من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم الشيخ ع. م. وفقه الله للخير آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فنشفع لكم بهذا صورة الكتاب الوارد إلينا من سماحة الشيخ عبدالله بن محمد بن حميد رئيس مجلس القضاء الأعلى، المشفوع به صورة من الكتاب الموجه لسماحته من الأخ الشيخ: م. ن. المتضمن ذكر بعض الفتاوى المنسوبة إليكم؛ ولكون الفتاوى المشار إليها مخالفة للأدلة الشرعية، ولما عليه جماهير أهل العلم، رأينا الكتابة إليكم في ذلك مؤكدين عليكم في عدم العود إلى مثل هذه الفتاوى، وأن يكون عندكم من العناية بالأدلة الشرعية، والتثبت في الأمور، والتشاور مع إخوانكم من أهل العلم فيما قد يشتبه عليكم حتى لا تقدموا على الفتوى في المسائل الخلافية إلا بعد تثبت وروية واقتناع بصحة ما ظهر لكم بالأدلة الشرعية.
ولا يخفى على من لديه علم وبصيرة أن الأقوال الشاذة لا ينبغي لطالب العلم أن يعول عليها أو يفتي بها.
فمن المسائل المنسوبة إليكم: القول بسقوط القضاء والإطعام عن الحامل والمرضع، مع أنه لا قائل من أهل العلم بسقوط القضاء والإطعام عنهما سوى ابن حزم في المحلى، وقوله هذا شاذ مخالف للأدلة الشرعية ولجمهور أهل العلم، فلا يلتفت إليه ولا يعول عليه، مع العلم بأن أرجح الأقوال في ذلك وجوب القضاء عليهما من دون إطعام؛ لعموم الأدلة الشرعية في حق المريض والمسافر، وهما من جنسهما، ولحديث أنس بن مالك الكعبي في ذلك.
ومن المسائل المنسوبة إليكم: القول بإيجاب صلاة الجمعة والعيد على البادية والمسافرين والنساء، مع أن الأدلة الشرعية، وكلام أهل العلم واضحان في إسقاطها عنهم، سوى ابن حزم في المحلى، فقد ذكر وجوبها على المسافرين، وقوله هذا شاذ مخالف للأدلة الشرعية ولجمهور أهل العلم فلا يلتفت إليه.
ومن المسائل المنسوبة إليكم أيضا: سقوط الجمعة والظهر عمن حضر العيد فيما إذا وقع العيد يوم الجمعة، وهذا أيضا خطأ ظاهر؛ لأن الله سبحانه أوجب على عباده خمس صلوات في اليوم والليلة وأجمع المسلمون على ذلك، والخامسة في يوم الجمعة هي صلاة الجمعة.
ويوم العيد إذا وافق يوم الجمعة داخل في ذلك، ولو كانت صلاة الظهر تسقط عمن حضر صلاة العيد مع صلاة الجمعة لنبه النبي ﷺ على ذلك؛ لأن هذا مما يخفى على الناس، فلما رخص في ترك الجمعة لمن حضر صلاة العيد ولم يذكر سقوط صلاة الظهر عنه علم أنها باقية؛ عملا بالأصل واستصحابا للأدلة الشرعية والإجماع في وجوب خمس صلوات في اليوم والليلة، وكان ﷺ يقيم صلاة الجمعة يوم العيد كما جاءت بذلك الأحاديث، ومنها: ما خرجه مسلم في صحيحه عن النعمان بن بشير أن النبي ﷺ كان يقرأ في الجمعة والعيد بسبح والغاشية، وربما اجتمعا في يوم فقرأ بهما فيهما جميعًا.
أما ما روي عن ابن الزبير أنه صلى العيد ولم يخرج للناس بعد ذلك لصلاة الجمعة ولا لصلاة الظهر فهو محمول على أنه قدم صلاة الجمعة واكتفى بها عن العيد والظهر، أو على أنه اعتقد أن الإمام في ذلك اليوم كغيره لا يلزمه الخروج لأداء صلاة الجمعة، بل كل يصلي في بيته الظهر. وعلى كل تقدير فالأدلة الشرعية العامة والأصول المتبعة والإجماع القائم على وجوب صلاة الظهر على من لم يصل الجمعة من المكلفين كل ذلك مقدم على ما فعله ابن الزبير لو اتضح من عمله أنه يرى إسقاط الجمعة والظهر عمن حضر العيد.
وإن بقي لكم إشكال في ذلك فلا مانع من زيارتنا في الطائف، أو المكاتبة في ذلك مع بيان وجه الإشكال حتى نوضح لكم إن شاء الله ما يلزم.
ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم وسائر إخواننا للفقه في دينه والثبات عليه، وأن يجعلنا جميعًا من الهداة المهتدين، إنه جواد كريم، والجواب منكم بالالتزام بما ذكر منتظر[1].
