الجواب: النصيحة لعلماء الصوفية ولغيرهم من أهل العلم أن يأخذوا بما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وأن يعلموا الناس ذلك، وأن يحذروا اتباع من قبلهم فيما يخالف ذلك، فليس الدين بتقليد المشايخ ولا غيرهم، وإنما الدين ما يؤخذ عن كتاب الله وعن سنة رسول الله محمد ﷺ وعما أجمع عليه أهل العلم، وعن الصحابة ، الدين هكذا يؤخذ لا عن تقليد زيد وعمرو، وقد دلت السنة الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام على أنه لا يجوز البناء على القبور ولا اتخاذ المساجد عليها، ولا اتخاذ القباب ولا أي بناء، كل ذلك محرم بنص الرسول عليه الصلاة والسلام، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ﷺ لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد قالت رضي الله عنها: يحذر ما صنعوا، وفي الصحيحين عن أم سلمة وأم حبيبة رضي الله تعالى عنهما أنهما ذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتاها بأرض الحبشة وما فيها من الصور، فقال: أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله فأخبر عليه الصلاة والسلام أن الذين يتخذون المساجد على القبور هم شرار الخلق، وهكذا من يتخذ عليها الصور لأنها دعاية للشرك، اتخاذ المساجد والصور على القبور والقباب دعاية إلى الشرك؛ لأن العامة إذا رأوا هذا عظموا المدفونين واستغاثوا بهم ونذروا لهم، ودعوهم من دون الله، وطلبوا منهم المدد والعون، وهذا هو الشرك الأكبر، وفي حديث جندب بن عبد الله البجلي فيما خرجه مسلم في الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال: إن الله قد اتخذني خليلًا كما اتخذ إبراهيم خليلاً، ولو كنت متخذًا من أمتي خليلًا لاتخذت أبا بكر خليلاً، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك هكذا رواه مسلم في الصحيح، فدل ذلك على فضل الصديق ، وأنه أفضل الصحابة وخيرهم، وأنه لو ساغ للنبي ﷺ أن يتخذ خليلاً لاتخذه خليلاً رضي الله عنه، ولكن الله جل وعلا منعه من ذلك حتى تتمحض محبته لربه سبحانه وتعالى فإن الخلة أعلى المحبة، وفي الحديث دلالة على تحريم البناء على القبور واتخاذ المساجد عليها وعلى ذم من فعل ذلك، من جهات ثلاث:
الأولى: ذمه من فعل ذلك.
الثانية: قوله: (فلا تتخذوا القبور مساجد).
الثالثة: قوله: (فإني أنهاكم عن ذلك). فحذر من البناء على القبور من هذه الجهات الثلاث، يقول ﷺ: ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد يعني فلا تتبعوهم بهذا، لا تقتدوا بهم، ثم قال: (ألا فلا تتخذوا القبور مساجد)، يعني لا تأسوا بهم، (فإني أنهاكم عن ذلك) هذا شيء صريح، والعلة والحكمة في ذلك كما قال أهل العلم أنه وسيلة وذريعة إلى الشرك الأكبر، إلى عبادة أهل القبور، فصرف الدعاء والاستغاثة والنذور والذبائح لهم وطلب منهم المدد والعون كما هو واقع الآن في بلدان كثيرة، عند السائل في السودان، وفي مصر، وفي الشام، وفي العراق، وفي بلدان كثيرة، يأتي الرجل العامي الجاهل فيقف على صاحب القبر المعروف عندهم فيطلبه المدد والعون والغوث كما يقع عند قبر البدوي والحسين والست نفيسة وزينب وغير ذلك في مصر، وكما يقع عندكم في السودان عند قبور كثيرة، وكما يقع في بلدان أخرى، وكما يقع من بعض الحجاج الجهال عند قبر النبي ﷺ في المدينة، وعند قبور أهل البقيع، وعند قبر خديجة في مكة وقبور أخرى، يقع هذا من الجهال وهم يحتاجون إلى تبصير وإلى بيان وإلى عناية من أهل العلم.
