بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وبه ثقتي.
الحمد لله الذي شرح صدر مَن أراد هدايته للإسلام، وفقه في الدين مَن أراد به خيرًا، وفهمه فيما أحكمه من الأحكام، أحمده أن جعلنا من خير أمة أُخرجت للناس، وخلع علينا خلعة الإسلام خير لباس، وشرع لنا من الدين ما وصَّى به نوحًا وإبراهيم وموسى وعيسى، وأوحاه إلى محمدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعليهم أفضل الصلاة والسلام، وأشكره، وشكر المنعم واجب على الأنام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الجلال والإكرام، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، وحبيبه وخليله، المبعوث لبيان الحلال والحرام، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وأصحابه وتابعيهم الكرام.
أما بعد: فهذا شرح لطيف على "مختصر المقنع" للشيخ الإمام العلامة، والعمدة القدوة الفهَّامة، هو شرف الدين أبو النجا موسى بن أحمد بن موسى بن سالم بن عيسى بن سالم المقدسي الحجاوي ثم الصالحي الدمشقي، تغمَّده الله برحمته، وأباحه بحبوحة جنته، يبين حقائقه، ويُوضح معانيه ودقائقه، مع ضم قيود يتعين التنبيه عليها، وفوائد يحتاج إليها، مع العجز وعدم الأهلية لسلوك تلك المسالك، لكن ضرورة كونه لم يُشرح اقتضت ذلك، والله المسؤول بفضله أن ينفع به كما نفع بأصله، وأن يجعله خالصًا لوجهه الكريم، وزلفى لدينه في جنات النعيم المُقيم.
الشيخ: اللهم صلِّ وسلم على رسول الله، هذا الكتاب وهو شرح "زاد المستقنع" للشيخ منصور بن موسى البهوتي شرح مفيد، ومختصر جيد، وهكذا المتن أيضًا -متن الحجاوي "زاد المستقنع"- متن مفيد، قد جمع أحكامًا كثيرة، وفوائد جمة تفيد طالب العلم؛ حتى يلتمس أدلتها، ويفوق بمعرفة تلك الأحكام إذا عرف الأدلة؛ لأن وجودها في ذهنه يدعوه إلى النظر في أدلتها، حتى يستفيد معرفة أحكام تلك المسائل، والعلماء اعتنوا بالمختصرات ليحفظها طالبُ العلم؛ حتى يفرع عليها وينظر في الأدلة، تكون عنده كأصول ينظر في أدلتها ويستفيد، وليس المقصود الاحتجاج بها، لا، الحجة بالأدلة وهو يحفظها حتى يُقيم عليها الأدلة، وينظر فيها، ويستفيد منها.
وهكذا الكتاب على اختصاره مفيد جدًّا، وهو اختصار "للمقنع" للموفق ابن قُدامة صاحب "المغني"، وشرح المؤلف منصور مفيد، مختصر مفيد، وقد وضع عليه العلامة أخونا الحافظ رحمه الله الشيخ عبدالرحمن بن محمد قاسم العاصمي حاشيةً جيدةً، ذكر فيها نقولًا حسنةً عن أهل العلم، وبعض الأدلة، فهي حسنة مفيدة رحمه الله، وقد نبَّه في المقدمة على فوائد ينبغي أن تُقرأ، وكانت وفاته رحمه الله سنة 1392 عن عمر قارب الثمانين، ولد سنة 1312هـ، وتوفي سنة 1392هـ رحمه الله.
فالمقصود أنَّ الحاشية مفيدة جيدة، ورأينا أن يكون الدرس فيها بدلًا من الفتاوى؛ لأنَّ الفتاوى كتاب مطول، ويكثر رحمه الله في ذكر الخلاف، وقد يصعب أن تصل الفائدة للطالب، وهذا المتن على قولٍ واحدٍ، والشارح يعتني بأدلته، فيستفيد طالبُ العلم هذا القول وأدلته، ولا مانع من التَّنبيه إذا كان في المسألة خلافٌ قوي يكون التنبيه عليه إن شاء الله في الدرس، وبيان الراجح، وهذا أنفع للطالب؛ أنه يعرف القول المعتمد في مذهب أحمد مثلًا، أو مذهب الشافعي مثلًا، على حسب الدرس الذي يقرأ فيه، ثم يعرف الأدلة، ويعرف ما خالف ذلك بالأدلة.
الشيخ: هذه السنة: البداءة بالبسملة، كما بدأ القرآن بالبسملة، والنبي كان يبدأ كتبه بالبسملة عليه الصلاة والسلام، فالسنة بدء الكتب بالبسملة، وجاء في الحديث -له طريق حسن: كل أمرٍ ذي بالٍ لا يُبدأ ببسم الله فهو أجذم، وفي روايةٍ: أبتر يعني: أقطع، يعني: ناقص البركة، فلهذا اعتاد الأئمةُ أن يبدؤوا كتبهم بالبسملة تأسيًا بالقرآن العظيم، وتأسيًا بالنبي ﷺ في مُكاتباته مع الملوك والرؤساء، كان يبدأها بـ"بسم الله الرحمن الرحيم".
ومعنى: "بسم الله" أي أستعين بالله، أي بسم الله أُؤلف، فكونه متعلق محذوف على حسب ما سُمِّي فيه، ويكون تقديره بحسب ما سُمي فيه؛ إن كان في الأكل بمعنى "بسم الله آكل"، وإن كان بالشرب بمعنى "بسم الله أشرب"، وإن كان في الدخول "بسم الله أدخل"، وإن كان في التأليف "بسم الله أؤلف"، على حسب ما سُمي فيه، المتعلق محذوف يناسب المقام، يقدم فعل يُناسب المقام.
و"الله" علم على الذات، وهو اسم الله ، لا يُسمَّى به غيره جلَّ وعلا.
و"الرحمن الرحيم" اسمان عظيمان دالان على الرحمة العامَّة والخاصَّة، "رحمن" ذو رحمة واسعة: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ [الأعراف:156]، و"الرحيم" ذو رحمةٍ خاصةٍ بالمؤمنين: وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا [الأحزاب:43]، إنه بالمؤمنين رؤوف رحيم، وهو أيضًا بالناس رؤوف رحيم: إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ [البقرة:143].
أما قوله: "بكمال الإنعام" فهذا من باب التأويل، والصواب خلاف ذلك، هذا من التأويل الذي ذكره الشارحُ، والصواب خلافه، بل "بسم الله الرحمن الرحيم"، فسُمي بـ"الرحمن والرحيم"، هو ذو الرحمة سبحانه، ذو الرحمة الواسعة العظيمة، وهي رحمة خاصة، وهو رحمن ورحيم، موصوف بالرحمة، وهي رحمة تليق بجلاله، لا تُشابه رحمة المخلوقين، رحمتنا خاصة بنا، ورحمة تليق به ، كما قال : وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا.. الآية، وقال تعالى: إنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ، فهو رحمن ورحيم، وهما اسمان عظيمان دالان على الرحمة اللائقة به سبحانه، فتأويلها بالإنعام أو بإرادة الإنعام هذا غلط من عمل الأشاعرة وأشباههم ممن يتأوَّل بعض الصِّفات.
س: التقدير أو بإرادة ذلك أؤلف؟
ج:........ أو بإرادة المنعم، كل هذا غلط، الصواب أنَّ الرحمن الرحيم دالان على الرحمة، غير الإنعام، الرحمة غير الإنعام، الإنعام من الرحمة، والإنعام والتوفيق والهداية كله من الرحمة.
س: تقدير متعلق الباء، يقول المؤلف: أو بإرادة ذلك أُؤلف؟
ج: يعني: أُؤلف، متعلق "أؤلف" الرحمن الرحيم الذي يريد الإنعام أو المنعم، لكن العبارة فيها بعض الضَّعف.
وفي إيثار هذين الوصفين المُفيدين للمُبالغة في الرحمة إشارة لسبقها من حيث مُلاصقتها لاسم الذات، وغلبتها من حيث تكرارها على أضدادها، وعدم انقطاعها.
وقدّم الرحمن لأنه علم في قولٍ، أو كالعلم من حيث إنه لا يُوصف به غيره تعالى؛ لأنَّ معناه: المنعم الحقيقي البالغ في الرحمة غايتها، وذلك لا يصدق على غيره.
الشيخ: الرحمن من أسمائه الحسنى، وهكذا الرحيم، الرحمن لا يُسمَّى به غيره، تفسيره بالمنعم نوع تأويل، والصواب أنه الرحمن بالعباد بأنواع الرحمة، والرحيم كذلك.
الشيخ: وهذا معنى الحمد لله، معناه: الثناء على الله جلَّ وعلا بما هو أهله .
والحمد: هو الثناء بالصفات الجميلة والأفعال الحسنة، سواء كان في مقابلة نعمةٍ أم لا.
وفي الاصطلاح: فعل يُنبئ عن تعظيم المُنعم بسبب كونه مُنعمًا على الحامد أو غيره.
