍ.

س: موقوف على ابن عباسٍ؟

ج: لا، مرفوع، لعله يأتي.

حديثٌ آخر: قال الإمامُ أحمد: حدَّثنا يزيد: حدثنا فرج بن فضالة، عن إبراهيم بن عبدالرحمن بن رافع، عن أبيه، عن عبدالله بن عمرو، قال: قال رسولُ الله ﷺ: إنَّ الله حرَّم على أُمَّتي الخمر والميسر والمزر والكوبة والقنين، وزادني صلاة الوتر، قال يزيد: "القنين" البرابط. تفرد به أحمد.

الشيخ: الحديث ضعيفٌ جدًّا؛ فرج بن فضالة ليس بشيءٍ.

س: البرابط ما هي؟

ج: هل علّق عليها بشيءٍ؟ كأنَّها نوعٌ من الملاهي، انظر ما قال عليها؟

قارئ المتن: قال: البرابط جمع بربط، وهو ملاهٍ تُشبه العود، وهو فارسي مُعرب، وأصله بربت؛ لأنَّ الضارب به يضعه على صدره، واسم الصّدر: برط ..... والتفسير الثاني الذي قدّمناه.

وقال أحمد أيضًا: حدثنا أبو عاصم -وهو النَّبيل-: أخبرنا عبدالحميد بن جعفر: حدثنا يزيد ابن أبي حبيب، عن عمرو بن الوليد، عن عبدالله بن عمرو: أن رسول الله ﷺ قال: مَن قال عليَّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من جهنم.

الشيخ: انظر: عمرو بن الوليد في "التقريب" أو "الخلاصة".

الطالب: في "الخلاصة": عمرو بن الوليد بن عبدة –بفتحات- السَّهمي، المصري، عن مولاه عبدالله بن عمرو، وعنه يزيد ابن أبي حبيب، وثَّقه ابن حبان، قيل: توفي سنة 103. (ابن ماجه).

الشيخ: و"التقريب"؟

الطالب: عمرو بن الوليد بن عبدة –بفتحتين- السهمي، مولى عمرو بن العاص، مصري، صدوق، من الثالثة، مات سنة 103، (ابن ماجه).

وفي آخر: عمرو بن الوليد ..... مجهول، من الثالثة. (أبو داود).

الشيخ: هو الأول، وثَّقه ابن حبان، وقال: صدوق. نعم.

.......... قال: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: إنَّ الله حرَّم الخمر والميسر والكوبة والغبيراء، وكل مُسكرٍ حرام، تفرد به أحمد أيضًا.

الشيخ: وهذا أيضًا ثابت من حديث ابن عباسٍ عند أحمد وغيره بسندٍ صحيحٍ بدون زيادة "الغبيراء"، ما في عندك في الحاشية؟

قارئ المتن: ذكر -أحسن الله إليك-: والغُبيراء -بضم الغين وبفتح الباء- ضربٌ من الشَّراب يتّخذه الحبشةُ من الذّرة، وهي تُسكر، وتُسمّى: السكركة.

الشيخ: نعم، المقصود من هذا أنَّ الحديث جيدٌ.

س: لكن هذه تكون شواهد لحديث ابن عباسٍ؟

ج: نعم، وهذا منها، جيد، والأصل الآية الكريمة: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ [المائدة:90].

حديثٌ آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع: حدثنا عبدالعزيز بن عمر بن عبدالعزيز.

الشيخ: ولد الخليفة، نعم.

عن أبي طعمة مولاهم، وعن عبدالرحمن بن عبدالله الغافقي.

الشيخ: انظر عندك: أبا طعمة، وعبدالرحمن بن عبدالله الغافقي، لعن في الخمر عشرة: لعن اللهُ الخمر، وبائعها، ومُشتريها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وشاربها، ومُعتصرها. ومعتصرها .....، المقصود الحذر من جميع الوجوه، وقد جاء هذا المعنى من أحاديث أخرى، الخمر من جميع وجوهها.

الطالب: أبو طعمة -بضم أوله وسكون المهملة- شامي، مكث بمصر، وكان مولى عمر بن عبدالعزيز، ويقال: اسمه هلال، مقبول، من الرابعة، ولم يثبت أنَّ مكحولًا رماه بالكذب. (أبو داود، وابن ماجه، والنسائي في "عمل اليوم والليلة").

الشيخ: وعبدالرحمن بن عبدالله الغافقي؟

س: حديث: إنَّ الله حرَّم الخمر والميسر والكوبة ألا يمكن أن يُستدلّ به على تحريم آلات المعازف؟

ج: بل هي منها؛ الكوبة من آلات المعازف. رواية البخاري -رحمه الله-: ليكونن من أُمَّتي أقوام يستحلّون الحر والحرير والخمر والمعازف، يُبَيّتهم الله .. الحديث، نسأل الله العافية.

س: هذه تكون من علامات السَّاعة، قوله ﷺ: ليكوننَّ أناسٌ من أمتي؟

ج: وقع، كلّ هذا وقع من دهرٍ طويلٍ.