فالواجب على أهل العلم جميعًا سواء كانوا منسوبين للصوفية أو غيرهم، الواجب على العلماء جميعًا على علماء الشريعة أن يتقوا الله، وأن ينصحوا عباد الله، وأن يعلموهم دينهم، وأن يحذروهم من البناء على القبور واتخاذ المساجد عليها أو القباب أو غير ذلك من أنواع البناء وأن يحذروهم من دعاء الموتى والاستغاثة بالموتى، الدعاء عبادة لله وحده، الله يقول: فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18]، ويقول سبحانه: وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ [يونس:106]، يعني المشركين، ويقول ﷺ: الدعاء هو العباد، والنبي -أيضاً- يقول ﷺ: إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، فالميت قد انقطع عمله مع الناس، فهو بحاجة إلى أن يدعى له إلى أن يستغفر له، إلى أن يترحم عليه لا يدعى من دون الله، يقول النبي ﷺ: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له فكيف يدعى من دون الله؟ وهكذا الأصنام، وهكذا الأشجار والأحجار، وهكذا القمر والشمس والكواكب كلها لا تدعى من دون الله، كلها لا تدعى ولا يستغاث بها، فهكذا أصحاب القبور وإن كانوا أنبياء، وإن كانوا صالحين، هكذا الملائكة والجن لا يدعون مع الله، والله يقول سبحانه: وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:80]، فجعل اتخاذ الملائكة والنبيين أربابًا بالدعاء والاستغاثة كفراً، والله لا يأمر به ، وفي حديث جابر عند مسلم يقول : نهى رسول الله ﷺ عن تجصيص القبور، وعن القعود عليها، وعنن البناء عليها، هكذا رواه مسلم في الصحيح عن جابر (أن الرسول ﷺ نهى عن تجصيص القبور، وعن القعود عليها، وعن البناء عليها) لماذا؟ لأن هذا وسيلة إلى الشرك، البناء عليها والتجصيص والكسوة والقباب كله هذا وسيلة إلى تعظيمها والغلو فيها ودعاء أهلها، أما القعود عليها هو امتهان لا يجوز، كون يقعد عليها لا هي محترمة لا تمتهن لا يقعد عليها، لا يبول عليها، لا يتغوط عليها، لا يستند إليها، لا يطؤها، هذا ممنوع احترام المسلم حياً وميت محترم لا يجوز أن يداس قبره ولا أن تكسر عظامه، ولا أن يقعد على قبره، ولا أن يبال عليه، ولا أن توضع عليه قمائم كل هذا ممنوع، فالميت لا يمتهن المسلم لا يمتهن ولا يدعى من دون الله، لا يغلى فيه ويدعى من دون الله ولا يمتهن ويداس وتوضع عليه القمائم والأبوال والقاذورات لا، لا هذا ولا هذا، الشريعة جاءت بالوسط، جاءت باحترام القبور والدعاء لأهلها بالمغفرة والرحمة وزيارتهم للدعاء لهم والاستغفار لهم، ونهت عن إيذائهم بالقمائم، بالبول، بالقعود عليهم إلى غير ذلك، ومن هذا ما جاء في الحديث الصحيح يقول ﷺ: لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها، لا تجعل قبلة ولا يقعد عليها، فجمعت الشريعة الكاملة العظيمة بين الأمرين، بين تحريم الغلو في أهل القبور ودعائهم من دون الله، والاستغاثة بهم والنذر لهم ونحو ذلك، وهذا من الشرك الأكبر، وبين النهي عن إيذائهم وامتهانهم والجلوس على قبورهم أو الوطء عليها والاستناد إليها، أو وضع القاذورات عليها كل هذا ممنوع فلا هذا ولا هذا.
وبهذا يعلم المؤمن ويعلم طالب الحق أن الشريعة جاءت بالوسط، لا بالشرك ولا بالإيذاء، فالميت المسلم النبي أو الصالح يدعى له، يستغفر له، يسلم عليه عند زيارته، أما أنه يدعى من دون الله لا، لا يقال: يا سيدي المدد المدد، أو انصرني أو اشف مريضي، أو أعني على كذا، لا هذا يطلب من الله، ولا يمتهن يوضع ... القمامة على قبره، يوطأ عليه، يجلس عليه، يبال لا، لا هذا ولا هذا.