والشكر لغةً هو الحمد، واصطلاحًا: صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه لما خُلق لأجله، قال تعالى: وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ [سبأ:13].
وآثر لفظ الجلالة دون باقي الأسماء: كالرحمن والخالق؛ إشارةً إلى أنه كما يُحمد لصفاته يُحمد لذاته؛ ولئلا يتوهم اختصاص استحقاقه الحمد بذلك الوصف دون غيره.
الشيخ: والشكر والحمد بينهما عموم وخصوص، فالشكر أعم من جهة الأسباب، أعم من جهة الفعل، وأخص من جهة السبب؛ لأنه يكون في مقابل النعمة، والحمد أعم من جهة المتعلق؛ لأنه مقابل النعمة وغيرها، ويكون بالقلب واللسان، يعني: أخص من جهة الجوارح، وقيل: إنَّ الحمد هو الشكر، والشكر هو الحمد، والأشهر الفرق بينهما، فكل شاكرٍ حامد، وليس كل حامدٍ شاكرًا؛ لأنَّ الشكر يكون بالقلب واللسان والعمل في مقابل النعمة، والحمد يكون في مقابل النعمة وغيرها، يحمد الله لصفاته وأسمائه ونعمه، والحمد لله متعلق بالقول والقلب.
والمشروع للمؤمنين حمد الله وشكره، يحمده سبحانه لإحسانه وجوده وكرمه وصفاته العظيمة وأعماله المجيدة، فهو محمود مشكور لذاته ولصفاته وإنعامه ؛ ولهذا حمد نفسه وقال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ في مواضع كثيرة، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ [الأنعام:1]، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ [الكهف:1]، فهو سبحانه له الثناء الكامل لأسمائه وصفاته وذاته، ولإنعامه أيضًا .
(حمدًا) مفعول مطلق مُبين لنوع الحمد، لوصفه بقوله: (لا ينفد) بالدال المهملة، وفتح الفاء، ماضي "نفد" بكسرها، أي: لا يفرغ.
(أفضل ما ينبغي) أي: يُطلب (أن يُحمد) أي: يُثنى عليه ويُوصف، و"أفضل" منصوب على أنه بدل من (حمدًا)، أو صفته، أو حال منه، و"ما" موصول اسمي، أو نكرة موصوفة، أي: أفضل الحمد الذي ينبغي، أو: أفضل حمدٍ ينبغي حمده به.
(وصلَّى الله) قال الأزهري: معنى الصلاة من الله تعالى الرحمة، ومن الملائكة الاستغفار، ومن الآدميين التَّضرع والدّعاء.
الشيخ: الصواب أنَّ الحمد هو الثناء على الله، والصلاة على النبي ﷺ معناها هذا الصلاة عليه عليه الصلاة والسلام ..... شرع لنا من الصلاة التي أمر الله بها، فالله قال: صَلُّوا عَلَيْهِ [الأحزاب:56]، وقد بيَّن لنا عليه الصلاة والسلام الصلاة عليه، فنحن نقول: اللهم صلِّ على محمدٍ، نطلب من ربنا أن يُثني عليه ويُصلي عليه ويُسلم عليه، هذه هي الصلاة منا على نبينا عليه الصلاة والسلام.
الشيخ: والصلاة عليه مشروعة وقربة عظيمة في جميع الأوقات، ولكنها تتأكد عند ذكره في يوم الجمعة أو ليلتها، فإنه ﷺ شرع لنا ذلك، قال: إنَّ من خير أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه، فعند ذكره ﷺ، وفي الحديث الصحيح قال: رغم أنف امرئٍ ذُكرت عنده فلم يُصلِّ عليَّ، وفي الحديث أنه صعد المنبر وقال: آمين، آمين، آمين، ثم سألوه قال: إن جبريل أتاني فقال: يا محمد، رغم أنف امرئٍ ذُكرتَ عنده فلم يُصلِّ عليك، فقل: آمين، فقلتُ: آمين.
المقصود أنَّ الصلاة عليه متأكدة، وظاهر النص أنها تجب عند ذكره، يقول: رغم أنف امرئٍ ذُكرت عنده، فينبغي الإكثار من الصلاة عليه عليه الصلاة والسلام في جميع الأوقات، وعند ذكره بوجهٍ أخص، وفي يوم الجمعة كذلك بما أوصانا لما سُئل: كيف نُصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما باركتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، يقال في الصلاة وفي خارج الصلاة.
س: ............؟
ج: هذا الحديث ليس بصحيح ........، ذكر بعضُ أهل العلم أنه موضوعٌ، ليس له أصل.
س: ............؟
ج: الصلاة من الله الثناء على عبده، تأويلها بالرحمة، تأويل الصلاة من الله ثناء على عباده جلَّ وعلا، وإظهاره فضلهم، كما أظهر فضل الأنبياء وفضل النبي عليه الصلاة والسلام، ومنا الدعاء، منا ندعو للنبي، علينا أن ندعو الله أن الله يُصلي عليه.
س: لفظ: اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في "صحيح مسلم" أو "البخاري"؟
ج: في "الصحيحين" جميعًا، بعض الناس ظنَّ أنه لم يروها البخاري، وقد رواها البخاري في أحاديث الأنبياء، ثابت في "الصحيحين" جميعًا، وفي بعضها الاقتصار على الآل في التَّبريك: "صلِّ على محمدٍ كما صليتَ على آل إبراهيم"، وفي بعضها على إبراهيم نفسه، لكن في الرواية الجامعة، جاء في "الصحيحين" وغيرهما: اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما باركتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وجاء في بعضها الاقتصار على محمدٍ وآل محمد، وذكر البركة على إبراهيم، وفي بعضها البركة على آل إبراهيم، والأمر واسع، كلها أنواع، إذا أتى بواحدٍ منها الحمد لله، وفي بعضها: اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى أزواجه وذُريته كما في حديث أبي حميدٍ عند البخاري، كلها طيب، أنواع.
س: الجمع بينهما جاء في مسلم؟
ج: في "الصحيحين" جميعًا، كأن الشيخ تقي الدين رحمه الله خفي عليه الجمعُ بين إبراهيم وآل إبراهيم، وقال: إنها انفرد بها مسلم، ولكن الصواب أنه رواها البخاري أيضًا، رواها البخاري كاملةً.
س: ...........؟
ج: ما له أصل معتمد، تُستحب الصلاة على النبي مطلقًا في جميع الأوقات، وذكر الله كذلك، الله قال: وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ [الكهف:24]، إذا نسي يذكر الله، يقول: لا إله إلا الله، وسبحان الله: وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ.
س: ............؟
ج: نعم، كلهم من آل إبراهيم، آل الرجل ذريته وأزواجه، ويدخل فيهم الأتباع، كما قال تعالى: أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ [غافر:46] يعني: أتباع فرعون، فآل محمدٍ يدخل فيه أزواجه وذريته وأتباعهم إلى يوم القيامة.
س: ...........؟
ج: وفي الصلاة أيضًا، في آخر الصلاة، عند جمع من أهل العلم في آخر الصلاة، لما سألوه: كيف نُصلي عليك في صلاتنا؟ قال: قولوا: اللهم صلِّ على محمدٍ، ذهب جمعٌ من أهل العلم إلى أنه يجب أن يُصلَّى عليه، وبعضهم جعلها ركنًا في آخر الصلاة، التحيات في آخر الصلاة، فينبغي للمؤمن أن يأتي بها في آخر الصلاة، سواء قلنا إنها واجب أو ركن.
س: ..........؟
ج: يُصلي عليه من دون جهرٍ؛ لعموم الأدلة.
س: صلاة الجنازة؟
ج: يُصلي عليه بعد التكبيرة الثانية.
س: ركن؟
ج: واجب من واجبات الجنازة، ويُسمَّى: ركنًا أيضًا.
س: بعض العوام إذا أراد أن يحمل شيئًا ثقيلًا قال: اللهم صلِّ على محمدٍ؟
ج: ما أعرف له أصلًا، إذا ذكر الله كله طيب، لكن يذكر الله، يستعين بالله.
س: هل يجوز أحسن الله إليك؟
ج: ما أعلم فيه شيئًا، الصلاة على النبي دائمًا مشروعة في كل وقتٍ، لكن كونه يراها خاصةً بهذا أو سنة في هذا هذا يحتاج إلى دليلٍ، أما كونه يُكثر من الصلاة على النبي وهو يعمل، ويقوم أو يجلس يُكثر من ذكر الله، كله طيب، ولا يخصّ شيئًا إلا بدليلٍ.
س: كأنه أراد الاستعانة بها؟
ج: إذا جرى على لسانه من غير تخصيصٍ فلا بأس، أما أن يرى أنَّ هذا مشروع، وهذا سنة لا، إلا بدليلٍ.
س: يرى أنه يخفّ عليه الحمل؟
ج: ما عليه دليل.
