الجواب: نعم، حجه صحيح، حجه صحيح، أما سؤاله الناس ففيه التفصيل: إن كان سأل الناس عن حاجة وعن مسكنة وصدق، فلا حرج عليه والحمد لله.
أما إن كان سألهم تكثرًا وعن غير صدق فهو آثم وعليه التوبة إلى الله من ذلك، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه سأله قبيصة أن يساعده، فقال له ﷺ: اجلس حتى تأتينا صدقة بني فلان فنأمر لك بها، ثم قال: يا قبيصة! إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش -أو قال: سدادًا من عيش- ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه يقولون: لقد أصابت فلان فاقة، فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش -أو قال: سدادًا من عيش-قال: وما سوى ذلك -يا قبيصة- سحت يأكلها صاحبها سحتًا فهذا يدل على أن المسألة إذا كانت بغير الأوجه الثلاثة تكون محرمة، ومن هذا ما ثبت عنه ﷺ في صحيح مسلم أنه قال عليه الصلاة والسلام: من سأل الناس أموالهم تكثرًا فإنما يسأل الجمر فليستقل أو ليستكثر وهذا وعيد عظيم فالإنسان إذا كانت له واحدة من هذه المسائل فلا بأس أن يسأل: إما أن يكون تحمل حمالة، وإما أن يكون أصابته جائحة، وإما أن يكون أصابته فاقة، فالحمالة معناها: أنه تحمل دينًا لحاجة أولاده وعائلته أو تحملها للإصلاح بين الناس فإنه يعطى من الزكاة ما يسد هذه الحمالة وله أن يسأل إذا كان عاجزًا حتى تسد هذه الحمالة.
وظاهر النص ولو لم يكن عاجزًا، إذا كانت الحمالة في مصلحة المسلمين لا لحاجته هو، أما إذا كان لحاجته وأغناه الله فلا حاجة إلى أن يسأل، لكن إذا كان تحمل حمالة للمسلمين لمصلحة المسلمين، فهذا يعطى ولو؛ لأن قبيصة تحمل حمالة للإصلاح، فإذا تحمل إنسان مالًا ليصلح بين قبيلتين أو بين أهل قريتين أو نحو ذلك فهو مشكور وقد عمل عملًا طيبًا، فينبغي أن يساعد من الزكاة حتى لا يكسل الكبار والرؤساء والأعيان عن الإصلاح، فيعطى من الزكاة تلك الحمالة شكرًا له على عمله الطيب، وتشجيعًا له ولأمثاله على العودة إلى مثل ذلك من الزكاة أو من بيت المال.
الثاني: من أصابته جائحة اجتاحت ماله مثل سيل أو حريق أو ما أشبه ذلك مما يزول معه المال، فهذا يعطى من الزكاة أو غيرها ما يحصل به السداد، يعني: سداد حاله، قوام حاله، السداد -بالكسر-والقوام ما يسد الحاجة، يعني: يعطى من بيت المال أو من الزكاة ما يسد الحاجة حتى يلتمس له عملًا.. حتى يلتمس له سببًا يقوم بحاله.
الثالث: الذي كان في خير ثم أصابته فاقة، يعني: أصابته حاجة شديدة إما لكساد البضاعة التي يتسبب بها، أو لأسباب أخرى حصلت له فاقة غير الجائحة، أصابته فاقة بأسباب كثيرة إما رخص الأسعار، وإما مرضه وعجزه عن العمل، وإما غير ذلك، فهذا يعطى سدادًا من عيش، يعطى من الزكاة وغيرها ما يقوم بحاله ويسد حاجته شهريًا أو سنويًا فيستغني بذلك عن السؤال. نعم.
المقدم:بارك الله فيكم، إذًا: الشروع في الحج والمرء ليس لديه نفقته هذا غير جائز؟
الشيخ: لا يجوز له، إلا إذا تبرع له أحد بأن قال: تحج معنا يا فلان أو نعطيك النفقة فلا بأس، لكن لا يحج بسؤال الناس، الله جل وعلا إنما أوجب الحج على المستطيع، فالذي إنما يحج بسؤال الناس لا يسأل الناس، فإذا كان عنده ما يسد حاجتة فالحمد لله لا يسأل الناس، والحج ليس بلازم حتى يستطيع، لكن لو حج بمال حصل عن سؤال مذموم أو من طريق حرام كالسرقة أو الخيانة أو الربا أو ما أشبه ذلك صح الحج؛ لأن أركان الحج وواجباته كلها بدنية، وهو عليه التوبة إلى الله مما فعل، ورد الأموال إلى أهلها إن كانت عن سرقة أو نحوها. نعم.
حكم من يسأل الناس مالًا ليحج به
السؤال: أيضًا عن شخص يريد الحج لكن نفقة حجه كانت من سؤال الناس؟