أما الحي فلا بأس أن يتعاون معه لأن له عمل، الحي له عمل فلا بأس أن يتعاون معه فيما يجوز شرعاً من الأسباب الحسية، كما قال تعالى: فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ [القصص:15] في قصة موسى ، فإن موسى حي والمستغيث حي، فاستغاثه على عدوه، وهكذا الإنسان مع إخوانه، مع أقاربه، يتعاونون في مزارعهم، في إصلاح بيوتهم، في إصلاح سياراتهم، في أشياء أخرى من حاجاتهم يتعاونون بالأسباب الحسية المقدورة لا بأس، وهكذا من طريق الهاتف التلفون، من طريق المكاتبة، من طريق الإبراق والتلكس كل هذا تعاون حسي لا بأس به في الأمور المقدورة، لكن ما يتعلق بالعبادة لا، لا يقال للحي ولو أنه حي، لا يقال للحي: اشف مريضي، ورد غائبي من طريق سر فيه أن له سراً، ولا يقال: انصرنا على عدو بسر يعني، لا، وانصرنا بالسلاح، وانصرنا بالقرض دراهم يقرضهم إياها حتى يستعينوا بها على شئون الحرب لا بأس، كذلك يأتي الطبيب يطلب منه العلاج لا بأس، أما يقول اشفني لأنه يعتقد فيه سر، لأنه من شيوخ الصوفية أو من غيرهم، هذا كفر لأن الإنسان ما يقدر، لا، ما له سر يقدر يتصرف في الكون، إنما أمور حسية، الطبيب يتصرف بالأدوية، كذلك الإنسان القادر الحي يتصرف بالأسباب الحسية، يعينك بيده، يبني معك، يعطيك مال قرض أو مساعدة تبني به، يعطيك قطع غيار لسيارتك، يساعدك في شفاعة لدى من يعينك هذه أمور حسية لا بأس بها لا تدخل في عبادة الأموات والاستغاثة بالأموات ونحو ذلك، وكثير من دعاة الشرك يشبهون بهذه الأمور، وهي أمور واضحة بينة لا تشتبه إلا على من هو من أجهل الناس، فالتعامل مع الأحياء شيء جائز بشروطه المعروفة، وسؤال الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر لهم أمر معروف عند أهل العلم شرك أكبر بإجماع أهل العلم، ليس فيه نزاع بين الصحابة ومن بعدهم من أهل العلم والإيمان وأهل البصيرة.
والبناء على القبور واتخاذ المساجد عليها والقباب كذلك منكر معلوم عند أهل العلم جاءت الشريعة بالنهي عنه فلا يجوز أن يلتبس هذا على أهل العلم.
فالواجب على أهل العلم مرة أخرى الواجب عليهم أن يتقوا الله أينما كانوا، وأن ينصحوا لعباد الله، وأن يعلموا شريعة الله، وأن لا يجاملوا في ذلك زيداً ولا عمراً، بل يعلموا الأمير والصغير والكبير، ويحذروا الجميع مما حرم الله، ويرشدوهم إلى ما شرع الله، هذا هو الواجب على أهل العلم أينما كانوا، من طريق الكلام الشفهي، ومن طريق الكتابة، ومن طريق التأليف، ومن طريق الخطابة في الجمع وغيرها، من طريق الهاتف، من طريق التلكس، من أي الطرق التي وجدت الآن، يستعان بها على تبليغ دعوة الله وعلى نصح عباد الله، رزق الله الجميع التوفيق والهداية، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الأولى: ذمه من فعل ذلك.
الثانية: قوله: (فلا تتخذوا القبور مساجد).
الثالثة: قوله: (فإني أنهاكم عن ذلك). فحذر من البناء على القبور من هذه الجهات الثلاث، يقول ﷺ: ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد يعني فلا تتبعوهم بهذا، لا تقتدوا بهم، ثم قال: (ألا فلا تتخذوا القبور مساجد)، يعني لا تأسوا بهم، (فإني أنهاكم عن ذلك) هذا شيء صريح، والعلة والحكمة في ذلك كما قال أهل العلم أنه وسيلة وذريعة إلى الشرك الأكبر، إلى عبادة أهل القبور، فصرف الدعاء والاستغاثة والنذور والذبائح لهم وطلب منهم المدد والعون كما هو واقع الآن في بلدان كثيرة، عند السائل في السودان، وفي مصر، وفي الشام، وفي العراق، وفي بلدان كثيرة، يأتي الرجل العامي الجاهل فيقف على صاحب القبر المعروف عندهم فيطلبه المدد والعون والغوث كما يقع عند قبر البدوي والحسين والست نفيسة وزينب وغير ذلك في مصر، وكما يقع عندكم في السودان عند قبور كثيرة، وكما يقع في بلدان أخرى، وكما يقع من بعض الحجاج الجهال عند قبر النبي ﷺ في المدينة، وعند قبور أهل البقيع، وعند قبر خديجة في مكة وقبور أخرى، يقع هذا من الجهال وهم يحتاجون إلى تبصير وإلى بيان وإلى عناية من أهل العلم.
فالواجب على أهل العلم جميعًا سواء كانوا منسوبين للصوفية أو غيرهم، الواجب على العلماء جميعًا على علماء الشريعة أن يتقوا الله، وأن ينصحوا عباد الله، وأن يعلموهم دينهم، وأن يحذروهم من البناء على القبور واتخاذ المساجد عليها أو القباب أو غير ذلك من أنواع البناء وأن يحذروهم من دعاء الموتى والاستغاثة بالموتى، الدعاء عبادة لله وحده، الله يقول: فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18]، ويقول سبحانه: وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ [يونس:106]، يعني المشركين، ويقول ﷺ: الدعاء هو العباد، والنبي -أيضاً- يقول ﷺ: إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، فالميت قد انقطع عمله مع الناس، فهو بحاجة إلى أن يدعى له إلى أن يستغفر له، إلى أن يترحم عليه لا يدعى من دون الله، يقول النبي ﷺ: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له فكيف يدعى من دون الله؟ وهكذا الأصنام، وهكذا الأشجار والأحجار، وهكذا القمر والشمس والكواكب كلها لا تدعى من دون الله، كلها لا تدعى ولا يستغاث بها، فهكذا أصحاب القبور وإن كانوا أنبياء، وإن كانوا صالحين، هكذا الملائكة والجن لا يدعون مع الله، والله يقول سبحانه: وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:80]، فجعل اتخاذ الملائكة والنبيين أربابًا بالدعاء والاستغاثة كفراً، والله لا يأمر به ، وفي حديث جابر عند مسلم يقول : نهى رسول الله ﷺ عن تجصيص القبور، وعن القعود عليها، وعنن البناء عليها، هكذا رواه مسلم في الصحيح عن جابر (أن الرسول ﷺ نهى عن تجصيص القبور، وعن القعود عليها، وعن البناء عليها) لماذا؟ لأن هذا وسيلة إلى الشرك، البناء عليها والتجصيص والكسوة والقباب كله هذا وسيلة إلى تعظيمها والغلو فيها ودعاء أهلها، أما القعود عليها هو امتهان لا يجوز، كون يقعد عليها لا هي محترمة لا تمتهن لا يقعد عليها، لا يبول عليها، لا يتغوط عليها، لا يستند إليها، لا يطؤها، هذا ممنوع احترام المسلم حياً وميت محترم لا يجوز أن يداس قبره ولا أن تكسر عظامه، ولا أن يقعد على قبره، ولا أن يبال عليه، ولا أن توضع عليه قمائم كل هذا ممنوع، فالميت لا يمتهن المسلم لا يمتهن ولا يدعى من دون الله، لا يغلى فيه ويدعى من دون الله ولا يمتهن ويداس وتوضع عليه القمائم والأبوال والقاذورات لا، لا هذا ولا هذا، الشريعة جاءت بالوسط، جاءت باحترام القبور والدعاء لأهلها بالمغفرة والرحمة وزيارتهم للدعاء لهم والاستغفار لهم، ونهت عن إيذائهم بالقمائم، بالبول، بالقعود عليهم إلى غير ذلك، ومن هذا ما جاء في الحديث الصحيح يقول ﷺ: لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها، لا تجعل قبلة ولا يقعد عليها، فجمعت الشريعة الكاملة العظيمة بين الأمرين، بين تحريم الغلو في أهل القبور ودعائهم من دون الله، والاستغاثة بهم والنذر لهم ونحو ذلك، وهذا من الشرك الأكبر، وبين النهي عن إيذائهم وامتهانهم والجلوس على قبورهم أو الوطء عليها والاستناد إليها، أو وضع القاذورات عليها كل هذا ممنوع فلا هذا ولا هذا.