س: وكذلك إذا نسي يُصلي على النبي ﷺ حتى يتذكَّر؟
ج: يذكر الله، كما قال: وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ [الكهف:24]، يقول: لا إله إلا الله، سبحان الله، وإن صلَّى مع ذكر الله زيادة خيرٍ؛ لأنه نوع من الذكر، لكن الذكر هو المقدم.
س: ...........؟
ج: فيه ضعف، لكن من باب الحسن لغيره كما قال ابن الصلاح وغيره.
س: الصلاة من الملائكة ومن الآدميين سواء؟
ج: الله أعلم، مثلما جاء في الحديث: الملائكة تُصلي على أحدِكم ما دام في مُصلاه: اللهم اغفر له، الصلاة بالاستغفار له: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، اللهم صلِّ عليه، يعني: أثنِ عليه، وهم يدعون للمسلمين في بعضها: "اللهم صلِّ عليه" يدعون الله أن يُصلي عليه، ومن الآدمي الدعاء، يُثني عليه: "اللهم صلِّ عليه" هو الدعاء بالصلاة عليه.
الشيخ: الحمد لله يدل على الثبوت، وأن كونه محمودًا يُثنى عليه، هذا شيء ثابت.
س: كلمة "أو" هل لها محل لثبوت مالكية الحمد أو استحقاقه؟
ج: أو حذفها أولى.
س: في نسخةٍ بدونها؟
ج: نعم ما لها محل.
وبالصلاة الفعلية الدالة على التَّجدد، أي الحدوث؛ لحدوث المسؤول وهو الصلاة، أي: الرحمة من الله.
الطالب: في الحاشية يقول: قوله "لحدوث" هذا قول الأشاعرة، وأما مذهبنا فجميع الصفات قديمة، ذاتية كانت أم فعلية، على أن الصلاة غير الرحمة .......
الشيخ: الصلاة من الله ثناؤه على عبده في الملإ الأعلى، وهي تجدد منه ، أصل الصفات الفعلية قديمة، وأفرادها يحدث ما يشاء، ما هو بالحدوث عند الأشعرية دائمًا، لا هذا الذي يقول: الصفات تتجدد، هذا هو الغلط.
س: الشارح يقول: بالصلاة الفعلية الدالة على التجدد، أي الحدوث؛ لحدوث المسؤول وهو الصلاة، أي: الرحمة من الله؟
ج: هذا تفسير الرحمة، هو محل النظر، وإلا الحدوث يقع الحدوث؛ لأن الصلاة من الله جل وعلا تتجدد، أصل صفات الفعل قديمة، ولكن أفرادها مثلما قال شيخ الإِسلام وغيره تجدد، صلاته على محمد تجدد بعد وجوده عليه الصلاة والسلام، وبعد مضي الأنبياء، كذلك قوله: يا آدم، أخرج بعث النار، فإنه تجدد عند قيام الناس من قبورهم، كذلك تكليمه لموسى في وقته، وتكليمه لمحمدٍ لما عرج به في وقته، فهذه تكون أفرادًا، وأصل الكلام وصف الله جلَّ وعلا قديمًا، لم يزل يتكلم إذا شاء، ولكن أفراد الكلام تجدد مثلما قال شيخ الإسلام رحمه الله وغيره: "قديم النوع، حادث الآحاد".
هكذا الخلق، هكذا الرزق، هكذا تدبير الأمور، خلق آدم قبله مخلوقات كثيرة، خلقنا متأخرين بعد مخلوقات كثيرة، وخلق يأتي بعدنا كذلك، فالخلق يتجدد، وهكذا رحمته لعباده تجدد، وأصل الرحمة وصفه ، لكن أفرادها وما يقع منها يتجدد.
هكذا الرضا، وهكذا الرحمة، يكون العبد مسخوطًا فإذا أسلم ، جاء رضا من جديدٍ، ويكون مسلمًا، وإذا كفر جاء الغضبُ من جديدٍ، هذا معنى قول الشيخ: "قديم النوع، حادث الآحاد".
س: الفعلية تتجدد؟
ج: تتجدد، أصلها قديم.
س: كلام الشارح ما يكون تأويلًا باعتبار الأفراد؟
ج: ما هو بتأويل.
الطالب: ............
(على أفضل المُصطفين محمد) بلا شكّ؛ لقوله ﷺ: أنا سيد ولد آدم ولا فخر، وخصَّ ببعثه إلى الناس كافَّة، وبالشفاعة والأنبياء تحت لوائه.
والمصطفون جمع مصطفى، وهو المختار من الصفوة، وطاؤه منقلبة عن تاء.
ومحمد من أسمائه ﷺ، سُمي به لكثرة خصاله الحميدة.
الشيخ: ....... لما فيه من خصاله الحميدة عليه الصلاة والسلام، هو أفضل الخلق عليه الصلاة والسلام، وسُمي بسيد ولد آدم، هذا أمر معلوم مجمع عليه، والصلاة عليه من أفضل القربات كما تقدَّم.
والعلماء ....... كتبهم بهذا الثناء على الله، والصلاة على النبي ﷺ؛ لما فيها من الخير العظيم كما تقدم؛ تأسيًا بالنبي ﷺ، وتأسيًا بالقرآن .....
الشيخ: هذا يحتاج إلى دليلٍ والله أعلم، المقصود أنَّ الله اختار له هذا الاسم العظيم وهو أحمد عليه الصلاة والسلام.
س: .............؟
ج: تأسيًا بالقرآن العظيم ..... والحمد لله، وقوله ﷺ: كل أمرٍ ذي بالٍ لا يبدأ ببسم الله، وفي بعضها: بحمد الله، وإن كان فيه ضعف، لكن له طرق يشد بعضها بعضًا؛ ولهذا فرحوا بهذا، ورجوا من الله أنهم يحصل لهم بهذا البركة والخير.
الشيخ: هذا يعم أتباعه، ويعم أهل بيته وأزواجه، هذا الصواب، آله: أزواجه وذريته وأتباعه على دينه عليه الصلاة والسلام.
الشيخ: والصواب أنَّ آله إذا عُطف عليه أصحابه: أهل بيته من أزواجه وذريته، وأصحابه هم أصحاب رسول الله ﷺ، وإذا قصد بالآل الأتباع صار عطف الأصحاب من باب عطف الخاص على العام، يكون آله أتباعه وأزواجه وذريته جميعًا، وفي حديث أبي حميد: اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى أزواجه وذُريته، فقد يراد بهم الأزواج والذرية، وقد يُراد بهم الأتباع، فإذا جمع بينهما فالآل أزواجه وذريته وأصحابه وسائر أتباعه عليه الصلاة والسلام.
س: جاز الخلق سبق في علم الله؟
ج: أصل الخلق ثابت، لم يزل يخلق ويُوجد ، لكن قديم النوع، حادث الآحاد، ما كل فرد قديم، وهكذا كل فرد مسبوق بعدم.
س: كلمة "على آله" عامَّة، يشمل الصحابة والتابعين؟
ج: في عطف الصحابة من باب عطف الخاص على العام.
الشيخ: هذا هو الصواب، الصحابي: مَن لقي النبيَّ مؤمنًا به ومات على الإسلام، يقال له: صحابي، ولو لحظة، ولو ساعة، ولو كان صغيرًا تبع والديه.
الشيخ: كالرافضة، فالجمع بينهما خلاف الرافضة الذين يسبون الصحابة، أهل السنة والجماعة بينهم يجمعون بين الآل والأصحاب، بين أهل بيته وبين أصحابه وأتباعه في المعنى.
الشيخ: العبادة: ما أمر به شرعًا، هذه العبادة، ما شرعه الله لعباده من قولٍ وعملٍ.
س: قوله "من غير اطرادٍ عرفي ولا اقتضاء عقلي"؟
ج: بمجرد أمر الله ورسوله.
س: بعض مَن ينتسبون إلى الحسن أو الحسين يُسمون أنفسهم: السادة، ويستدلون بحديث: إنَّ ابني هذا سيد؟
ج: هذا من كيسهم، جهل، أقول: جهل، ابني هذا سيد: رئيس، يعني: رئيس كريم ورحمه.
الشيخ: أما بعد، هذه سنة في الخطب، كان يفعلها النبيُّ ﷺ في الانتقال من أسلوبٍ إلى أسلوبٍ بعد الحمد والثناء إلى المقصود، واختلف الناسُ: مَن بدأ بها؟ على أقوال: أقربها أنه داود عليه الصلاة والسلام، المقصود أنها سنة الخطب، استعملها النبي ﷺ، يعني بعد كذا وكذا، فيقال: كذا وكذا.
س: حذف "أما" تقول: وبعد؟
ج: وبعد تقوم مقامها، مثل: أما بعد.
س: مَن قال: إن النصوص ليس فيها إلا "أما بعد"، ما في النصوص وبعد؟
ج: ما أتذكر شيئًا، لكن العمل جارٍ على هذا، منهم مَن يستعمل "أما"، ومنهم مَن يستعمل "وبعد"، ولكن الأفضل "وأما".
