حكم الشك في عدد ركعات الصلاة

السؤال:

نعود مع مطلع هذه الحلقة إلى رسالة المستمع (م. ع. ق) من مكة المكرمة، أخونا عرضنا سؤالًا له في حلقة مضت، وفي هذه الحلقة يسأل ويقول: صليت الظهر يومًا فشككت في الصلاة هل هي ثلاث أم أربع، ثم إني لم أصل الرابعة التي شككت فيها، وفي اليوم الثاني أعدت الصلاة كاملة، ما حكم ما فعلت؟ 

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد. 

فالذي فعلت هو الصواب؛ لأن الواجب عليك لما شككت أن تجعلها ثلاثًا، وأن تأتي برابعة، ثم تسجد للسهو قبل أن تسلم، هكذا أمر النبي ﷺ، قال -عليه الصلاة والسلام-: إذا صلى أحدكم وشك في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثًا، أم أربعًا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم ليسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسًا شفعن له صلاته، وإن كان صلى تمامًا كانتا ترغيمًا للشيطان.

فالمقصود: أن المؤمن إذا شك هل صل ثنتين، أو ثلاثًا يجعلها ثنتين، وإذا شك هل صلى ثلاثًا أم أربعًا؟ يعني: في الرباعية يجعلها ثلاثًا، وإذا كان في المغرب فشك هل صلى ثنتين أو ثلاثًا، يجعلها ثنتين، ويأتي بالثالثة، وإذا كان في الفجر، أو في الجمعة، وشك هل صلى واحدة، أو ثنتين يجعلها واحدة، ثم يكمل، ثم بعد النهاية يسجد سجدتين قبل أن يسلم، هذا هو الواجب على المؤمن إذا كان منفردًا أو إمامًا، فإذا لم يفعل واقتصر على الثلاث المشكوك فيها فإن صلاته تكون باطلة، وعليه أن يعيد ذلك، أما إن كان مأمومًا فإنه يتبع إمامه، المأموم يتبع إمامه، وليس له حكم الانفراد، بل يتبع إمامه، إذا شك يتابع إمامه.

ولا ينبغي للمؤمن أن يتساهل في هذه الأمور، بل ينبغي له أن يعمل بالحق بالسنة، فإذا شك هل صلى ثنتين أو ثلاثًا يجعلها ثنتين وكمل، شك هل صلى ثلاثًا في الظهر، أو العصر، أو العشاء، أم صلى أربعًا يجعلها ثلاثًا ويكمل، ثم بعد ذلك في النهاية إذا كان إمامًا أو منفردًا يسجد للسهو، وهكذا لو شك هل سجد سجدة، أو سجدتين يجعلها سجدة، ويأتي بالسجدة الثانية، أو شك وهو واقف هل ركع أو ما ركع يركع، يعني: يبني على اليقين أنه ما ركع ويركع، ثم يسجد للسهو بعد النهاية إذا فرغ من صلاته، وانتهى من التحيات والدعاء، يسجد سجدتين للسهو قبل أن يسلم، نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا، سماحة الشيخ تسمحوا لي بإعادة السؤال؟

الشيخ: نعم.

المقدم: يقول: صليت الظهر يومًا فشككت في الصلاة هل هي ثلاث أم أربع، ولم أصل الرابعة التي شككت فيها، وفي اليوم الثاني صليتها كلها بعد صلاة العصر، فما حكم ما فعلت؟

الشيخ: مثلما تقدم، إن كان شكه بعد الصلاة فليس عليه إعادة، إذا كان شك في ثلاث، أو أربع بعدما صلى هو صلى أربعًا على نيته أنها أربع... طرأ عليه الشك بعد الصلاة، وبعد السلام هذا فلا عمل عليه، الشك بعد الصلاة لا عمل عليه، والأصل: أنه صلاها أربعًا والحمد لله.

أما إذا كان شكه في أثنائها هل صلى ثلاثًا أم أربعًا، تساهل واقتصر على الثلاث، ولم يكمل، ثم تنبه بعد ذلك، وقضاها بعد صلاة العصر، أو الظهر، أو الضحى فقضاؤه صحيح، وهذا الواجب عليه إن يقضيها؛ لأنه ما صلى صلاة تامة، سلم منها وهو شاك، فهذا عليه أن يقضي إذا كان لم يتمم في الحال لما تنبه ما تمم، أو كان الشك بعد الصلاة فلا عمل عليه، الشكوك بعد الفراغ من العبادة لا عمل عليها.

فلو صلى على أنها تامة، ثم بعد هذا وقع عنده شكوك فليس عليه عمل، إنما العمل إذا كان الشك في داخلها، شك هل صلى ثلاثًا أم أربعًا قبل أن يسلم؟ فالواجب عليه أنه يجعلها ثلاثًا، ويكمل، يأتي برابعة، هذا في الظهر والعصر والعشاء، وفي المغرب شك ثنتين أو ثلاثًا، إذا شك هل صلى ثنتين أو ثلاثًا؟ يجعلها ثنتين، ثم يأتي بالثالثة، يكمل المغرب.

وهكذا في الفجر والجمعة إذا شك هل صلى ثنتين، أو صلى واحدة؟ يجعلها واحدة، هذا المتيقن، ثم يأتي بالثانية ويكمل ويسجد للسهو قبل أن يسلم، فلو أنه ترك العمل بهذا ما بنى على اليقين تساهل واقتصر على الثالثة وسلم، أو الثنتين وسلم في المغرب، هذا يكون أخطأ وخالف السنة، فإن تنبه في الحال قام وأتى بركعة، فإن كان ما تنبه إلا بعد ما طال الفصل يقضيها كلها كما فعل، كما فعل هذا السائل.

المقدم: إذًا أخونا حينما قضاها كاملة في اليوم الثاني لا حرج عليه؟

الشيخ: نعم؛ لأنه طال الفصل، حصل عليه.

المقدم: بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيرًا. 

فتاوى ذات صلة