وبهذا يعلم المؤمن ويعلم طالب الحق أن الشريعة جاءت بالوسط، لا بالشرك ولا بالإيذاء، فالميت المسلم النبي أو الصالح يدعى له، يستغفر له، يسلم عليه عند زيارته، أما أنه يدعى من دون الله لا، لا يقال: يا سيدي المدد المدد، أو انصرني أو اشف مريضي، أو أعني على كذا، لا هذا يطلب من الله، ولا يمتهن يوضع ... القمامة على قبره، يوطأ عليه، يجلس عليه، يبال لا، لا هذا ولا هذا.
أما الحي فلا بأس أن يتعاون معه لأن له عمل، الحي له عمل فلا بأس أن يتعاون معه فيما يجوز شرعاً من الأسباب الحسية، كما قال تعالى: فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ [القصص:15] في قصة موسى ، فإن موسى حي والمستغيث حي، فاستغاثه على عدوه، وهكذا الإنسان مع إخوانه، مع أقاربه، يتعاونون في مزارعهم، في إصلاح بيوتهم، في إصلاح سياراتهم، في أشياء أخرى من حاجاتهم يتعاونون بالأسباب الحسية المقدورة لا بأس، وهكذا من طريق الهاتف التلفون، من طريق المكاتبة، من طريق الإبراق والتلكس كل هذا تعاون حسي لا بأس به في الأمور المقدورة، لكن ما يتعلق بالعبادة لا، لا يقال للحي ولو أنه حي، لا يقال للحي: اشف مريضي، ورد غائبي من طريق سر فيه أن له سراً، ولا يقال: انصرنا على عدو بسر يعني، لا، وانصرنا بالسلاح، وانصرنا بالقرض دراهم يقرضهم إياها حتى يستعينوا بها على شئون الحرب لا بأس، كذلك يأتي الطبيب يطلب منه العلاج لا بأس، أما يقول اشفني لأنه يعتقد فيه سر، لأنه من شيوخ الصوفية أو من غيرهم، هذا كفر لأن الإنسان ما يقدر، لا، ما له سر يقدر يتصرف في الكون، إنما أمور حسية، الطبيب يتصرف بالأدوية، كذلك الإنسان القادر الحي يتصرف بالأسباب الحسية، يعينك بيده، يبني معك، يعطيك مال قرض أو مساعدة تبني به، يعطيك قطع غيار لسيارتك، يساعدك في شفاعة لدى من يعينك هذه أمور حسية لا بأس بها لا تدخل في عبادة الأموات والاستغاثة بالأموات ونحو ذلك، وكثير من دعاة الشرك يشبهون بهذه الأمور، وهي أمور واضحة بينة لا تشتبه إلا على من هو من أجهل الناس، فالتعامل مع الأحياء شيء جائز بشروطه المعروفة، وسؤال الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر لهم أمر معروف عند أهل العلم شرك أكبر بإجماع أهل العلم، ليس فيه نزاع بين الصحابة ومن بعدهم من أهل العلم والإيمان وأهل البصيرة.
والبناء على القبور واتخاذ المساجد عليها والقباب كذلك منكر معلوم عند أهل العلم جاءت الشريعة بالنهي عنه فلا يجوز أن يلتبس هذا على أهل العلم.
فالواجب على أهل العلم مرة أخرى الواجب عليهم أن يتقوا الله أينما كانوا، وأن ينصحوا لعباد الله، وأن يعلموا شريعة الله، وأن لا يجاملوا في ذلك زيداً ولا عمراً، بل يعلموا الأمير والصغير والكبير، ويحذروا الجميع مما حرم الله، ويرشدوهم إلى ما شرع الله، هذا هو الواجب على أهل العلم أينما كانوا، من طريق الكلام الشفهي، ومن طريق الكتابة، ومن طريق التأليف، ومن طريق الخطابة في الجمع وغيرها، من طريق الهاتف، من طريق التلكس، من أي الطرق التي وجدت الآن، يستعان بها على تبليغ دعوة الله وعلى نصح عباد الله، رزق الله الجميع التوفيق والهداية، ولا حول ولا قوة إلا بالله.