مداخلة: الذَّهبي يقول: أبو طعمة القاص، عن ابن عمر، وعنه: عبدالرحمن بن يزيد بن جابر، وابن لهيعة، ثقة. (أبو داود، وابن ماجه).

الشيخ: والحافظ قال: مقبول. لعلَّ الذهبي اطلع على ما لم يطلع عليه الحافظ.

الطالب: عبدالرحمن بن عبدالله الغافقي، أمير الأندلس، مقبول، من الثالثة، استشهد سنة 115. (أبو داود، وابن ماجه).

الشيخ: عبدالرحمن؟

الطالب: عبدالرحمن بن عبدالله الغافقي، أمير الأندلس، عن ابن عمر، وعنه عبدالعزيز بن عمر بن عبدالعزيز، قال ابن معين: لا أعرفه، قتلته الروم بالأندلس سنة 115. (أبو داود، وابن ماجه).

الشيخ: نعم.

عن أبي طعمة مولاهم، وعن عبدالرحمن بن عبدالله الغافقي: أنَّهما سمعا ابن عمر يقول: قال رسولُ الله ﷺ: لُعنت الخمرُ على عشرة أوجهٍ: لُعنت الخمر بعينها، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومُبتاعها، وعاصرها، ومُعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها.

ورواه أبو داود وابن ماجه من حديث وكيعٍ به.

وقال أحمد: حدثنا حسن: حدثنا ابنُ لهيعة: حدثنا أبو طعمة: سمعت ابن عمر يقول: خرج رسول الله ﷺ إلى المربد، فخرجتُ معه، فكنتُ معه، فكنتُ عن يمينه، وأقبل أبو بكر فتأخّرتُ عنه، فكان عن يمينه، وكنتُ عن يساره، ثم أقبل عمر فتنحّيتُ له، فكان عن يساره، فأتى رسولُ الله ﷺ المربد، فإذا بزقاق على المربد فيها خمر، قال ابنُ عمر: فدعاني رسولُ الله ﷺ بالمدية. قال ابن عمر: وما عرفتُ المدية إلا يومئذٍ، فأمر بالزقاق فشقّت، ثم قال: لُعنت الخمر، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومُبتاعها، وحاملها، والمحمولة إليه، وعاصرها، ومُعتصرها، وآكل ثمنها.

الشيخ: وهذا كلّه يدخل في قوله -جلَّ وعلا-: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2]، وقوله ﷺ في الربا: لعن اللهُ آكل الربا، ومُوكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء؛ ولهذا كان المعنى واحدًا، نعم.

وقال أحمد: حدثنا الحكم بن نافع: حدثنا أبو بكر ابن أبي مريم، عن ضمرة بن حبيب، قال: قال عبدالله بن عمر: أمرني رسولُ الله ﷺ أن آتيه بمديةٍ -وهي الشَّفرة-، فأتيتُه بها، فأرسل بها فأرهفت، ثم أعطانيها، وقال: اغدُ عليَّ بها، ففعلتُ، فخرج بأصحابه إلى أسواق المدينة، وفيها زقاق الخمر قد جُلبت من الشام، فأخذ المدية مني فشقّ ما كان من تلك الزقاق بحضرته، ثم أعطانيها، وأمر أصحابه الذين كانوا معه أن يمضوا معي، وأن يُعاونوني، وأمرني أن آتي الأسواق كلَّها فلا أجد فيها زقّ خمرٍ إلا شققتُه، ففعلتُ، فلم أترك في أسواقها زقًّا إلا شققته.

الشيخ: هذا ضعيفٌ، والمعنى صحيح؛ لأنَّ أبا بكر ابن أبي مريم هذا ليس بشيءٍ، ولكن المعنى صحيح، فالنبي ﷺ أمر بإتلاف الخمر، لما حرَّمها الله أمر بإتلافها، نعم. لكن هذا المتن وهذا ..... ضعيف؛ لأنَّ أبا بكر ابن أبي مريم ليس بشيءٍ.

س: تشقيق الزّقاق كان أول الأمر؟

ج: لما حرمت ..... ضعيف، الرسول لما جاءه صاحبُ الخمر أمره بإراقتها، ولكن إذا كان من باب عقاب العاصي ومَن بلغه الخبر ولم ينتهِ يكون هذا من عقابه شقّها وكسر دنانه من باب العقاب، أما الذي ما بعد علم يبلغ؛ ولهذا لما جاء الرجل الذي أهدى الراويتين للنبي ﷺ وأخبره أنها حُرّمت، وأمره مَن معه أن يبيعها قال: إنَّ الذي حرَّم شربها حرَّم بيعها، فأراقها ولم يأمره بشقّ الدّنان؛ لأنَّه .....، لكن الإنسان الذي قد علم وبلغه الخبر مثل اليوم قد استقرَّ تحريم الخمر، فمن باب العقاب، من باب عقاب العاصي بإتلاف الآلة: آلة اللهو، آلة الخمر، شقّ الخمر من باب العقاب، من باب التَّعزير.

.............

س: إذا قيل في الراوي أنَّه لا يحتمل المتابعات؟

ج: روايته ضعيفة، إذا كان ثقةً، العمدة على الثِّقة، إذا كان بسندٍ آخر، العمدة على الثِّقة.

س: حديث ابن عمر: لعن في الخمر، الراجح فيه؟

ج: صحيحٌ، له طرق: لعن اللهُ الخمر، وبائعها .. إلى آخره، نسأل الله العافية.

حديثٌ آخر: قال عبدالله بن وهب: أخبرني عبدالرحمن بن شريح وابن لهيعة واللَّيث بن سعد، عن خالد بن يزيد، عن ثابت بن يزيد الخولاني، أخبره أنَّه كان له عمٌّ يبيع الخمر.

الشيخ: انظر: ثابت بن يزيد الخولاني، ما علَّق عليه مُقبل.

الطالب: نعم، يقول: ثابت بن يزيد الخولاني ذكره الحافظ في "تعجيل المنفعة"، وابن حبان في "الثقات"، والبخاري في "التاريخ الكبير"، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"، ولم يذكروا فيه جرحًا ولا تعديلًا.

الشيخ: السياق يقتضي أنَّ ثابتًا ..، ما هو عن ثابت؛ لأنَّه قال: "أخبره"، يقتضي أنَّ الرواية أنَّ ثابتًا ..

الطالب: ...........

أنَّ ثابت بن يزيد الخولاني أخبره: أنه كان له عمٌّ يبيع الخمر، وكان يتصدّق، قال: فنهيتُه عنها، فلم ينتهِ، فقدمتُ المدينة، فلقيتُ ابن عباسٍ، فسألته عن الخمر وثمنها، فقال: هي حرام، وثمنها حرام. ثم قال ابنُ عباسٍ : يا معشر أمّة محمد، إنَّه لو كان كتابٌ بعد كتابكم، ونبيٌّ بعد نبيِّكم، لأُنزل فيكم كما أُنزل فيمَن قبلكم، ولكن أخّر ذلك من أمركم إلى يوم القيامة، ولعمري لهو أشدّ عليكم.

قال ثابت: فلقيتُ عبدالله بن عمر فسألته عن ثمن الخمر، فقال: سأُخبرك عن الخمر، إني كنتُ مع رسول الله ﷺ في المسجد، فبينما هو مُحْتَبٍ على حبوته، ثم قال: مَن كان عنده من هذه الخمر شيء فليأتنا بها، فجعلوا يأتونه، فيقول أحدهم: عندي راوية. ويقول الآخر: عندي زقّ، أو ما شاء الله أن يكون عنده، فقال رسولُ الله ﷺ: اجمعوه ببقيع كذا وكذا، ثم آذنوني، ففعلوا، ثم آذنوه، فقام وقمتُ معه ومشيتُ عن يمينه، وهو مُتَّكئ عليَّ، فلحقنا أبو بكر ، فأخَّرني رسولُ الله ﷺ، فجعلني عن شماله، وجعل أبا بكر في مكاني، ثم لحقنا عمر بن الخطاب ، فأخَّرني وجعله عن يساره، فمشى بينهما، حتى إذا وقف على الخمر قال للناس: أتعرفون هذه؟ قالوا: نعم يا رسول الله، هذه الخمر. قال صدقتم، ثم قال: فإنَّ الله لعن الخمر، وعاصرها، ومُعتصرها، وشاربها، وساقيها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومُشتريها، وآكل ثمنها، ثم دعا بسكينٍ فقال: اشحذوها، ففعلوا، ثم أخذها رسولُ الله ﷺ يخرق بها الزقاق.

قال: فقال الناس: في هذه الزقاق منفعة! فقال: أجل، ولكني إنما أفعل ذلك غضبًا لله ؛ لما فيها من سخطه، فقال عمر: أنا أكفيك يا رسول الله. قال: لا.

قال ابنُ وهبٍ: وبعضهم يزيد على بعضٍ في قصّة الحديث. رواه البيهقي.

س: الحديث صحيح؟

ج: الله أعلم، ما بعد عرفنا ثابت بن يزيد هذا! لكن المعنى صحيح في الأحاديث الأخرى، صحيح.

س: ............؟

ج: لو صحَّ هذا حُجّة بإتلافها؛ لأنَّه من باب التَّعزير إتلافها، لو صحَّ، نعم، والتفصيل معروف، التفصيل: مَن كان جاهلًا في عهد النبي ﷺ لم يعرف النَّسخ، فالنبي ما أمره بإتلافها، بل قال: أرقها، ومَن كان مُتساهلًا فهذا هو محل العقوبة.

س: لكن قوله: "فيه منفعة"؟

ج: لو صحَّ .........

س: حديث: مَن مات يوم الجمعة أمن الفتَّان؟

ج: ضعيفٌ، الأحاديث في موت الجمعة ضعيفة.