س: ...........؟
ج: جواب "وأما بعد"، يعني: مهما يكن من شيءٍ فكذا وكذا، تصير الفاء جوابية، جواب "أما".
س: حذف الفاء بعد "أما بعد"؟
ج: حذفها نادر مثلما قال ابنُ مالك وغيره، الأفضل أن يأتي بها؛ لأنها تأتي لجواب "أما"، وحذفها من النادر، فالأحسن للخطيب أن يأتي بها.
الشيخ: هذا يُروى عن النبي ﷺ، وجاء في بعض خطب النبي ﷺ في أحاديث كثيرة.
"عبدالقاهر" يقال: عبدالقاهر بالهاء، ويقال: عبدالقادر بالدال، والمشهور عبدالقادر الرهاوي بضم الراء، وهو ممن توفي سنة 612 كما قال المحشي وابن قندس، هو أبو بكر إبراهيم بن قندس، توفي سنة 861 رحمه الله.
وصنف فيها مصنفات منها: "الأربعين النووية"، والحديث في سنده نظر، في سنده ضعف: «مَن حفظ على أمتي أربعين حديثًا ..» في سنده مقال فيما أذكر، ما أذكره من طريقٍ صحيحٍ.
الشيخ: ليس بصوابٍ، الصواب فصل الخطاب هو الحق، بيان الحق وإيضاحه.
الشيخ: هذا الصواب، نعم.
الشيخ: والمعروف الضم عند حذف المضاف إليه، هذه القاعدة، "أما بعد" يعني: أما بعد كذا وكذا.
الشيخ: ومعنى "فهذا" يعني: هذا الذي أذكره لك أيها الطالب هو مختصر، هذا يعني إشارة لما يأتي، هذا الأظهر، إظهار لما يأتي بعد هذا.
المقصود من هذا ما هو نبينه للطالب بعد قوله "فهذا"، وقد يكون ..... إن هذه تذكرة، قد يكون ذكره في كلام سابق فيما مضى، ثم يذكر أنه قد يكون لما يأتي.
(مختصر) أي مُوجز، وهو ما قلَّ لفظه وكثر معناه، قال علي : "خير الكلام ما قلَّ ودلَّ، ولم يطل فيملّ".
(في الفقه) وهو لغةً: الفهم، واصطلاحًا: معرفة الأحكام الشرعية الفرعية بالاستدلال بالفعل أو بالقوة القريبة.
الشيخ: هذا الفقه، معرفة الأحكام الشرعية بالأدلة يُقال له: فقه.
الشيخ: وهذا معروف، المقنع لأبي محمد عبدالله بن أحمد بن محمد بن قدامة رحمه الله صاحب "المغني" المتوفى سنة 620.
وقول الشارح: "وأعاد علينا من بركته" محل نظرٍ؛ فإن أراد بذلك بركات مؤلفاته وبركة علمه فصحيح، وإن أراد أنه يُعطي الناس بركةً فهذا غلط، هذه عبارة موهمة، والأحسن في هذا أن يقال: نفعنا الله بعلمه؛ حتى لا توهم، يقول: فلان ابن فلان، صاحب المؤلف كذا، نفعنا الله بعلمه، وما أشبه ذلك؛ حتى لا توهم العبارة.
س: إذا أراد بركةً ذاتيةً؟
ج: لا، لا، غلط، ما له أصل، ما في بركة متعدية، البركة له إنما يتعدى علمه.
الطالب: قال شيخ الإسلام: قول فلان: "أنا ببركة فلان" إن أراد بركةً مستقلةً لتحصيل المصالح ودفع المضار فكذب وأشرك، وإن أراد أن فلانًا دعا لي فانتفعتُ بدعائه، وأنه علَّمني وأدَّبني فأنا في بركة ما انتفعت به وتأديبه فصحيح، وإن أراد بذلك أنه بعد موته يجلب المنافع ويدفع المضار، أو مجرد صلاحه ودينه قربة إلى الله ينفعني من غير أن أُطيع الله فكذب.
الشيخ: مثلما قال صحّ، المقصود أن هذه العبارة ليست طيبةً، فيها إيهام، إلا إذا أراد بذلك بركة علمه وتوجيهه ومؤلفاته وإرشاده، إذا كان من تلاميذه لا بأس، أما إذا أراد أنه يُعطي الناس فهذا اعتقاد المشركين الأولين، نسأل الله العافية.
س: قول عليٍّ السابق: "خير الكلام ما قلَّ ودلَّ"؟
ج: يُروى عن عليٍّ، ما تكلم عليه المحشي؟ المعروف عن عليٍّ: "خير الكلام ما قلَّ ودلَّ"، معروف عن عليٍّ: "ويدرك ولا يملّ".
الطالب: الشارح نسبه إلى عليٍّ : قال علي : "خير الكلام ما قلَّ ودلَّ ولم يطل فيملّ".
الشيخ: في الحاشية.
الطالب: لم يذكر عليه شيئًا، في بعض الإخوان تتبع هذا فلم يجد له مخرجًا.
س: ...........؟
ج: "تبارك" ما يصلح، تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [الأعراف:54]، ما يُقال: يا فلان تباركت، تبارك من وصف الله، أما ....... البركة، إن كان قصده أن مجيئك مبارك، وأنك معنا بتوجيه وإرشاد ونحو ذلك فهذا معناه صحيح، أو أنت إن شاء الله مبارك، يعني: إذا جئت يحصل منك الخير والتعليم والتعاون على الخير والنصيحة، فلها معنى صحيح، أما إذا أراد أنه هو بنفسه يُعطي الناس بركةً، لا، هذا ما هو بصحيح، العبارات العامَّة عبارات فيها إبهام، فالأحسن أن يقول: حيَّاك الله، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وشرفتنا، وما أشبه ذلك، يأتي بعبارات أحسن من هذا.
س: ..........؟
ج: ما يصلح، يعلم أن هذا ما يجوز، تبارك من أوصاف الله: تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [الأعراف:54]، تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ [الملك:1]، تبارك معناها: بلغ في البركة النهاية، فلا تحصل إلا لله، يعلم أنه ما يجوز هذا.
الشيخ: يعني أنه ذكره على قول واحد لأجل الاختصار وجمع الفائدة، وإذا أراد الإنسان المزيد يُراجع كتب الخلاف، وهو ذكر هذا المختصر على قول واحد، وإن كان الأصل قد يذكر روايتين، ولكن المؤلف هنا أراد التَّخفيف على الطالب والتيسير عليه، ويكون قول واحد حتى يربطه، وبعد ذلك يراجع كتب الخلاف إذا أراد.
الشيخ: وهذا هو القول الواحد في مذهب أحمد رحمه الله، وقد يكون لأحمد روايات كثيرة، روايتان أو ثلاث أو أربع أو أكثر، لكن من شروط المؤلف أنه يتحرى الأرجح في اعتقاده، قد يعتقد المؤلف أو الموفق أو غيرهم أنَّ هذا هو الأرجح، ويعتقد الآخر خلاف ذلك حسب الأدلة، العمدة في هذا هو الأدلة، لا قول فلان وفلان، العمدة في مثل هذا الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة، فما كان راجحًا فيها فهو الراجح، سواء وافق قول أحمد أو قول الشافعي أو قول مالك أو أبي حنيفة أو غيرهم، الراجح في الحكم الشرعي ما وافق الأدلة الشرعية.
وقوله "إمام الأئمة" فيه إجمال، لو قال: "إمام الأئمة في زمانه" يكون هذا أسلم، فهو رحمه الله من أئمة الهدى، وقد نافح عن السنة، وعُذِّب في سبيل الله، وعُذِّب في خلق القرآن، فهو له إمامة عظيمة رحمه الله، وله جهود مباركة، ولكن "إمام الأئمة" لا يُقال، "إمام الأئمة" هو الرسول ﷺ، هو إمام الأئمة عليه الصلاة والسلام، وإنما "إمام الأئمة في زمانه" أو "إمام العلماء في زمانه"؛ لأنه قادهم ودعاهم إلى الثبات في هذا، والصبر في محنة القرآن رحمه الله، فهو إمام كبير، وله جهود مباركة في الدعوة إلى الله، ونشر العلم، ونشر السنة، وأحمد رحمه الله وغيره من أهل العلم، وهكذا مالك، وهكذا الشافعي، وهكذا الأوزاعي، وهكذا غيرهم من أئمة الإسلام الذين نصروا الحقَّ ودعوا إليه.
س: .............؟
ج: كذلك "الإمام الأعظم" غلط، "الإمام الأعظم" هو الرسول ﷺ.
س: ...........؟
ج: ذُهْل بضم الذال وتسكين الهاء، الشيباني نسبة إلى شيبان، وهو من عدنان.
