بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، وصيام رمضان ركن عظيم من أركان الإسلام الخمسة فرضه الله على عباده في السنة الثانية من الهجرة، وكان سبحانه وتعالى فرضه مخيراً، من شاء صام وهو أفضل، ومن شاء أطعم عن كل يوم مسكين وأفطر، كما قال : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:183-184].
فعلى هذه الآية كان المسلمون من شاء أطعم مسكيناً فأكثر وأفطر، ومن شاء صام والصوم أفضل؛ ولهذا قال: وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ [البقرة:184]، ثم فرض عليهم الصيام سبحانه وتعالى في قوله: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:185]، فقوله سبحانه: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة:185] يعني: من حضره صحيحاً مقيماً وجب عليه الصوم ونسخ التخيير، ومن كان مريضاً لا يستطيع الصوم يشق عليه الصوم أو على سفر فله الفطر؛ ولهذا قال: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:185] يعني: فأفطر فعليه عدة من أيام أخر، وهذا من فضله سبحانه وإحسانه وتيسيره على عباده؛ ولهذا قال بعدها: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواا الْعِدَّةَ[البقرة:185] يعني: بقضاء الأيام، وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة:185]، فإذا صام بعد ذلك أكمل العدة بعد برئه من مرضه وبعد رجوعه من سفره.
وقال عليه الصلاة والسلام: من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، والمعنى: من صامه إيماناً بشرع الله له وتصديقاً بذلك، واحتساب الأجر عنده سبحانه وتعالى لا مجرد تقليده للناس ولا رياء، لا، بل يصومه احتساباً يرجو ما عند الله ، ويؤمن بأنه فرض عليه شرعه الله له، فهذا يكون صومه فيه خير عظيم ومن أسباب المغفرة، وهكذا قيام رمضان عن إيمان واحتساب يكون من أسباب المغفرة، أما من صامه رياء أو تقليداً للناس أو مجاملة أو ما أشبه ذلك فليس له هذا الفضل.
ثم الواجب على المؤمن أن يصونه وعلى المؤمنة كذلك أن تصون هذا الصيام من المعاصي، فإن المعاصي تجرحه وتضعف ثوابه، فالواجب على المؤمن وعلى المؤمنة أن يصونا هذا الصيام من سائر المعاصي؛ من الغيبة والنميمة، وأكل الحرام وسائر المعاصي، كل واحد يحاسب نفسه فيتقي الله في كل شيء حتى يبتعد عما يجرح صومه وينقص ثوابه، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه رواه البخاري في صحيحه، وقال عليه الصلاة والسلام: ليس الصيام من الطعام والشراب إنما الصيام من اللغو والرفث، قال بعض السلف: (إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء)، فالصائم قد فعل عبادة عظيمة وتلبس بعبادة عظيمة، وهي سر بينه وبين ربه سبحانه وتعالى فيجب عليه أن يصونها ويحفظها من كل ما يجرحها وينقص ثوابها حتى يؤديها كاملة.
وهكذا يقول صلى الله عليه وسلم: من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه وليلة القدر ليلة عظيمة في العشر الأخيرة من رمضان، شأنها عظيم، قال فيها الرب : إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ [القدر:1-5]، فهذه الليلة ليلة عظيمة العمل فيها والاجتهاد فيها بأنواع الخير خير من العمل في ألف شهر مما سواها، وهذا فضل عظيم، وقال فيها سبحانه: حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ[الدخان:1-5]، فهي ليلة عظيمة تقدر فيها حوادث السنة، فينبغي للمؤمن أن يغتنمها أيضاً إذا بلغه الله العشر الأخيرة، وأن يجتهد في هذه العشر بأنواع العبادة من صلاة وذكر وقراءة وصدقات وغير ذلك حتى يفوز بهذه الليلة، ولاشك أن من قام العشر الأخيرة محتسباً فإنه يدركها ولابد؛ لأنها واحدة منها.
فعلينا جميعاً معشر المسلمين من ذكور وإناث أن نعرف لهذا الشهر قدره، وأن نصون صيامنا وقيامنا عما يجرحه من سائر المعاصي، وأن نستكثر فيه من أنواع الخير، هذا زمن المسابقة، هذا ميدان السباق بالخير، فينبغي للمؤمن أن يسابق وينافس في هذا الشهر الكريم بأنواع الذكر والاستكثار من قراءة القرآن الكريم بالتدبر والتعقل ليلاً ونهاراً، والإكثار من الصدقة، وصلة الرحم، وبر الوالدين، وكثرة الاستغفار والدعاء، وعيادة المريض.. إلى غير هذا من وجوه الخير، رزقنا الله وإياكم الاستقامة وبلغنا وإياكم صيامه وقيامه.
المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيراً.
فقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، وصيام رمضان ركن عظيم من أركان الإسلام الخمسة فرضه الله على عباده في السنة الثانية من الهجرة، وكان سبحانه وتعالى فرضه مخيراً، من شاء صام وهو أفضل، ومن شاء أطعم عن كل يوم مسكين وأفطر، كما قال : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:183-184].
فعلى هذه الآية كان المسلمون من شاء أطعم مسكيناً فأكثر وأفطر، ومن شاء صام والصوم أفضل؛ ولهذا قال: وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ [البقرة:184]، ثم فرض عليهم الصيام سبحانه وتعالى في قوله: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:185]، فقوله سبحانه: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة:185] يعني: من حضره صحيحاً مقيماً وجب عليه الصوم ونسخ التخيير، ومن كان مريضاً لا يستطيع الصوم يشق عليه الصوم أو على سفر فله الفطر؛ ولهذا قال: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:185] يعني: فأفطر فعليه عدة من أيام أخر، وهذا من فضله سبحانه وإحسانه وتيسيره على عباده؛ ولهذا قال بعدها: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواا الْعِدَّةَ[البقرة:185] يعني: بقضاء الأيام، وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة:185]، فإذا صام بعد ذلك أكمل العدة بعد برئه من مرضه وبعد رجوعه من سفره.
وقال عليه الصلاة والسلام: من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، والمعنى: من صامه إيماناً بشرع الله له وتصديقاً بذلك، واحتساب الأجر عنده سبحانه وتعالى لا مجرد تقليده للناس ولا رياء، لا، بل يصومه احتساباً يرجو ما عند الله ، ويؤمن بأنه فرض عليه شرعه الله له، فهذا يكون صومه فيه خير عظيم ومن أسباب المغفرة، وهكذا قيام رمضان عن إيمان واحتساب يكون من أسباب المغفرة، أما من صامه رياء أو تقليداً للناس أو مجاملة أو ما أشبه ذلك فليس له هذا الفضل.
ثم الواجب على المؤمن أن يصونه وعلى المؤمنة كذلك أن تصون هذا الصيام من المعاصي، فإن المعاصي تجرحه وتضعف ثوابه، فالواجب على المؤمن وعلى المؤمنة أن يصونا هذا الصيام من سائر المعاصي؛ من الغيبة والنميمة، وأكل الحرام وسائر المعاصي، كل واحد يحاسب نفسه فيتقي الله في كل شيء حتى يبتعد عما يجرح صومه وينقص ثوابه، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه رواه البخاري في صحيحه، وقال عليه الصلاة والسلام: ليس الصيام من الطعام والشراب إنما الصيام من اللغو والرفث، قال بعض السلف: (إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء)، فالصائم قد فعل عبادة عظيمة وتلبس بعبادة عظيمة، وهي سر بينه وبين ربه سبحانه وتعالى فيجب عليه أن يصونها ويحفظها من كل ما يجرحها وينقص ثوابها حتى يؤديها كاملة.
وهكذا يقول صلى الله عليه وسلم: من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه وليلة القدر ليلة عظيمة في العشر الأخيرة من رمضان، شأنها عظيم، قال فيها الرب : إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ [القدر:1-5]، فهذه الليلة ليلة عظيمة العمل فيها والاجتهاد فيها بأنواع الخير خير من العمل في ألف شهر مما سواها، وهذا فضل عظيم، وقال فيها سبحانه: حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ[الدخان:1-5]، فهي ليلة عظيمة تقدر فيها حوادث السنة، فينبغي للمؤمن أن يغتنمها أيضاً إذا بلغه الله العشر الأخيرة، وأن يجتهد في هذه العشر بأنواع العبادة من صلاة وذكر وقراءة وصدقات وغير ذلك حتى يفوز بهذه الليلة، ولاشك أن من قام العشر الأخيرة محتسباً فإنه يدركها ولابد؛ لأنها واحدة منها.
فعلينا جميعاً معشر المسلمين من ذكور وإناث أن نعرف لهذا الشهر قدره، وأن نصون صيامنا وقيامنا عما يجرحه من سائر المعاصي، وأن نستكثر فيه من أنواع الخير، هذا زمن المسابقة، هذا ميدان السباق بالخير، فينبغي للمؤمن أن يسابق وينافس في هذا الشهر الكريم بأنواع الذكر والاستكثار من قراءة القرآن الكريم بالتدبر والتعقل ليلاً ونهاراً، والإكثار من الصدقة، وصلة الرحم، وبر الوالدين، وكثرة الاستغفار والدعاء، وعيادة المريض.. إلى غير هذا من وجوه الخير، رزقنا الله وإياكم الاستقامة وبلغنا وإياكم صيامه وقيامه.
المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيراً.