الجواب: علينا على المؤمن وعلى كل مسلم أن يعلم أن الله سبحانه خلق الخلق وتكفل بأرزاقهم سواء كانوا كفارًا أو مسلمين، قال : وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا [هود:6]، وقال سبحانه: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [الذاريات:56-58]، وقال سبحانه: وَكَأَيِّن مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُم [العنكبوت:60]، فهو سبحانه خلق الخلق من جن وإنس وكفار ومسلمين وتكفل بأرزاقهم، فهو ينزل الأمطار ويجري الأنهار في البلاد الإسلامية وغيرها، ويرزق هؤلاء وهؤلاء، لكنه سبحانه يؤدّب عباده المسلمين إذا فعلوا ما يخالف شرعه وعصوا أمره قد يؤدبهم قد يعاقبهم؛ لينتبهوا، وليحذروا أسباب غضبه، فيمنع القَطْر كما منع في عهد النبي ﷺ وهو أصلح الناس عهد النبي ﷺ أصلح العهود، والنبي أصلح الناس وصحابته أصلح العباد، ومع هذا ابتُلوا بالقحط والجدب حتى طلب المسلمون من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يستغيث، وقالوا: يا رسول الله، هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله أن يغيثنا، فاستغاث فرفع يديه وقال: اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا؛ فأنزل الله المطر وهو على المنبر عليه الصلاة والسلام، أنشأ الله سحابة وهو على المنبر ثم اتسعت فأمطرت فخرج الناس تهمهم نفوسهم من شدة المطر فلم يزل المطر حتى جاءت الجمعة الأخرى، فجاءوا إليه وقالوا: يا رسول الله! هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله أن يمسكها عنا! فضحك عليه الصلاة والسلام - من ضعف بني آدم؛ في الجمعة الأولى يطلبون الغيث وفي الجمعة الأخرى يطلبون الإمساك- فرفع يديه وقال: اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر، قال أنس: فتمزق السحاب في الحال وصارت المدينة مثل الجوبة تمطر هاهنا وهاهنا.
فالمقصود أنه ﷺ استغاث وأصيب بالجدب في زمانه وأصاب أصحابه الجدب وهم خير الناس، تأديبًا وتنبيهًا؛ حتى ينتبه الناس، وحتى يضرعوا إلى ربهم ويسألوه من فضله سبحانه وتعالى؛ لأن تأديبهم فيه خير لهم؛ ينتبهون ويعبدونه بالدعاء ويضرعون إليه ويعلمون أنه الرزاق.
فالمقصود أنه ﷺ استغاث وأصيب بالجدب في زمانه وأصاب أصحابه الجدب وهم خير الناس، تأديبًا وتنبيهًا؛ حتى ينتبه الناس، وحتى يضرعوا إلى ربهم ويسألوه من فضله سبحانه وتعالى؛ لأن تأديبهم فيه خير لهم؛ ينتبهون ويعبدونه بالدعاء ويضرعون إليه ويعلمون أنه الرزاق.
فهكذا البلاد الإسلامية وإن كانت بلادهم أصلح من بلاد الكفار وهم خير من الكفار، وهم أعبد الناس لربهم سبحانه وتعالى، لكن يبتليهم بالسراء والضراء، بالسراء حتى يشكروه وبالضراء حتى ينتبهوا ويصبروا، وحتى يجازيهم بالأجر العظيم على صبرهم، وبالأجر العظيم على شكرهم، فإذا لم ينتبهوا أصيبوا بالجدب والقحط أو بتسليط الأعداء أو بغير هذا؛ حتى ينتبهوا، حتى يرجعوا إلى الله، حتى يتوبوا إليه، كما قال سبحانه: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30]، وقال في قصة أحد لما أصابهم ما أصابهم من الهزيمة قال: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا [آل عمران:165] يعني: يوم بدر قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوََ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ [آل عمران:165] فإن المسلمين في بدر نُصروا على الكفار وهزم الله الكفار وأسروا منهم سبعين وقتلوا سبعين من الكفار، صارت الدعوة على الكفار، والنصر للمسلمين، وفي يوم أحد جرى على المسلمين مصائب بأسباب أنفسهم؛ لأن الرسول ﷺ أمر الرماة أن يلزموا الثغر الذي خلف المسلمين وكانوا خمسين، أمَّر عليهم عبدالله بن جبير وقال لهم: لا تبرحوا مكانكم ولو رأيتمونا تخطفنا الطير سواء نُصرنا أو لم ننصر لا تبرحوا مكانكم، فلما نصر الله المسلمين وانهزم الكفار ظن الرماة أن هذا الفيصل وأن الأمر انتهى وأنه ما بقي إلا جمع الغنائم؛ فانصرفوا من مكانهم فأمرهم أميرهم أن يبقوا وذكَّرهم بقول الرسول ﷺ؛ فامتنعوا عليه وقالوا: إن الأمر انتهى والكفار انهزموا، فلما فعلوا ذلك جاءت الخيل خيل الكفار من خلف المسلمين ودخلوا مع هذا الثغر الذي أهملوه وصارت المصيبة على المسلمين بأسبابهم.
