التوسل بجاه الله أو بجاه الأنبياء والصالحين

السؤال: وهذه رسالة وردت إلى البرنامج من أسعد عبدالجبار عبدالقادر من العراق البصرة، يقول في رسالته: سمعني أحد المؤمنين وأنا في دعاء أطلب من الله بعد الصلاة فقلت: اللهم بجاهك، وبجاه محمد، وبجاه الصحابة الكرام، أطلب أن تغفر لي وترحمني، فأخبرني أن هذا الدعاء لا يجوز، أفيدوني عن صحة ذلك بارك الله فيكم؟

الجواب: التوسل بجاه الأنبياء أو بجاه الصحابة بدعة لا يجوز، أما بجاه الله معناه بعظمة الله لا يضر، لكن بجاه النبي أو بجاه أصحاب النبي ﷺ، أو بجاه الأنبياء أو بجاه الصالحين، أو بحق الأنبياء أو بحق الصالحين، هذا بدعة على الأصح عند جمهور أهل العلم، وأجازه بعض أهل العلم، ولكنه قول ضعيف مرجوح، والصواب أنه لا يجوز، إنما التوسل يكون بأمور أخرى.
التوسل يكون بأسماء الله وصفاته كما قال : وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف:180] فتقول: اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن تغفر لي، أن ترحمني، أن تعتقني من النار، أن ترزقني الذرية الصالحة، إلى غير هذا، أو تقول: اللهم إني أسألك بأنك الرحمن الرحيم، بأنك الرءوف الرحيم، بأنك السميع العليم، بأنك الجواد الكريم، أن ترحمني، أن تغفر لي، أن تهب لي كذا وكذا، هذا لا بأس به.
وهكذا التوسل بتوحيد الله والإيمان به فتقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت، اللهم إني أسألك بأني أؤمن بك، وأحبك، وأخافك، وأرجوك أن تغفر لي وأن ترحمني، اللهم إني أسألك بتوحيدك وإيماني بك.
وهكذا بأعمالك الصالحة الأخرى، كأن تقول: اللهم إني أسألك بحبي لك ولنبيك، اللهم إني أسألك بابتعادي عما حرمت علي، بعفتي عن الزنا، بأداء الأمانة، ببري لوالدي، تسأل الله بأعمالك، كما جاء في قصة أهل الغار الذين انطبق عليهم الغار وهم ثلاثة، وسدت الباب عليهم صخرة عظيمة لم يستطيعوا دفعها، فقالوا فيما بينهم: إنه لا ينجيكم من هذا إلا أن تسألوا الله بصالح أعمالكم، فألهمهم الله هذا الخير، فدعوا الله بصالح أعمالهم.
فتوسل أحدهم بأنه بار بوالديه وأنه كان لا يغبق قبلهم أهلاً ولا مالاً عندما يأتي بالحليب في الليل، فانفرجت الصخرة شيئاً لا يستطيعون الخروج معه.
ثم توسل الثاني بأنه كان يحب ابنة عمه حباً كثيراً، وأنها ألمت بها سنة، يعني: حاجة، فجاءت تطلبه المساعدة، فأبى إلا أن تمكنه من نفسها، فمكنته من نفسها على مائة وعشرين دينار من الذهب، فلما جلس بين رجليها قالت: يا عبد الله! اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه، فخاف من الله وقام وترك الفاحشة وترك لها الذهب خوفاً من الله ، فقال: اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة شيئاً لكن لا يستطيعون الخروج.
ثم توسل الثالث بأدائه الأمانة، وكان عنده أجراء، فأعطاهم حقوقهم إلا واحداً بقي حقه عنده، فنماه له وثمره له حتى صار منه إبل وغنم وبقر ورقيق، فلما جاء الرجل صاحب الأجر يطلبه حقه، قال: كل هذا من حقك، كل ما ترى من الإبل والبقر والغنم والرقيق كله من حقك، فقال الرجل: يا عبد الله! اتق الله ولا تستهزئ بي! قال: إني لا أستهزئ بك، إن هذا كله من مالك ثمرته لك، فاستاقها كلها، استاق البقر والإبل والغنم والرقيق، ثم قال الرجل: اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة وخرجوا.
فهذا توسل بأعمالهم الطيبة الصالحة، فهذه الوسائل الطيبة، أما التوسل بجاه فلان وبحق فلان وبذات فلان فهذا بدعة ومن وسائل الشرك من الوسائل، فالواجب ترك ذلك، هذا هو الصواب من قولي العلماء في ذلك، والله المستعان. نعم.
المقدم: بارك الله فيكم. 
فتاوى ذات صلة