س: ...........؟
ج: لا، هذا غلط، التقليد ما يجوز، يجب على أهل العلم أن ينظروا في الأدلة الشرعية، أما العامي فيسأل أهل العلم، أما أهل العلم فعالمهم ينظر في الأدلة، وما رجح في الدليل وجب الأخذ به كما قال الله جلَّ وعلا: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [الشورى:10]، وقال سبحانه: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ [النساء:59].
س: ..............؟
ج: لا، ذكر الدليل أحسن حتى يستقرَّ في قلبه: قال الله كذا، قال الرسول كذا.
س: مَن رجع إلى المذهب وهو يعلم أنَّ الدليل يُخالفه؟
ج: يكون غَلِطَ، ويُنصح، ويخشى عليه: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63]، هذا خطر، نسأل الله العافية.
س: ...........؟
ج: على كل حالٍ، يلزمه الرجوع إلى الحقِّ، ولا يجوز له التقليد، المقلد ما يعدّ من العلماء عند أهل السنة، يجب على مَن عرف الحقَّ أن يأخذ بالدليل، الحق هو واجب الاتباع: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]، ويقول جلَّ وعلا: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم.
س: العوام ما يُعطون الراجح؟
ج: المعلم يُعلِّمهم الراجح حتى يُقام عليهم الدليل، ولا يُعطيهم خلافه؛ حتى يستقيموا، الأحسن للعامَّة الراجح فقط.
الشيخ: هذا مذهب الإمام الفلاني، يعني ما قاله بدليلٍ، مُعتقدًا به، قيل مذهبه، والمقلد ما له مذهب، هذا في المجتهد: كأحمد ومالك والأوزاعي والشافعي وغيرهم، مذهبه ما قاله مجتهدًا ومات عليه، يقال له: مذهبه بالدليل، والمذهب مصدر ذهب مذهبًا، يُطلق على الذَّهاب -موضع الذهاب- لكن المقصود هنا إذا قيل: مذهب فلان، يعني ما قاله عن اجتهادٍ مُعتقدًا به، لم يرجع عنه، يقال له: مذهبه.
وكذا ما أُجري مجرى قوله مَن فعلٍ أو إيماءٍ أو نحوه.
(وربما حذفت منه مسائل) جمع مسألة، من السؤال، وهي ما يُبرهن عنه في العلم، (نادرة) أي قليلة (الوقوع)؛ لعدم شدة الحاجة إليها، (وزدت) على ما قال في "المقنع" من الفوائد (ما على مثله يعتمد) أي: يعول عليه لمُوافقته الصحيح، (إذ الهمم قد قصرت) تعليل لاختصاره "المقنع"، والهمم جمع همة بفتح الهاء وكسرها، يقال: هممتُ بالشيء: إذا أردته. (والأسباب) جمع سببٍ، وهو ما يتصل به إلى المقصود (المثبطة) أي الشاغلة (عن نيل) أي إدراك (المراد) أي المقصود (قد كثرت).
الشيخ: هذا تعليل لما فعله؛ أنه اعتنى بمسائل مهمة، وهذه المسائل نادرة الوقوع؛ حرصًا على نفع الطالب، حرصًا على نفع الطالب؛ لأنَّ الهمم قد قصرت، والأسباب المثبطة عن نيل المراد قد كثرت؛ فلهذا اعتنى ....... المسائل المهمة، وحذف المسائل التي لا أهمية لها؛ حرصًا على نفع الطالب، وعلى إفادة الطالب، فالمسائل النادرة حذفها، وأتى بأشياء مهمة تنفع الطالب؛ لكثرة وجودها ووقوعها بين الناس.
الشيخ: كما قال أنسٌ عن النبيِّ ﷺ: بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ، والله المستعان؛ ولهذا كلما تقدم الزمانُ اشتدت الغربةُ في العموم -في عموم الأرض- ولكن قد تكون في بعض الجهات حالة أحسن من حالة، فيكون غريبًا في المغرب مثلًا، وليس غريبًا في مصر، أو العكس، قد يكون غريبًا في المحل الفلاني، وليس غريبًا في المحل الفلاني، كما وقع في عهد الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله بعدما انتشر الحقُّ وانتشر الدين صار ليس غريبًا هنا، وإن كان غريبًا في بلدانٍ أخرى، وهكذا كان واضحًا في المدينة، وفي مكة في زمن السلف، وغريبا في البلدان الأخرى، فالغرابة تختلف، فإذا ظهر الإسلام في بلدٍ وكثر فيها العلماء لم يكن غريبًا، ويكون غريبًا في البلاد الأخرى التي قلَّ فيها العلماء، وقلَّ فيها الدُّعاة إلى الحق، والله المستعان.
س: في الصحيح: لا يأتي عليكم زمانٌ إلا والذي بعده شرٌّ منه؟
ج: هذا رواه البخاري من حديث أنسٍ.
الشيخ: صدق، كتاب مختصر مفيد جمع مسائل كثيرة، مَن تأمله وحفظه يعرف هذا، وأنه جمع مسائل كثيرة تُعين الطالب على مُراجعة الأدلة ومُراجعة كلام أهل العلم فيها حتى يتبين له الصواب بالدليل.
الشيخ: هذه كلمة عظيمة، "لا حول ولا قوة إلا بالله" كلمة عظيمة، قال فيها النبيُّ ﷺ: إنها كنزٌ من كنوز الجنة، قال لأبي موسى: ألا أدلك على كنزٍ من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله، فينبغي الإكثار منها، يعني: لا تحول من حالٍ إلى حالٍ ولا قوة على ذلك إلا بالله وحده ، ومن ذلك: التَّحول من المعصية إلى الطاعة، والتحول من الجهل إلى العلم، كله بالله.
الشيخ: نعم جامع من هذا وغيره.
الشيخ: وهذه كلمة عظيمة أيضًا، "حسبنا الله ونعم الوكيل" قالها إبراهيم حين أُلقي في النار، وقالها محمد ﷺ لما أجمع الكفرةُ له: "حسبنا ونعم الوكيل"، فهي كلمة عظيمة، ويُروى عنه ﷺ أنه قال: إذا وقعتم في الأمر الجليل فقولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل، فالمقصود أنها كلمة ينبغي الإكثار منها، الكافي هو الله، ونعم الوكيل الله .
س: الأثر هنا: إذا وقعتم في الأمر؟
ج: لكن في سنده مقال، ما أعرف له سندًا جيدًا، لكن يقال: يُروى بطريقة التَّمريض، الجليل يعني: العظيم ....... يتعب ويشق.
(ونعم الوكيل) إما معطوف على الأول وهو (حسبنا) والمخصوص محذوف، أو على (حسبنا) والمخصوص هو الضمير المُتقدم.
* * *
[كتاب الطَّهارة]
(كتاب) هو من المصادر السيالة، أي التي توجد شيئًا فشيئًا، يقال: كتب كتابًا وكتبًا وكتابةً، وسُمِّي المكتوب به مجازًا، ومعناه لغةً: الجمع، من تكتب بنو فلان: إذا اجتمعوا، ومنه قيل لجماعة الخيل: كتيبة. والكتابة بالقلم لاجتماع الكلمات والحروف، والمراد به هنا المكتوب، أي هذا مكتوب جامع لمسائل (الطَّهارة) مما يُوجبها ويتطهر به ونحو ذلك.
الشيخ: يقول المؤلفُ رحمه الله: كتاب الطهارة، والكتاب -مثلما تقدم قول الشارح- من المصادر السيالة التي تقع شيئًا بعد شيءٍ، وأصل الكتابة التَّجمع، "تكتب قوم" إذا تجمَّعوا، "كتيبة الخيل" جماعة الخيل، سُمي الكتاب كتابًا لأنه يجمع كلمات وحروف، وهكذا الرسالة تُسمَّى: كتابًا؛ لأنها تجمع، وسمَّى العلماء كتبًا ما يجمعونه بمعنى معين، يُسمَّى: كتاب في الطهارة، في الصلاة، في الجنائز، في الزكاة، في أي شيء يُسمونه: كتابًا؛ لأنه شيء يجمع كلمات وحروف.
الشيخ: وهذا هو المشروع؛ ولهذا بدأ بها؛ لأنَّ الطهارة شرط الصلاة، والصلاة هي عمود الإسلام، وهي أعظم الواجبات بعد الشهادتين، وجرت عادة كثير من الناس أن يخصُّوا العقيدة بكتبٍ خاصةٍ، ما يتعلق بالشهادتين لها كتب خاصة؛ ولهذا يبدؤون بالطهارة، بالصلاة؛ لأنَّ كتب العقيدة معروفة موجودة، وبعضهم يجمع بين الأمرين، يذكر، يبدأ بالعقيدة، ثم الصلاة، كما فعل البخاري ومسلم وغيرهما؛ بدؤوا بأحاديث الإيمان والتوحيد، ثم ذكروا الصلاة بعد ذلك، وهنا أكثر الفقهاء جروا على مسألة مَن سلك فصل العقيدة في كتب خاصةٍ، وبدؤوا بالطهارة فقط، والطهارة معروف شأنها؛ لأنها مفتاح الصلاة وشرطها؛ فلهذا قُدمت في الكتابة على أحكام الصلاة.