فالمقصود أن المسلمين قد يُبتلون بأمور فيها تذكير لهم وفيها مصالح لهم وربك أحكم وأعلم سبحانه وتعالى؛ لينتبهوا وليعلموا أن النصر بيد الله، وأن كونهم عبدوا الله وكونهم فيهم رسول الله لا يكفي، بل لابد من العمل بطاعة الله لابد من القيام بأمر الله لابد من الصبر على جهاد أعداء الله، ولهذا نبّههم بقوله سبحانه: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ[آل عمران:165].
فإذا كان الرسول ﷺ وأصحابه تصيبهم عقوبات الذنوب ويبتلون كما يبتلى غيرهم فكيف بغيرهم؟ أما أولئك الكفرة فقد فرغ منهم، قد أطاعوا الشيطان وتابعوا الشيطان في الهند وفي غير الهند وفي أمريكا وفي أنجلترا وفي كل مكان، فإذا أجرى الله على عليهم النعم وأدرَّ عليهم الأرزاق وجاءتهم الأمطار فهو استدراج لهم والعاقبة وخيمة، كما قال : فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً [الأنعام:44] فتنزل بهم عقوبات كما نزلت بهم في حروب، الحرب العظمى الأولى والثانية، نزلت بهم عقوبات بأسباب الكفر والذنوب، فالله سبحانه وتعالى يُملي ولكن لا يغفل سبحانه وتعالى وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ[البقرة:74]، ويقول سبحانه: وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ [الأعراف:183]، فقد يملي الله للكفرة ويتابع عليهم النعم من الأمطار وجري الأنهار وحصول الثمار ثم يأخذهم إذا شاء أخذ عزيز مقتدر سبحانه وتعالى، ثم هم بعد ذلك مستدرَجون فكلما زادت النعم واستمر الأمن عليهم وهم في معاصي الله والكفر به؛ صار العذاب يوم القيامة أكبر وصار أشد عليهم يوم القيامة مما لو أخذوا في الدنيا ببعض الشيء.
فينبغي للعاقل أن لا يغتر بهذه الأمور، وينبغي للمسلم أن ينتبه لهذه الأمور، وأن المسلمين قد يبتلون ثم تكون لهم العاقبة الحميدة، ثم بلواهم تنفعهم؛ إن بُلوا بالسراء وشكروا نفعهم ذلك، وإن بُلوا بالضراء فاستكانوا لله وصبروا وسألوه واستغاثوا به سبحانه وتابوا إليه نفعهم ذلك.
نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.
المقدم: اللهم آمين، إذاً قضية الفلك التي يذكرها أخونا لا علاقة لها بهذا الموضوع؟
الشيخ: لا، هذا يظنها عادة، لا ليست عادة، بل لله فيها الحِكَم سبحانه وتعالى. نعم.
فالمقصود أن المسلمين قد يُبتلون بأمور فيها تذكير لهم وفيها مصالح لهم وربك أحكم وأعلم سبحانه وتعالى؛ لينتبهوا وليعلموا أن النصر بيد الله، وأن كونهم عبدوا الله وكونهم فيهم رسول الله لا يكفي، بل لابد من العمل بطاعة الله لابد من القيام بأمر الله لابد من الصبر على جهاد أعداء الله، ولهذا نبّههم بقوله سبحانه: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ[آل عمران:165].
فإذا كان الرسول ﷺ وأصحابه تصيبهم عقوبات الذنوب ويبتلون كما يبتلى غيرهم فكيف بغيرهم؟ أما أولئك الكفرة فقد فرغ منهم، قد أطاعوا الشيطان وتابعوا الشيطان في الهند وفي غير الهند وفي أمريكا وفي أنجلترا وفي كل مكان، فإذا أجرى الله على عليهم النعم وأدرَّ عليهم الأرزاق وجاءتهم الأمطار فهو استدراج لهم والعاقبة وخيمة، كما قال : فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً [الأنعام:44] فتنزل بهم عقوبات كما نزلت بهم في حروب، الحرب العظمى الأولى والثانية، نزلت بهم عقوبات بأسباب الكفر والذنوب، فالله سبحانه وتعالى يُملي ولكن لا يغفل سبحانه وتعالى وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ[البقرة:74]، ويقول سبحانه: وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ [الأعراف:183]، فقد يملي الله للكفرة ويتابع عليهم النعم من الأمطار وجري الأنهار وحصول الثمار ثم يأخذهم إذا شاء أخذ عزيز مقتدر سبحانه وتعالى، ثم هم بعد ذلك مستدرَجون فكلما زادت النعم واستمر الأمن عليهم وهم في معاصي الله والكفر به؛ صار العذاب يوم القيامة أكبر وصار أشد عليهم يوم القيامة مما لو أخذوا في الدنيا ببعض الشيء.
فينبغي للعاقل أن لا يغتر بهذه الأمور، وينبغي للمسلم أن ينتبه لهذه الأمور، وأن المسلمين قد يبتلون ثم تكون لهم العاقبة الحميدة، ثم بلواهم تنفعهم؛ إن بُلوا بالسراء وشكروا نفعهم ذلك، وإن بُلوا بالضراء فاستكانوا لله وصبروا وسألوه واستغاثوا به سبحانه وتابوا إليه نفعهم ذلك.
نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.
المقدم: اللهم آمين، إذاً قضية الفلك التي يذكرها أخونا لا علاقة لها بهذا الموضوع؟
الشيخ: لا، هذا يظنها عادة، لا ليست عادة، بل لله فيها الحِكَم سبحانه وتعالى. نعم.