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فنشفع لكم بهذا صورة الكتاب الوارد إلينا من سماحة الشيخ عبدالله بن محمد بن حميد رئيس مجلس القضاء الأعلى، المشفوع به صورة من الكتاب الموجه لسماحته من الأخ الشيخ: م. ن. المتضمن ذكر بعض الفتاوى المنسوبة إليكم؛ ولكون الفتاوى المشار إليها مخالفة للأدلة الشرعية، ولما عليه جماهير أهل العلم، رأينا الكتابة إليكم في ذلك مؤكدين عليكم في عدم العود إلى مثل هذه الفتاوى، وأن يكون عندكم من العناية بالأدلة الشرعية، والتثبت في الأمور، والتشاور مع إخوانكم من أهل العلم فيما قد يشتبه عليكم حتى لا تقدموا على الفتوى في المسائل الخلافية إلا بعد تثبت وروية واقتناع بصحة ما ظهر لكم بالأدلة الشرعية.
ولا يخفى على من لديه علم وبصيرة أن الأقوال الشاذة لا ينبغي لطالب العلم أن يعول عليها أو يفتي بها.
فمن المسائل المنسوبة إليكم: القول بسقوط القضاء والإطعام عن الحامل والمرضع، مع أنه لا قائل من أهل العلم بسقوط القضاء والإطعام عنهما سوى ابن حزم في المحلى، وقوله هذا شاذ مخالف للأدلة الشرعية ولجمهور أهل العلم، فلا يلتفت إليه ولا يعول عليه، مع العلم بأن أرجح الأقوال في ذلك وجوب القضاء عليهما من دون إطعام؛ لعموم الأدلة الشرعية في حق المريض والمسافر، وهما من جنسهما، ولحديث أنس بن مالك الكعبي في ذلك.
ومن المسائل المنسوبة إليكم: القول بإيجاب صلاة الجمعة والعيد على البادية والمسافرين والنساء، مع أن الأدلة الشرعية، وكلام أهل العلم واضحان في إسقاطها عنهم، سوى ابن حزم في المحلى، فقد ذكر وجوبها على المسافرين، وقوله هذا شاذ مخالف للأدلة الشرعية ولجمهور أهل العلم فلا يلتفت إليه.
ومن المسائل المنسوبة إليكم أيضا: سقوط الجمعة والظهر عمن حضر العيد فيما إذا وقع العيد يوم الجمعة، وهذا أيضا خطأ ظاهر؛ لأن الله سبحانه أوجب على عباده خمس صلوات في اليوم والليلة وأجمع المسلمون على ذلك، والخامسة في يوم الجمعة هي صلاة الجمعة.
ويوم العيد إذا وافق يوم الجمعة داخل في ذلك، ولو كانت صلاة الظهر تسقط عمن حضر صلاة العيد مع صلاة الجمعة لنبه النبي ﷺ على ذلك؛ لأن هذا مما يخفى على الناس، فلما رخص في ترك الجمعة لمن حضر صلاة العيد ولم يذكر سقوط صلاة الظهر عنه علم أنها باقية؛ عملا بالأصل واستصحابا للأدلة الشرعية والإجماع في وجوب خمس صلوات في اليوم والليلة، وكان ﷺ يقيم صلاة الجمعة يوم العيد كما جاءت بذلك الأحاديث، ومنها: ما خرجه مسلم في صحيحه عن النعمان بن بشير أن النبي ﷺ كان يقرأ في الجمعة والعيد بسبح والغاشية، وربما اجتمعا في يوم فقرأ بهما فيهما جميعًا.
أما ما روي عن ابن الزبير أنه صلى العيد ولم يخرج للناس بعد ذلك لصلاة الجمعة ولا لصلاة الظهر فهو محمول على أنه قدم صلاة الجمعة واكتفى بها عن العيد والظهر، أو على أنه اعتقد أن الإمام في ذلك اليوم كغيره لا يلزمه الخروج لأداء صلاة الجمعة، بل كل يصلي في بيته الظهر. وعلى كل تقدير فالأدلة الشرعية العامة والأصول المتبعة والإجماع القائم على وجوب صلاة الظهر على من لم يصل الجمعة من المكلفين كل ذلك مقدم على ما فعله ابن الزبير لو اتضح من عمله أنه يرى إسقاط الجمعة والظهر عمن حضر العيد.
وإن بقي لكم إشكال في ذلك فلا مانع من زيارتنا في الطائف، أو المكاتبة في ذلك مع بيان وجه الإشكال حتى نوضح لكم إن شاء الله ما يلزم.
ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم وسائر إخواننا للفقه في دينه والثبات عليه، وأن يجعلنا جميعًا من الهداة المهتدين، إنه جواد كريم، والجواب منكم بالالتزام بما ذكر منتظر[1].
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الرئيس العام لإدارات البحوث
العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
- جواب صدر من مكتب سماحته برقم 1308/ 1/ خ وتاريخ 28/7/ 1397هـ. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 30/ 260).