الشيخ: يُقال: طهر يطهر طهارة بضم الهاء، ينظف نظافةً، ويقال: طهر يطهر بالفتح، كحكم يحكم، والأمر في هذا بعضهم ذكر فتح الهاء فيهما وضمّها: طهَر وطهُر في الحالين، وهي النظافة والنزاهة، هذا ثوب طاهر، نزيه، طهر من كذا، تنزه من كذا، والمراد هنا كما يأتي الطَّهارة من الأحداث والأخباث.
الشيخ: هذه الطهارة، ارتفاع الحدث يقال له: طهارة، وما في معناه يُسمَّى: طهارة، كتطهير الميت، وغسل الجنازة، وكذلك ما يحصل من غسل الجنب، والوضوء من الريح، كله يُسمَّى: طهارة، كله في معنى الحدث، بمعنى الطَّهارة من النَّجاسات، والطهارة من النجاسة الحسية: إزالة النجاسة، والطهارة من المعاني معنوية، وهي التطهر من الأحداث: من بول، أو غائط، أو ريح، وجنابة، ونحو ذلك، وهكذا ما يلحق بذلك يُسمَّى: طهارة.
س: ............؟
ج: الصواب في التيمم أنه رافعٌ على الصحيح.
س: ...........؟
ج: يُسمَّى طهارة أيضًا، وهو لمعنى أراده الله ...... به الميت.
س: ............؟
ج: ما هو بلازم، سنة، لكن يُسمَّى: طهارة، مثلما يُسمَّى غسل اليدين عند الاستيقاظ من النوم، يُسمَّى: طهارة، كذلك الغسل عن تجديدٍ، ما هو عن حدثٍ، إذا تجدد -جدد وضوءه- على طهارةٍ، وتُسمَّى: طهارة، وإن كان تجديدًا.
س: جعل التيمم من جنس الماء؟
ج: التيمم طهارة على الصحيح ....... الاستجمار، والصواب أنه يطهر أيضًا حتى الاستجمار، التيمم يطهر، والاستجمار يطهر؛ ولهذا قال في العظم والروث: فإنهما لا يطهران، فالطهارة تكون بالماء، وتكون بالتيمم، وتكون بالاستجمار؛ فضلًا من الله، ورحمةً من الله .
الشيخ: يقال لها: طهارة، ويقال للحاصل: طهارة.
س: ............؟
ج: جاء في قصة قباء، ولكن في سنده بعض المقال، الجمع بينهما، نعم.
(المياه) باعتبار ما تتنوع إليه في الشرع (ثلاثة):
أحدها: (طهور) أي مطهر. قال ثعلب: طهور -بفتح الطاء- الطاهر في ذاته، المُطهر لغيره.اهـ، قال تعالى: وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ [الأنفال:11].
الشيخ: وقال سبحانه: وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا [الفرقان:48]، فالطهور: الطاهر في نفسه، المطهر غيره.
الشيخ: والطاهر يقال لمن ليس محدثًا ولا نجسًا، يقال له: طاهر، إن كان على وضوءٍ وغسلٍ يقال: طاهر، كذلك مَن سلم من النَّجاسات يقال: طاهر.
س: ............؟
ج: الصواب أنه طاهر ما يضرُّه، لكن حكه إذا كان يابسًا، وغسله إذا كان رطبًا، هو السنة.
(ولا يُزيل النَّجس الطارئ) على محلٍّ طاهرٍ، فهو النَّجاسة الحكمية.
(غيره) أي غير الماء الطهور، والتيمم مبيح لا رافع، وكذا الاستجمار.
الشيخ: هذا قول لبعض العلماء، والصواب أنه مطهر، التيمم يرفع الحدث كما قال ﷺ: الصعيد وضوء المسلم، وقال ﷺ: وجُعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، سمَّاها: طهورًا، فإذا فقد الماء وعجز عنه وتيمم حصل له الطهور؛ ولهذا لو تيمم للعصر صلَّى به المغرب على الصحيح، أو تيمم ليقرأ من المصحف صلَّى بذلك، هذا هو الصواب، التيمم كالماء عند عدمه، أو العجز عنه.
وهكذا الاستجمار: إذا استجمر كما ينبغي الاستجمار الشرعي حصلت به الطهارة؛ لأنه ﷺ نهى أن يستجمر بعظمٍ أو روثٍ، وقال: إنهما لا يُطهران، دلَّ على أن الاستجمار بغيرهما يُطهر.
س: ..........؟
ج: ما يضرُّ.
س: طهارة؟
ج: إذا استجمر الاستجمار الشرعي ما يضرُّ، مما عفا الله عنه.
س: لو تيمم ووجد الماء أثناء الصلاة؟
ج: الأحوط أنه يقطعها، إذا كان نزل المطرُ وهو يُصلي، أو جاء واحد بماءٍ، راح يأتي بماءٍ وجاء وقد كبَّر، جاء بالقرب يقطعها، هذا هو الأحوط.
س: ............؟
ج: يُزيلها الماء.
س: مَن استجمر ثم وجد ماءً؟
ج: يكفي، ولو مع وجود الماء.
س: بعض مغاسل الثياب يغسلون الثياب بالبخار؟
ج: ما يظهر لي إلا لا بدَّ من الماء، لا بدّ من الماء في تطهير النَّجاسة من الثياب ونحوها.
س: البخار ماء.
ج: ما أعرف في هذا شيئًا، ما أعرف إلا الماء الذي يغسل ويعصر.
الشيخ: هذا هو الطهور الباقي على خلقته، مثل: مياه الأنهار، ومياه البحار، وأشباهها، والآبار، ولو تغير بشيءٍ لا يمازج: كأوراق الشجر، والطحلب، والغبار، والتراب، ما يضرُّه، هو باقٍ على خلقته.
الشيخ: المخالط الذي لا يُغيِّر لا يضرُّ، إذا خالط الماء شيء لا يُغيره يبقى له اسم الماء، يكون طهورًا، أما إذا كان يُغيره مثل: الشاي، حطوا فيه الشاي، أو حطوا فيه لحمًا حتى صار مرقًا، أو لبنًا؛ زال اسمه، ما عاد يبقى طهورًا، يبقى طاهرًا بلا طهورٍ، إذا تغيَّر اسمه بعدما كان ماءً صار مرقًا أو شايًا أو قهوةً أو لبنًا أو نحو ذلك زال حكمه، أما إذا بقي على حاله: سقط فيه شيء من الورق أو غيره، أو أشياء من التي تبقى في الماء لكن لا تُغير شيئًا، يبقى اسمه، يبقى حاله، فلا تضرُّه.
س: في هذا العصر بعض السّخانات تُغير الماء وتجعله يخرج بنيًّا؟
ج: ما يضر ...... ما يغير اسم الماء.
س: الفرق بين الملح المائي والمعدني؟
ج: المعدني يُخرجه عن كونه ماءً، يصير ملحًا.
س: ...........؟
ج: ما يضرُّ ذلك ولو تغير.
س: قول شيخ الإسلام أنه لا فرق بين الملح المائي والمعدني، كلاهما سواء في عدم التأثير؟
ج: المعدني يُغير لونه، ويُغير طعمه جميعًا، والمائي قد يتغير الطعم، لكن يبقى الماء على حاله، وإلا قد تكون فيه ملوحة، لكن اسم الماء وصورة الماء باقية.
الشيخ: كل ماء سالم ولو بجواره مقبرة، ولو بجواره ميتة يخرج ريحها ما يضرُّه، هو على طهوريته، ولو سخن بالنَّجس على الصحيح إذا كان مفصولًا، ولو سخن به الصواب أنه لا يكره إذا كان مفصولًا، أما إذا كان ما هو بمفصولٍ؛ لأنه قد تعلق أشياء من البخار الذي يصدر مع النَّجاسة فيتصل بالماء، فينبغي أن يُصان حتى يحتاط لدينه.
س: .............؟
ج: هذا مثل النَّعل والثوب، يُطهره ما بعده، خاص به نعم؛ لأنها تحتاج إلى جرِّ ثوبها، والإنسان يحتاج إلى نعليه، فإذا مسح ما فيها ودلك ما فيها زال حكمه.
