حكم قراءة الفاتحة على الميت ومواساة أهله بالمال

السؤال: هذه رسالة وردت إلى البرنامج من السائل محمد صالح سريحان، سوداني من الكويت، يقول في رسالته: ما حكم الفاتحة للميت، وذبح المواشي، ودفع الفلوس إلى أهل الميت؟

الجواب: تقدم في السؤال الأول الذي قبل هذا أن التقرب للأموات بالذبائح أو بالفلوس أو بالنذور أو غير هذا أن هذا من الشرك الأكبر لا يجوز، هذا من العبادات التي لا تكون إلا لله وحده، فالذبح لله وحده، وهكذا النذور، وهكذا الصدقات كلها لله وحده، قال الله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاتِي [الأنعام:162] قل يا محمد: إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي [الأنعام:162] يعني: ذبحي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام:162] لا شَرِيكَ لَهُ [الأنعام:163] وقال سبحانه: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ۝ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:1-2] وقال النبي ﷺ: لعن الله من ذبح لغير الله رواه مسلم في صحيحه من حديث علي ، فالذبح لغير الله من الأولياء أو الكواكب أو الجن شرك بالله عز وجل، وهكذا للأصنام كله شرك بالله عز وجل، أما الذبح لله فهو عبادة، فإذا تقرب إلى الله بالذبائح.. بالضحايا.. بالهدايا.. بالنذور، كلها عبادة لله وحده سبحانه وتعالى، فهذه العبادة لا تصلح لغير لله، لا للأولياء ولا للأنبياء ولا للأصنام ولا للكواكب ولا لغير هذا من المخلوقات.
وكذلك كونه يقدم نقودًا لصاحب القبر فالنقود قربة، مثلما يتقدم إلى الله بالصدقات التي يعطيها الفقراء، فإذا أعطى فقراء نقودًا فهي صدقة يرجى ثوابها من الله عز وجل، فإذا قدمها للميت فقد عبده بهذه الصدقة، عبده بهذه النقود التي يتقرب بها للميت، ويأخذها زيد وعمرو، فهذا منكر عظيم وشرك فظيع لا يجوز أبدًا، فيجب على المؤمن أن يحذر هذه الشرور وأن ينبه غيره على ذلك، والله المستعان. نعم.
المقدم: أنا فهمت من سؤاله -إذا أذنتم لي- سماحة الشيخ.
الشيخ: نعم.
المقدم: أنه يقول: ما حكم الفاتحة للميت، يعني: لأبيه مثلًا، وذبح المواشي ودفع الفلوس إلى أهل الميت كنوع من المواساة؟
الشيخ: إذا كان أراد هذا فله معنى آخر، أما قراءة الفاتحة فهي بدعة، كونه يقرأ الفاتحة للأموات أو على قبورهم هذا من البدع، لم يفعلها النبي ﷺ ولا أصحابه وأرضاهم، فلا يجوز أن يقرأ للموتى الفاتحة ولا غيرها.
أما كونه يعطى أهل الميت صدقة يساعدون فهذا لا بأس به، إذا مات ميتهم يدفع إليهم عشاء أو غداء لا بأس، فقد ثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال لما جاء خبر جعفر بن أبي طالب لما قتل يوم مؤتة في الشام: أمر النبي ﷺ أهله أن يصنعوا لأهل جعفر طعامًا، قال: اصنعوا لأهل جعفر طعامًا فقد أتاهم ما يشغلهم، فأمر أهله أن يصنعوا لأهل جعفر طعامًا وأن يبعث به إليهم؛ لأنهم قد أتاهم ما يشغلهم عن صنع الطعام، فإذا دفع إليهم جيرانهم طعامًا مصنوعًا أو ذبيحة ليستمتعوا بها وقت حزنهم ووقت مصيبتهم، أو نقود ليستعينوا بها على حاجاتهم فلا بأس فيما نرى لكن ليس لهم أن يصنعوا طعام -أهل الميت- ليس لهم أن يصنعوا طعام يدعون الناس إليه ويكون عندهم ولائم في بيوتهم هذه المآتم ممنوعة، لا تجوز، وقال جرير ابن عبد الله البجلي : كنا نعد الاجتماع عند أهل الميت، وصنعة الطعام بعد الدفن من النياحة، فلا يجوز هذا، لكن الأفضل والسنة أن يصنعوا طعامًا، يصنع الجيران أو الأقارب طعامًا ويقدم لهم مصنوع، أما تكليفهم بالذبيحة أو بالنقود هذا خلاف المشروع إلا إذا فعلوه من باب الصدقة عليهم، من غير أن يقيموا وليمة عند أهل الميت ومن غير أن يكون هناك اجتماع عليها بل صدقة مجردة لينتفعوا بها لفقرهم وحاجتهم لا بأس، لكن السنة أن يبعث إليهم طعام مصنوع، خالص منتهي، يبعث إليهم ليكفوهم المئونة، حتى يأكلوا من دون كلفة ولا تعب؛ لأنهم مشغولون عن الطبخ بمصيبة الموت، هذا هو الأفضل، وهذا هو المشروع.
أما الصدقة عليهم إذا كانوا فقراء بنقود أو ذبيحة أو طعام، فلا بأس به لكن بشرط أن لا يكون هذا الشيء لإقامة المأتم في البيت وصنع طعام للناس هذا لا يجوز، سواءً كان من أموالهم أو مما يدفع إليهم من جيرانهم، لا يفعل هذا. نعم.
المقدم: جزاكم الله خير.

فتاوى ذات صلة