الجواب:
نعم التذكير بذلك مناسب؛ لأن الرسول ﷺ لما رأى رجلًا جالسًا، فلم يصل أمره أن يقوم فيصلي، قال: قم فصل ركعتين -عليه الصلاة والسلام- فإذا جلس الإنسان، ولم يصل تحية المسجد، ولو في وقت النهي يرشد إلى الأفضل، فإن الصحيح: أنها تشرع حتى في وقت النهي، هذا الصحيح من قولي العلماء، أما في غير وقت النهي فلا خلاف في شرعيتها كالضحى، أو الظهر والمغرب وبعد العشاء، هذه أوقات لا خلاف فيها أنها تشرع تحية المسجد، وإنما الخلاف إذا كان بعد العصر، أو بعد الصبح قبل ارتفاع الشمس.
والصواب: أنها تشرع حتى بعد الصبح، وبعد العصر، فإذا جلس يبين له أن الأفضل أن تقوم، وتأتي بركعتين هذا هو الأصح، وإذا كان طالب علم، وقال: إنه يرى الجلوس، وإنه يرى قول العلماء الآخرين أولى فلا حرج، الأمر في هذا واسع في وقت النهي؛ لأن العلماء اختلفوا في ذلك، فالأكثرون على أنه يجلس في وقت النهي، ولا يصلي لعموم قوله ﷺ: لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس.
والقول قول قوي لعموم الأحاديث، فالذي أخذ به، وعمل به لا حرج عليه -إن شاء الله- ولكن عند التأمل، والنظر في الأحاديث الواردة في ذلك يتضح أن استثناء ذوات الأسباب أصح؛ لقوله ﷺ في الطواف، وصلاة الطواف: يا بني عبد مناف! لا تمنعوا أحدًا طاف بهذا البيت، وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار، ورخص لهم في الصلاة مع الطواف، وإن كان في العصر، أو الصبح؛ لأنها من ذوات الأسباب، وقال -عليه الصلاة والسلام- في الكسوف لما دخل كسوف الشمس والقمر، قال: إذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة، وصلوا وادعوا، وهذا يعم العصر، ويعم غيرها.
فدل ذلك على أنه لو كسفت الشمس بعد العصر فالحديث يعم ذلك؛ لأنها سنة يفوت محلها، فإذا كسفت الشمس شرع للناس على الصحيح أن يصلوا في وقت النهي؛ لأنها صلاة لها أسباب، وليس المقصود التشبه بالكفرة في هذا؛ لأن السبب يبين أنه لم يصل للتشبه بالكفرة، وإنما صلى لأمر النبي ﷺ بالصلاة.
وهكذا تحية المسجد سواء بسواء، إذا دخل بعد العصر لينتظر المغرب، أو ليسمع حلقات العلم، أو بعد الصبح ليسمع حلقات العلم، أو ليجلس في المسجد حتى ارتفاع الشمس، فإذا وصل يصلي تحية المسجد.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.