الشيخ: يعني يُكره استعمال ماء زمزم في الخبث، كونه يُزيل به النَّجاسة يُكره؛ لأنه ماء شريف، لكن كونه يتوضأ به، كونه يغتسل لا بأس، يغتسل من الجنابة، أو للتبرد، أو للجمعة، أو يتوضأ به لا بأس، أما كونه يستنجي به، أو يغسل النَّجاسة يُكره، وهذا فيه نظر، والصواب أنه لا يُكره حتى ولو استنجى به، ولو غسل به النَّجاسة؛ لأنه ماء من أعظم المياه، ماء شريف، شرفه لا يمنع أن يُستنجى به، ولا يمنع أن تُغسل به النَّجاسة: كالماء الذي نبع بين أصابعه ﷺ، الماء الذي نبع بين أصابعه ماء شريف، ومع هذا توضأ به الناس، واستنجى به الناس، وغسلوا به ثيابهم، وحملوه في أوعيتهم، مثلما استنبط صاحبُ "المنتقى" رحمه الله وغيره؛ ولعموم: إنَّ الماء طهور عام، يعمّ زمزم وغير زمزم، ويعمّ الماء الذي بين أصابعه وغيره.
س: لا يُكره استعمال زمزم في حدثٍ أكبر أو أصغر؟
ج: الصواب لا يُكره ..... ما كره النبي الوضوء والغسل، إنما الكراهة في استعماله في إزالة النَّجاسة، والصواب أنه لا يُكره .....
س: وماء بئر بمقبرة؟
ج: لا يُكره، لا يضرُّ.
س: ..........؟
ج: نعم، حتى في دورات المياه.
س: .........؟
ج: .........
الشيخ: كونه ما يتغير بمكثه يصير غامقًا في البراري، يتغير بمكثه، ما يضرُّ، هو طهور ولو تغير بمكثه.
الشيخ: كل شيء يُغيره حتى يكون ما عاد اسمه: ماء، يسلب منه الطّهورية، حتى يكون لبنًا أو مرقًا أو قهوةً، ما عاد صار ماء.
س: لكن قوله: فإن وُضع قصدًا؟
ج: يعني سلبه وغيَّره.
س: لا، ما سلبه، وضع طحلب؟
ج: كذلك ما يضرُّ، ورق حشيش أو غيره، وبقي على حاله ما يضرُّ، بقي له اسم الماء، أو وقع فيه ريش أو ما أشبهه.
س: الشارح يُفرق بين ما وُضع قصدًا وما لم يُوضع قصدًا، يقول: ما وُضع قصدًا سلبه الطّهورية؟
ج: ولو، الصواب لا يسلبه الطهورية ما دام اسم الماء باقٍ.
س: حتى لو تغير لونه؟
ج: إذا كان اسم الماء باقٍ لم يتغير، ما يصير شيئًا آخر، فهو ماء.
س: .............؟
ج: قد لا يبالى بهم إلا إذا كانوا من أهل العلم والبصيرة .......
س: مَن قال أنَّ الماء المقروء فيه إذا اغتسل به إنسانٌ ينبغي أن يُجمع في إناءٍ ولا يُلقى في الدورات، يُلقى في الحدائق ونحوها؟
ج: ما له أصل، يغتسل في الحمام والحمد لله، هو ما تغير.
(أو) تغير (بمُجاورة ميتة) أي بريح ميتة إلى جانبه، فلا يُكره. قال في "المبدع": بغير خلاف نعلمه.
(أو سُخن بالشمس أو بطاهرٍ) مباح ولم يشتد حرُّه (لم يُكره)؛ لأنَّ الصحابة دخلوا الحمام ورخَّصوا فيه، ذكره في "المبدع". ومَن كره الحمام، فعلة الكراهة خوف مشاهدة العورة، أو قصد التنعم بدخوله، لا كون الماء مُسخنًا.
الشيخ: كونه مسخنًا لا بأس، إنما المنهي عنه الحذر من انكشاف العورات، أو كونه حارًّا يمنع من المبالغة في الوضوء أو الغسل، يكون وسطًا لا يُؤذي، ويتمكن الإنسان من الإسباغ.
الشيخ: صحّ، إذا اشتدَّ حره كره؛ لأنه لا يتمكن مع ذلك من إسباغ الوضوء.
س: الماء إذا تغير ريحه بمجاورة الميتة؟
ج: ريحه ما يضرُّ، الريح الذي يأتيه لا يضرُّه، إذا كان ما فيه نجاسة ما يضره، الريح من الخارج ما يضرُّه.
س: ما يقول: إذا لم يتغير طعمه أو لونه أو ريحه؟
ج: بشيء داخل فيه، ما هو بخارجٍ، بشيءٍ ساقطٍ فيه.
س: المُجاور ما له تأثير؟
ج: خارج عنه، إلا إذا سقطت فيه ميتة: شاة، قط، أو غيره، أما الشيء الذي من بعيدٍ ما يُغيره.
س: إذا انتقلت الرائحة إليها؟
ج: اللهم اهدنا، ما يضرُّه، جزاك الله خيرًا.
الشيخ: وهذا باقٍ على طهوريته، لكن كره مَن كره لأجل الخروج من الخلاف، استعمل في طهارةٍ مستحبَّةٍ، والغسلة الثانية والثالثة في الوضوء والغسل، هذا الماء طهور، الصواب أنه طهور، فلو اغتسل به أو غسل به ثيابه فلا بأس.
فإن لم تكن الطّهارة مشروعة كالتَّبرد لم يُكره.
الشيخ: أما إذا كان يتروش به للتَّبرد أو غسل يديه للنظافة من غير شيءٍ لم يُكره.
(وإن بلغ) الماء (قلتين) تثنية قلَّة، وهي اسم لكل ما ارتفع وعلا، والمراد هنا: الجرة الكبيرة من قلال هجر، وهي قرية كانت قرب المدينة. (وهو الكثير) اصطلاحًا، (وهما) أي القلتان (خمسمئة رطل) بكسر الراء وفتحها (عراقي تقريبًا) فلا يضرّ نقص يسير كرطل ورطلين، وهما أربعمئة وستة وأربعون رطلًا وثلاثة أسباع رطل مصري، ومئة وسبعة وسُبْع رطل دمشقي، وتسعة وثمانون وسُبْعا رطلٍ حلبي، وثمانون رطلًا وسبعان ونصف سبعٍ رطل قدسي وما وافقه.
فالرطل العراقي تسعون مثقالًا: سبع القدسي وثمن سبعه، وسبع الحلبي وربع سبعه، وسبع الدمشقي ونصف سبعه، ونصف المصري وربعه وسبعه.
(فخالطته نجاسة) قليلة أو كثيرة (غير بول آدمي أو عذرته المائعة) أو الجامدة إذا ذابت (فلم تُغيره) فطهور؛ لقوله ﷺ: إذا بلغ الماءُ قُلَّتين لم يُنجسه شيء، وفي روايةٍ: لم يحمل الخبث رواه أحمد وغيره، قال الحاكم: على شرط الشيخين، وصحَّحه الطحاوي.
الشيخ: إذا بلغ الماء قلَّتين لم يحمل الخبث يعني لم ينجس إذا وقع فيه شيء إلا أن يتغير؛ لقوله ﷺ: إذا كان الماء قلَّتين لم يحمل الخبث أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن من حديث ابن عمر، وهو حديث صحيح، وذهب إليه جماعة، وأن ما كان دون القلتين ينجس بالملاقاة، وأما إذا بلغ قلَّتين فإنه لا ينجس إلا بالتغير، وهذا قول جماعةٍ من أهل العلم.
والقلة مثلما بيَّن المؤلفُ خمسمئة رطل عراقي بالتقريب، والأقرب أنها هي الشيء الذي قدر ما يقله الإنسان القوي المتوسط، هذه قربة قوية.
وقال بعضُهم: قلال هجر تسع، قربتين وشيئًا، كل واحدة تصير خمس قرب إلا شيئًا قليلًا، ومقدارها بالوزن خمسمئة رطلٍ عراقي تقريبًا.
ولكن الصواب في هذا ما دلَّت عليه الأحاديث الصحيحة: إن الماء طهور لا يُنجسه شيء ولو كان دون قلتين، إن الماء طهور لا يُنجسه شيء كما صحَّت به الأخبار عن النبي ﷺ، لكن إذا كان قلتين أو ما يقاربهما يحتاج إلى تأمل وعناية، فإنه قد يحمل الخبث إذا كان دون القلتين، قد تأتي به النجاسة فيحتاج إلى تثبت، ومفهوم ما دون القلتين لا حُجَّة فيه؛ لأنه يعارض المنطوق: إن الماء طهور لا ينجسه شيء، والمنطوق مُقدَّم على المفهوم، هذا هو الصواب.
فالأصل في الماء أنه طهور، سواء كان قلتين أو أقل من قلتين، هذا الأصل فيه، إلا إذا تغير بالنجاسة، لكن إذا كان قليلًا جدًّا تُؤثر فيه النَّجاسة؛ ولهذا أمر النبي ﷺ بإراقة الماء الذي ولغ فيه الكلب، قال: إذا ولغ الكلبُ في إناء أحدكم فليُرقه؛ لأنَّ الآنية الصغيرة في الغالب تتأثر بالنَّجاسة القليلة، أما إذا كثر ولو كان دون القلتين فلا ينجس إلا بالتغير، لكن يتثبت فيه المؤمن؛ لأنه قد يحمل الخبث.
