من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم صاحب الفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين وفقه الله لما فيه رضاه آمين.
سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
فأشفع لفضيلتكم نسخة من المعاملة الواردة إلي من فضيلة رئيس محاكم المنطقة الشرقية المساعد حول إفتائكم للزوج ر. ع. بجواز رجوعه إلى زوجته بعقد جديد إلخ، بعد طلاقه لها طلقة واحدة وهي حامل ثم بعد أيام طلقها بقوله: (هي طالق هي طالق هي طالق) وقصده إيقاع الثلاث. وقد حكم ببينونتها فضيلة الشيخ القاضي بالمحكمة الكبرى بالدمام.
والذي أرى أن هذه الفتوى غلط وخلاف الصواب فالواجب عليكم الرجوع عنها لأمور منها:
أولًا: أن الزوج قد طلقها طلقة واحدة ثم أتبعها بإكمال الثلاث بعد أيام.
ثانيًا: إجماع أهل العلم على أن الرجعية يلحقها طلاق الزوج. كما ذكر ذلك صاحب المغني.
ثالثًا: أن الأدلة الشرعية تقتضي ذلك؛ لقول الله : الطَّلاقُ مَرَّتَانِ ثم قال سبحانه بعد ذلك: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ الآية ومعلوم أن من قال لغيره: السلام عليكم، السلام عليكم، فقد كلمه مرتين، ومن قال ذلك ثلاثًا فقد استأذن ثلاثًا. وهكذا من قال لزوجته: (هي طالق، هي طالق، هي طالق) أو قال: (تراكِ طالق، تراكِ طالق، تراكِ طالق) فقد طلقها ثلاثًا ما لم ينو تأكيدًا أو إفهامًا.
وإنما الخلاف فيما إذا قال الزوج: (أنتِ طالق بالثلاث) أو (هي طالق بالثلاث) ولم يكرر ذلك. فالجمهور على وقوع الطلاق كما لا يخفى والراجح أنه لا يقع بذلك إلا واحدة؛ لحديث ابن عباس الصحيح المشهور، وأما اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية لعدم وقوع الطلاق على الرجعية إلا بعد عقد أو رجعة فقول ضعيف مخالف للأدلة الشرعية ولا أعلم له سندًا ولا سلفًا. وإن قدر أن أحدًا من التابعين أو غيرهم قال بقوله فهو قول غلط مخالف لما ذكرناه من الأدلة الشرعية كما لا يخفى، والحق ضالة المؤمن متى وجدها أخذها، ولا يخفى أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كغيره من أهل العلم يخطئ ويصيب فيؤخذ من قوله ما وافق الحق كغيره.
وقد بسط ابن القيم رحمه الله الكلام في هذه المسألة في (إعلام الموقعين صفحة 38 وما بعده من المجلد الثالث من الطبعة ذات الأجزاء الأربعة) وأوضح في ذلك الفرق بين إيقاع الثلاث بكلمة واحدة وبين إيقاعه بكلمات، واستدل على ذلك بآية الاستئذان وآية اللعان وأحاديث التسبيح بعد الصلوات الخمس وعند النوم، فيحسن مراجعة كلامه لعظيم الفائدة.
فأرجو العناية بالموضوع وإبلاغ فضيلة الشيخ القاضي بالمحكمة الكبرى بالدمام برجوعكم عن الفتوى إيثارًا للحق ووقوفًا مع الأدلة الشرعية. سدد الله خطاكم ومنحنا وإياكم وسائر إخواننا إصابة الحق في القول والعمل إنه سميع قريب[1].
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
فأشفع لفضيلتكم نسخة من المعاملة الواردة إلي من فضيلة رئيس محاكم المنطقة الشرقية المساعد حول إفتائكم للزوج ر. ع. بجواز رجوعه إلى زوجته بعقد جديد إلخ، بعد طلاقه لها طلقة واحدة وهي حامل ثم بعد أيام طلقها بقوله: (هي طالق هي طالق هي طالق) وقصده إيقاع الثلاث. وقد حكم ببينونتها فضيلة الشيخ القاضي بالمحكمة الكبرى بالدمام.
والذي أرى أن هذه الفتوى غلط وخلاف الصواب فالواجب عليكم الرجوع عنها لأمور منها:
أولًا: أن الزوج قد طلقها طلقة واحدة ثم أتبعها بإكمال الثلاث بعد أيام.
ثانيًا: إجماع أهل العلم على أن الرجعية يلحقها طلاق الزوج. كما ذكر ذلك صاحب المغني.
ثالثًا: أن الأدلة الشرعية تقتضي ذلك؛ لقول الله : الطَّلاقُ مَرَّتَانِ ثم قال سبحانه بعد ذلك: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ الآية ومعلوم أن من قال لغيره: السلام عليكم، السلام عليكم، فقد كلمه مرتين، ومن قال ذلك ثلاثًا فقد استأذن ثلاثًا. وهكذا من قال لزوجته: (هي طالق، هي طالق، هي طالق) أو قال: (تراكِ طالق، تراكِ طالق، تراكِ طالق) فقد طلقها ثلاثًا ما لم ينو تأكيدًا أو إفهامًا.
وإنما الخلاف فيما إذا قال الزوج: (أنتِ طالق بالثلاث) أو (هي طالق بالثلاث) ولم يكرر ذلك. فالجمهور على وقوع الطلاق كما لا يخفى والراجح أنه لا يقع بذلك إلا واحدة؛ لحديث ابن عباس الصحيح المشهور، وأما اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية لعدم وقوع الطلاق على الرجعية إلا بعد عقد أو رجعة فقول ضعيف مخالف للأدلة الشرعية ولا أعلم له سندًا ولا سلفًا. وإن قدر أن أحدًا من التابعين أو غيرهم قال بقوله فهو قول غلط مخالف لما ذكرناه من الأدلة الشرعية كما لا يخفى، والحق ضالة المؤمن متى وجدها أخذها، ولا يخفى أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كغيره من أهل العلم يخطئ ويصيب فيؤخذ من قوله ما وافق الحق كغيره.
وقد بسط ابن القيم رحمه الله الكلام في هذه المسألة في (إعلام الموقعين صفحة 38 وما بعده من المجلد الثالث من الطبعة ذات الأجزاء الأربعة) وأوضح في ذلك الفرق بين إيقاع الثلاث بكلمة واحدة وبين إيقاعه بكلمات، واستدل على ذلك بآية الاستئذان وآية اللعان وأحاديث التسبيح بعد الصلوات الخمس وعند النوم، فيحسن مراجعة كلامه لعظيم الفائدة.
فأرجو العناية بالموضوع وإبلاغ فضيلة الشيخ القاضي بالمحكمة الكبرى بالدمام برجوعكم عن الفتوى إيثارًا للحق ووقوفًا مع الأدلة الشرعية. سدد الله خطاكم ومنحنا وإياكم وسائر إخواننا إصابة الحق في القول والعمل إنه سميع قريب[1].
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مفتي عام المملكة العربية السعودية
ورئيس هيئة كبار العلماء
وإدارة البحوث العلمية والإفتاء
- (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 21/ 304).