بسم الله الرحمن الرحيم[1]
من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم فضيلة الشيخ عبدالله بن سعدي الغامدي زاده الله من العلم والإيمان وجعله مباركا أينما كان، آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بعده: يا محب وصلني كتابكم الكريم المؤرخ 20/12/1392هـ وصلكم الله بهداه، ونظمنا جميعا في سلك من خافه واتقاه، واطلعت على جميع ما أرفقتم به من النقول المتعلقة بإحياء الموات، كما اطلعت على فتوى سماحة شيخنا العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رضي الله عنه واتضح لي من الجميع أن الأرض الميتة إنما تملك بالإحياء لا بمجرد وضع اليد أو التحجير، كما اتضح من الجميع أن كل أرض تتعلق بمصلحة العامر كمرعى مواشيه، ومُحتطبه، ومساييله وأشباه ذلك لا تملك بالإحياء؛ لأن أهل العامر أحق بها؛ لكونها متعلقة بمصالحهم، ولكنهم لا يملكونها بذلك على الصحيح، بل يكون لهم فيها حق الاختصاص، فإذا استغنوا عنها صارت كبقية الموات، ولم أجد فيما نقلتم ما يدل على أن الموات الذي لم يجر عليه إحياء يجوز بيعه وشراؤه، كما أني لم أجد فيما نقلتم ما يدل على أنه يملك بدون إحياء، ولعله أشكل عليكم قول بعضهم: ما ملك بالشراء ثم صار مواتا لا يجوز إحياؤه إجماعا.
أما ما ملك بالإحياء ثم صار مواتا بإعراض صاحبه عنه ففي ملكه بالإحياء خلاف، وليس المراد من ذلك ما وقع في ذهنكم أن الموات يملك بالشراء أو أنه يجوز بيعه، وإنما المراد بذلك أن ما تم إحياؤه، ثم باعه المحيي، ثم ترك حتى صار مواتا فإن هذا لا يملك بالإحياء إجماعا، لأن مالكه قد ملكه بما دفع من المال بعدما أحياه البائع فلا يجوز إحياؤه، ولا تملكه بذلك؛ لأنه مملوك لمالك معين بما بذل من الثمن على الوجه الشرعي؛ فوجب أن يبقى في ملكه، وإن أعرض عنه حتى صار مواتا.
أما الذي ملك الموات بالإحياء، ثم أعرض عنه حتى صار مواتا فقد قال بعض أهل العلم: إنه يزول ملكه عنه بذلك؛ لكونه عاد كحاله الأولى، وهذا قول ضعيف، وأكثر العلماء على أنه باق في ملكه ولا يزول ملكه عنه بالإعراض والترك حتى صار مواتا.
وبهذا بتضح لكم معنى كلام أهل العلم في هذه المسألة، وإذا كان أشكل عليكم ذلك فأعيدوا النظر، وتأملوا يتضح لكم ذلك –إن شاء الله.
وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم وسائر إخواننا لما فيه رضاه، وأن يمنحنا جميعا الفقه في دينه، والثبات عليه والعافية من أسباب غضبه؛ إنه جواد كريم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بعده: يا محب وصلني كتابكم الكريم المؤرخ 20/12/1392هـ وصلكم الله بهداه، ونظمنا جميعا في سلك من خافه واتقاه، واطلعت على جميع ما أرفقتم به من النقول المتعلقة بإحياء الموات، كما اطلعت على فتوى سماحة شيخنا العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رضي الله عنه واتضح لي من الجميع أن الأرض الميتة إنما تملك بالإحياء لا بمجرد وضع اليد أو التحجير، كما اتضح من الجميع أن كل أرض تتعلق بمصلحة العامر كمرعى مواشيه، ومُحتطبه، ومساييله وأشباه ذلك لا تملك بالإحياء؛ لأن أهل العامر أحق بها؛ لكونها متعلقة بمصالحهم، ولكنهم لا يملكونها بذلك على الصحيح، بل يكون لهم فيها حق الاختصاص، فإذا استغنوا عنها صارت كبقية الموات، ولم أجد فيما نقلتم ما يدل على أن الموات الذي لم يجر عليه إحياء يجوز بيعه وشراؤه، كما أني لم أجد فيما نقلتم ما يدل على أنه يملك بدون إحياء، ولعله أشكل عليكم قول بعضهم: ما ملك بالشراء ثم صار مواتا لا يجوز إحياؤه إجماعا.
أما ما ملك بالإحياء ثم صار مواتا بإعراض صاحبه عنه ففي ملكه بالإحياء خلاف، وليس المراد من ذلك ما وقع في ذهنكم أن الموات يملك بالشراء أو أنه يجوز بيعه، وإنما المراد بذلك أن ما تم إحياؤه، ثم باعه المحيي، ثم ترك حتى صار مواتا فإن هذا لا يملك بالإحياء إجماعا، لأن مالكه قد ملكه بما دفع من المال بعدما أحياه البائع فلا يجوز إحياؤه، ولا تملكه بذلك؛ لأنه مملوك لمالك معين بما بذل من الثمن على الوجه الشرعي؛ فوجب أن يبقى في ملكه، وإن أعرض عنه حتى صار مواتا.
أما الذي ملك الموات بالإحياء، ثم أعرض عنه حتى صار مواتا فقد قال بعض أهل العلم: إنه يزول ملكه عنه بذلك؛ لكونه عاد كحاله الأولى، وهذا قول ضعيف، وأكثر العلماء على أنه باق في ملكه ولا يزول ملكه عنه بالإعراض والترك حتى صار مواتا.
وبهذا بتضح لكم معنى كلام أهل العلم في هذه المسألة، وإذا كان أشكل عليكم ذلك فأعيدوا النظر، وتأملوا يتضح لكم ذلك –إن شاء الله.
وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم وسائر إخواننا لما فيه رضاه، وأن يمنحنا جميعا الفقه في دينه، والثبات عليه والعافية من أسباب غضبه؛ إنه جواد كريم.
8/1/1392هـ.
- الرسائل المتبادلة بين الشيخ ابن باز والعلماء (ص525)