فمعنى الحديث أنَّ ما دون القُلتين محل نظرٍ، ومحل اجتهادٍ، أما ما فوقهما في الغالب فإنه لا يحمل؛ لأنه طهور ولا يتغير، هذا هو الغالب على ما كان قلتين فأكثر؛ عدم التأثر، لكن لو تأثَّر وتغير بالنَّجاسة نجس بالإجماع -إجماع المسلمين- لو تغير لونه أو طعمه أو ريحه بنجاسةٍ نجس ولو كان عشر قلالٍ، لكن ما دام لم يتغير فالأصل فيه الطهارة وإن كان دون القلتين، إلا إذا كان يسيرًا جدًّا -كما الأواني الصغيرة- تقع فيه النَّجاسة، في صغير الأواني التي بين أيدي الناس، هذا الأولى إراقته كما قال ﷺ: إذا ولغ الكلبُ في إناء أحدكم فليُرقه من باب الحيطة وغلبة الظن أنه يُؤثر فيه.
الشيخ: هذا قول بعض أهل العلم، والصواب أنهما عامان، لكن ما دون القلتين يتثبت فيه.
س: استثناؤه في قوله "غير بول آدمي"؟
ج: يأتي البحثُ فيه.
س: يُحملان على ما دون القُلتين؟
ج: عامَّان، القلتان وما دونهما، هذا الأصل، وهو قول مالك وجماعة من أهل العلم، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة؛ أن الأصل أنَّ الماء طهور إلا إذا تغير.
س: اختيار المؤلف؟
ج: يُحمل المطلق على المقيد.
س: على ما فوق القُلتين؟
ج: نعم، على ما بلغ القلتين.
س: إذا تغيرت رائحته بمتغير .......؟
ج: هذا ما يضر، بالمجاورة ما يضر كما تقدم، تغير المجاورة ما يضر.
س: قوله: لوروده في بعض ألفاظ الحديث: إذا بلغ الماء قلتين من قلال هجر الزيادة هذه صحيحة؟
ج: لا أعرف حالها، لا أذكر حالها، والأقرب والله أعلم أنها قلتان مما يقله الرجل، يعني القلة التي يقلها الرجل، والمعروف يعني إشارة إلى كثرة الماء.
س: .............؟
ج: الله أعلم.
(أو خالطه البول أو العذرة) من آدمي (ويشق نزحه: كمصانع طريق مكة، فطهور) ما لم يتغير، قال في "الشرح": لا نعلم فيه خلافًا.
ومفهوم كلامه أن ما لا يشق نزحه ينجس ببول الآدمي أو عذرته المائعة أو الجامدة إذا ذابت فيه، ولو بلغ قلتين، وهو قول أكثر المتقدمين والمتوسطين.
قال في "المبدع": ينجس على المذهب وإن لم يتغير؛ لحديث أبي هريرة يرفعه: لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل منه متفق عليه. وروى الخلال بإسناده: أن عليًّا سئل عن صبي بال في بئر، فأمرهم بنزحها. وعنه أن البول والعذرة كسائر النجاسات، فلا ينجس بهما ما بلغ قلتين إلا بالتغير، قال في "التنقيح": اختاره أكثر المتأخرين، وهو أظهر. اهـ.
الشيخ: وهذا هو الصواب؛ أنه لا ينجس إلا بالتغير ولو بول أو غائط، هذا هو الصواب.
قول النبي ﷺ: لا يبولن أحدكم في الماء الدائم لا يلزم منه التنجيس، المقصود التأدب، وألا يُبال في الماء الدائم، ولا يلزم منه التنجيس، فلا ينجس إلا بالتغير، هذا هو الصواب، الصواب: إن كان بولًا أو غائطًا أو غير ذلك الأصل الطهارة: إن الماء طهور لا ينجسه شيء إلا إذا تغير فإنه ينجس بالإجماع، إذا تغير طعمه أو لونه أو ريحه نجس بالإجماع، سواء كان عذرةً أو بولًا أو غير ذلك، أما قول مَن قال: إنه لا ينجس إلا إذا صعب نزحه. هذا قول ضعيف.
س: ...........؟
ج: يُؤخذ وما حوله إلا إذا تغير، مثل: الفأرة وقعت في المائعات، يُؤخذ وما حوله ويُلقى، إلا إذا تغير.
س: في الحاشية يقول: "إذا كان الماء قلتين من قلال هجر" رواه الخطابي، إسناده إلى ابن جريج مرسلًا؟
ج: هو الظاهر، أقول: ما أتذكر حديثًا صحيحًا في قلال هجر، إنما مشهور حتى ولو عرف.
س: في بعض القرى سدود أكثر من قلتين، ولكنه متغير من كثرة الاستعمال؟
ج: لا ينجس إلا بالتغير بالنجاسة، وأما تغيره برياح أو بهواء أو بالأوراق ما يضره، ولا يجوز الاستنجاء فيه.
س: ...........؟
ج: لا بد أن يعلم أنها نجاسة، وإلا الأصل أنها طهارة.
س: ............؟
ج: لا ينجس إلا بالتغير على الصواب، إلا إذا كان قليلًا كالأواني فهذا يُراق.
الشيخ: كما أن بول الكلب لا ينجس إلا بالتغير، وبول الآدمي كذلك من باب أولى.
(ولا يرفع حدث رجل) وخنثى (طهور يسير) دون القلتين (خلت به) كخلوة نكاح (امرأة) مكلفة ولو كافرة (لطهارة كاملة عن حدث)؛ لنهي النبي ﷺ أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة. رواه أبو داود وغيره، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان. قال أحمد في رواية أبي طالب: أكثر أصحاب رسول الله ﷺ يقولون ذلك، وهو تعبدي.
وعلم مما تقدم أنه يزيل النجس مطلقًا، وأنه يرفع حدث المرأة والصبي، وأنه لا أثر لخلوتها بالتراب ولا بالماء الكثير ولا بالقليل إذا كان عندها مَن يشاهدها، أو كانت صغيرةً، أو لم تستعمله في طهارةٍ كاملةٍ، ولا لما خلت به لطهارة خبث، فإن لم يجد الرجل غير ما خلت به لطهارة الحدث استعمله ثم يتيمم.
الشيخ: هذا قول ضعيف، "ولا يرفع حدث رجل طهور خلت به امرأة" هذا قول ضعيف، والصواب أنه طهور، وأنه يرفع الأحداث ويزيل النجاسة، ولكن إذا تيسر غيره أفضل، وهكذا فضل الرجل؛ فقد ثبت عنه ﷺ أن يغتسل الرجل بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرجل، وليغترفا جميعًا، ولكن لا ينجس، ولا يكون طاهرًا، بل باقٍ على طهوريته، سواء خلت أو لم تخل به، وقد ثبت عنه ﷺ أنه اغتسل ببعض فضل نسائه، لكن الأفضل ترك الفضل إذا تيسر غيره؛ لما ثبت في الحديث الصحيح: أن النبي نهى أن يغتسل الرجلُ بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرجل، قال: وليغترفا جميعًا رواه أبو داود والنسائي بإسنادٍ صحيحٍ عن ...... النبي ﷺ.
وأما قول مَن قال: إنها إذا خلت به لا يرفع حدث الرجل. فهذا قول ضعيف لا أساس له من الصحة، وهو كغيره طهور يرفع الحدث ويُزيل الخبث من الرجل وغيره، ولكن يُكره للرجل أن يتوضأ بفضلها، كما يُكره لها أن تتوضأ بفضله أيضًا، وليغترفا جميعًا إذا كان الشيء يسيرًا.
س: كراهة تنزيه؟
ج: نعم؛ لأنَّ الرسول اغتسل بفضل ميمونة، فدلَّ ذلك على أنه ليس به بأس عند الحاجة إلى ذلك.
س: قوله: فإن لم يجد الرجلُ غير ما خلت به لطهارة الحدث استعمله ثم يتيمم؟
ج: هذا كله ضعيف، يستعمله ولا يتيمم، وهو طهور.
س: دليله؟
ج: النَّهي في بعض الروايات: نهى أن يغتسل الرجلُ بفضل المرأة، لكن إذا أخذوا بحديثٍ تركوا الحديث الآخر، الحديث الثاني: نهى رسول الله ﷺ أن يغتسل الرجلُ بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرجل أيضًا، كلاهما.
س: ............؟
ج: مثلما بيَّن؛ لكونه قولًا ضعيفًا، خلت به أو لو لم تخل به.
س: ............؟
ج: ما أعرف فيه صحة، رواه الخلال، والغالب على روايات الخلال وأشباهها الضعف، ولو ثبت عنه فالأحاديث الصحيحة خلافه.
س: قوله ....... وجوبًا؟
ج: هذا قول ضعيف، الصواب أنه طهور كافٍ ولو خلت، ولا حاجة إلى تيمم.