الجواب: هذه مسألة عظيمة قد تنازع أهل العلم فيمن ترك الصلاة كسلاً وتثاقلاً لا عن جحد الوجوب، فقال جمع: إنه لا يكفر بذلك وقد أتى منكراً عظيماً أعظم من الزنا وأعظم من الربا وأعظم من سائر المعاصي، قالوا: لكن لا يكفر كفراً أكبر، بل يكون فيه كفر وفيه شرك، ولكن لا يكون كفراً أكبر، وهذا هو المشهور من مذهب مالك والشافعي و أبي حنيفة وجماعة، وقال آخرون من أهل العلم: يكفر بذلك إذا ترك الصلاة عمداً وإن لم يجحد وجوبها، وهذا هو المعروف عن الصحابة والمنقول عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال التابعي الجليل عبد الله بن شقيق العقيلي: (كان أصحاب النبي ﷺ لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة) يعني: كفر أكبر؛ لأن هناك أعمال فيها كفر لكن أصغر، مثل الحلف بغير الله، ومثل البراءة من الأنساب، وما أشبه ذلك، لكن مراده رضي الله عنه أنهم يرونه كفراً أكبر، هذا هو الظاهر من سياق كلام عبد الله بن شقيق العقيلي ، وأعظم من هذا ما ثبت في صحيح مسلم عن جابر عن النبي ﷺ أنه قال: بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة، هذا صريح والكفر معرف بالألف واللام، الكفر والشرك، ومتى عرف الكفر والشرك بالألف واللام فالمراد به الكفر الأكبر والشرك الأكبر، وثبت في المسند والسنن الأربع بإسناد صحيح عن بريدة بن حصيب الأسلمي عن النبي ﷺ أنه قال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر، وفي المسند وسنن الترمذي عن معاذ عن النبي ﷺ أنه قال: رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله فبيت سقط عموده هل يبقى؟ ما يبقى البيت إذا سقط عموده، وثبت أيضاً في الصحيحين أن الرسول ﷺ قيل له لما ذكر الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن أوقاتها وتعرف منهم وتنكر، قال الصحابة: أفلا نقاتلهم؟ قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، وفي لفظ آخر: حتى تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان، فجعل ترك الصلاة كفراً بواحاً فيه البرهان، فهذا هو القول الأرجح أنه متى تركها تكاسلاً عامداً كفر كفراً أكبر لا يصح صومه ولا غيره من عباداته، فمن صام ولم يصل فلا صوم له نسأل الله العافية، أما إذا جحد وجوب ذلك جحدها وقال: ما علينا صلاة، أو استهزأ بها استهزأ بالصلاة واستهزأ بالمصلين فهذا كفره أكبر عند جميع العلماء، إذا استهزأ بها ولو صلى أو جحد وجوبها كفر إجماعاً عند جميع أهل العلم؛ لأنه مكذب لله ورسوله عليه الصلاة والسلام. نعم.
الثلاثاء ٠١ / جمادى الآخرة / ١٤٤٦