رسالة إلى الشيخ محمد بن إبراهيم حول قرار جمعية علماء الإسلام بباكستان

بسم الله الرحمن الرحيم[1]
من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز إلى حضرة الوالد المكرم الفاضل المقدم شيخنا الشيخ محمد بن الشيخ إبراهيم زاده الله من العلم واليقين، ونصر به شريعة سيد المرسلين آمين، سلام الله عليكم ورحمة الله وبركاته.
 أما بعد: فالموجب لتحريره هو إبلاغ الوالد[2] جزيل السلام والسؤال عن أحوالكم الكريمة جعلكم الله في حال خير واستقامة أحوال ابنكم ومن لديه بحمد الله تسركم، أوزع الجميع شكر نعمته آمين.
وغير ذلك كتابكم الكريم المؤرخ في 19 / 5 وصل في 23 / 5 وصلكم الله بحبل الرضا والتوفيق وما أشار إليه الوالد حول قرار جمعية علماء الإسلام بباكستان الموضح في الكتاب المرفق من خليل بن محمد الأنصاري كان معلوما، وقد تأملت ما تضمنه الكتاب المذكور، والذي يراه ابنكم حول الموضوع هو تلبية الدعوة؛ لعله يترتب على ذلك مصالح المسلمين وإن كان المسلمون في الحقيقة - كما لا يخفي - ليسوا في حاجة إلى أن يضع لهم أحد من الناس قانونًا؛ لأن الله جل وعلا قد وضع لهم قانونًا شافيًا على يد رسوله الكريم وهو ما دل عليه الكتاب والسُنَّة من الاحكام الخاصة والعامة، ولكن لعل تلبية الدعوة يترتب عليها لفتُ نظر جميع من ينتسب إلى الإسلام إلى أنه لا صلاح لهم ولا لغيرهم من الأفراد والجماعات في الدنيا والآخرة إلا بالاعتصام بكتاب الله وسُنَّة رسوله ﷺ والسير خلف تعاليمهما العادلة.
والذي أرى أن تلبية فضيلتكم الدعوة والأخ عبداللطيف أو الشيخ عمر أولى من الغير؛ لأني أحب أن يكون المجيب من ذرية الشيخ رحمه الله.
ولا بأس أن يضم مع غيره ممن يراه فضيلتكم، وعذر ابنكم عن الإجابة لا يخفى، ولكن إذا رأى فضيلتكم أن أكون عضوا في الإجابة فابنكم تحت الإشارة. 
وعلى كل حال فالنظر في هذه المهمة العظيمة لله سبحانه ثم لفضيلتكم. 
سددكم الله في القول والعمل، وجعل التوفيق حليفكم في جميع الحركات والسكنات، ونصر بكم الحق، وقمع بكم خلافه؛ إنه سميع قريب. 
هذا ما لزم والله يتولاكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأرجو التفضل بإبلاغ سلامي الأولاد، والأخوة، والشيخ عمر، وخواص المشايخ حفظ الله الجميع بالإسلام آمين حرر 25 / 5 / 1371هـ.
 

  1. الرسائل المتبادلة بين الشيخ ابن باز والعلماء (ص27)
  2. يعني بالوالد الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ 1311-1389هــ، وهذا دأبه في أكثر مكاتباته له؛ فقد كان أقرب مشايخه إلى قلبه، وأعظمهم أثرًا في نفسه، وكان الشيخ عبدالعزيز يجله، ويقدره، ولا يستطيع الحديث كثيرًا عنه؛ إذ يغلبه البكاء إذا أراد ذلك. وكان يقول عنه: ما رأت عيناي قبل أن يكف بصري، ولا سمعت أذناي بعد أن كف بصري مثله، وكان له فضل عليَّ كبير، وكان إذا أراد مكاتبته، يتأدب معه غاية الأدب، ويعرض عليه الموضوع بلطف، ويبدأه بالثناء عليه، وبختمه بالدعاء له. وكان يتعاون معه في المناصحات، وفض الخصومات، والقضاء على المنكرات. وكان سماحة الشيخ محمد محبًا لسماحة الشيخ عبدالعزيز، معترفًا بفضله وعلمه.وكان يثق بالشيخ عبدالعزيز، ويسند إليه كثيرًا من الأعمال، ويوجهه للنظر في بعض القضايا، ويستشيره ويأخذ برأيه في كثير من الشؤون. (م)